تهديدات امريكا بالحرب علي ايران
تهديدات امريكا بالحرب علي ايرانكشفت صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية في عددها الصادر امس ان خبراء استراتيجيين في وزارة الدفاع الامريكية وضعوا خططا عسكرية لضرب مواقع نووية ايرانية من الغواصات النووية في البحر وبواسطة القاذفات الجوية المتمركزة في القواعد الامريكية في المنطقة.هذه الخطط، مثلما قالت الصحيفة، هي الملاذ الاخير وبعد فشل الوسائل الدبلوماسية في اقناع ايران في وقف برامجها لتخصيب اليورانيوم والسماح بعودة التفتيش المفاجيء من قبل مراقبي وكالة الطاقة النووية الدولية.الجهود الدبلوماسية وصلت الي طريق مسدود، والولايات المتحدة قررت من خلال استخدامها للوكالة الدولية عرض البرنامج النووي الايراني علي مجلس الامن لاستصدار قرار دولي يجرم ايران، ويدين برامجها النووية، ويمهد الطريق لفرض حصار اقتصادي كمقدمة لضربات عسكرية علي غرار ما حدث للعراق.هذا التسريب حول وجود مثل هذه الخطط لضرب ايران ربما يكون بهدف التخويف والارهاب، لانه من غير المعقول ان تكشف وزارة الدفاع الامريكية عن خطط علي هذه الدرجة من الخطورة والسرية الي صحافي بريطاني او امريكي، الا اذا كان الهدف هو ايصال رسالة تهديد الي ايران لعلها تتراجع عن موقفها المتصلب تجاه نواياها بالمضي قدما في عملية تخصيب اليورانيوم لانتاج الوقود النووي الذي يمكن استخدامه في تشغيل المفاعلات لانتاج الطاقة، او صنع رؤوس نووية، او الاثنين معا.ايران ليست بحاجة فعلا الي توليد الطاقة من المفاعلات النووية، فهي تسبح علي بحر من النفط والغاز، وما تقوله الادارة الامريكية في هذا الخصوص صحيح مئة في المئة، ولكن هذا لا يتعارض مع حق ايران في انتاج الوقود النووي لاستخدامه في الاغراض السلمية، مثل توليد الطاقة والاستخدامات العلمية والطبية الاخري.البرازيل والارجنتين ودول اخري لجأت الي تخصيب اليورانيوم للحصول علي الوقود النووي، واستخدمت هذا الوقود فعلا في اغراض سلمية، ولم يعترض احد. فلماذا الاعتراض علي ايران والتهديد بقصف منشآتها النووية وتدمير بناها التحتية لانها تريد ان تفعل ما فعلته البرازيل والارجنتين ودول اخري؟ربما يكون هناك خوف من استخدام ايران للوقود النووي لانتاج اسلحة نووية، وهذا خوف يرتكز علي تحليل منطقي، ولكن لماذا لا تقدم ايران علي انتاج اسلحة نووية وهي تشاهد الولايات المتحدة تضعها ضمن دول محور الشر، وتحتل دولة مجاورة لها من الغرب (العراق) واخري مجاورة لها من الشرق (افغانستان)؟ان التهديد باستخدام القوة والقصف الجوي والبحري لاهداف ايرانية ربما لن ينجح في دفع ايران لتليين موقفها والتراجع عن خططها في انتاج الوقود النووي، بل قد يؤدي الي نتائج عكسية تماما، اي يدفعها الي المزيد من التصلب.ولعل واشنطن لم تكتف بالخطيئة التي اقترفتها في حق نفسها اولا ثم في حق شعوب المنطقة عندما فتحت بابا لجهنم في العراق، وتراودها افكار اقتراف غزو آخر لايران لكي تنفتح كل الابواب علي مصاريعها للنيران في قوس ممتد من خاراسان الي صور يعصف بالمنطقة كلها ويزلزل الارض من تحت اقدامها في العراق، ويضع السلم العالمي كله امام مخاطر غير مسبوقة بحيث ترتسم كل النتائج لحماقة هذه الادارة التي اخطأت في قراءة الواقع، وفي قراءة التاريخ وفي الاستفادة من العبر الراهنة، مثلما بدا انها مرشحة للمزيد من الاخطاء في استشراف المستقبل.ان هذا ما تدلنا عليه السطور التي نشرتها صحيفة الصنداي تلغراف ، او التي جري تسريبها الي الصحيفة لكي تؤدي غرضاً ساذجاً وهو التهديد والوعيد.9