جريمة ضحيتها شاب من اصول جزائرية تثير الجالية العربية في فرنسا
اعتبرها القضاء الفرنسي جريمة حق عام وتجاهلتها وسائل الاعلامجريمة ضحيتها شاب من اصول جزائرية تثير الجالية العربية في فرنساباريس ـ القدس العربي ـ من شوقي أمين:شعيب زحاف هو اسم الشاب الذي استقرت في جسمه رصاصات حاقدة أردته قتيلا يوم السبت في مدينة أولينس في ضاحية مدينة ليون (جنوب غرب فرنسا)، بينما كان يهم بالخروج من مقهي رفقة قريب له يدعي نبيل جربوعة والذي نجا بأعجوبة من موت مؤكد حيث اصابته رصاصة في الذراع تمكن الاطباء من استئصالها في الوقت المناسب.وحسب رواية نبيل الذي يعمل كوسيط اجتماعي في الأحياء الشعبية بالمنطقة، فان الجاني، وهو فرنسي يدعي جون ماري غارسيا، يكون تلفظ بألفاظ عنصرية معادية للعرب قبل أن يطلق الرصاص من مسدسه ببرودة صوب شعيب، فيما يري حليم شقيق الضحية أن أخاه قتل لأنه عربي. ولقد تسبب هذا الحادث المأساوي في اثارة غضب الشباب العربي بالمنطقة مع الاعتقاد أن تجند الشارع الفرنسي ليس نفسه عندما تعلق الأمر بمقتل يهودي في اشارة مباشرة الي الشاب ايلان حليمي الذي اختطفته مجموعة من الشباب في ضاحية باريسية لمطالبة أهله بفديته بالمال قبل أن يتركوه يلفظ أنفاسه جراء التعذيب.وتسود حالة من الاستنفار بين العائلات الفرنسية من أصول مغاربية، اذ تشعر باهمال ولامبالاة ازاء الجريمة وسط تكتم مطبق لوسائل الاعلام خاصة التلفزيونات منها. وباتت تتساءل العائلات أين هي تلك الحشود من المنظمات والأحزاب التي نددت بجريمة معاداة السامية ضد الشاب ايلان حليمي، وبالاعتداءات الكلامية المعادية لليهود التي يزعم أنها طالت بعض أبناء الجالية اليهودية في مدينة سارسال بالضاحية الباريسية وذلك قبل أن تنشر الشرطة خلاصات تحقيقاتها في القضية، اذ فور انتشار الخبر سارع وزير الداخلية لاستقبال عائلات ضحايا تلك الاعتداءات مع ممثلين رسميين للجالية اليهودية في مكتبه.وجدير بالذكر أن المجرم لم يتم التعرف عليه الا بعد أن قبضت الشرطة علي الشاهد الرئيسي، واسمه سيد علي، ظنا منها أنه الجاني المثالي في مثل هذه الحالات. لكن الأخير دلّهم علي الشاب جون ماري غارسيا الذي كان يحاول بكل هدوء الابتعاد عن الأنظار مستفيدا من حالة الفوضي التي أحدثتها طلقات مسدسه. ولقد نقل جثمان الشاب شعيب زحاف ليواري التراب ببلده الأصلي الجزائر، وتحديدا الي مدينة وهران (غرب) التي ينحدر منها والداه. والغريب في الأمر، أن الشرطة والقضاء الفرنسيين، يرفضون جملة وتفصيلا تكييف مقتل الشاب شعيب في خانة الجريمة العنصرية الموصوفة، مكتفيين بوضعها في سلسلة جرائم الحق العام.ورغم أن الحادثة وقعت في بلدة صغيرة قرب مدينة ليون، الا أن صداها هز كل الفرنسيين من أصول عربية. ففي باريس، علي سبيل المثال، تعالت صيحات التنديد بـ سياسة الكيل بمكيالين . وعبر المحتجون عن امتعاضهم وسخطهم من التمييز حتي في الموت ، مثلما أوضح العربي، وهو في الخمسين من عمره لـ القدس العربي مؤكدا في معرض انتقاده للسياسة الفرنسية، أنه لن تنظم مظاهرة وطنية كتلك التي نظمت في حق الشاب اليهودي لان الضحية اليوم عربي.أما السيدة زينب التي التقتها القدس العربي في سوق الخضر والفواكه الأسبوعي بحي بيل فيل الشعبي الذي تقطنه جاليات عربية ويهودية وآسيوية، فتحدوها قناعة بأن فرنسا تغيرت كثيرا والعيش فيها بات صعبا ، بسبب تصاعد موجات العنف العنصري وخطابات الحقد والكراهية ضد هذه الجالية أو تلك خاصة المسلمة منها. وأوضحت زينب أنه رغم مرور 45 عاما علي وجودها في فرنسا وحصولها علي الجنسية الا أنها ومعها أبناؤها وأحفادها لا يشعرون بمواطنة حقيقية. ولم تخف تخوفها من المستقبل الذي بات ينذر ببوادر حرب عنصرية أصبحت ارهاصاتها واضحة المعالم اليوم .من جهته قال عميد مسجد مدينة ليون، كمال قبطان، من حقنا أن نتساءل اليوم عن هذا التمييز الواضح في معالجة الجرائم في اشارة مبطنة الي التجنيد الذي لقيه مقتل الشاب اليهودي في أعلي هرم في السلطة الفرنسية ومقتل الشاب العربي، داعيا أعضاء الحكومة الي تغيير رؤيتهم الي الجالية المسلمة.ولا يختلف اثنان اليوم في أن المجتمع الفرنسي ليس في أحسن أحواله في ظل وجود معطيات حقيقية عن وجود فروقات فردية واجتماعية تمارس ضد الجالية العربية الاسلامية من شأنها أن تفشل حتما كل مساعي الادماج التي باتت الهاجس الأول للحكومة الفرنسية، كما أنها ستعزز ولا شك الانطواء الاثني وما يحمل من مخاطر تهدد تماسك الوحدة الوطنية في انتظار التطبيق الفعلي لثالوث الحرية والمساواة والأخوة ،ركائز الجمهورية الفرنسية.