تنبيه الغافلين من الإخوان والآخرين

حجم الخط
0

تنبيه الغافلين من الإخوان والآخرين

عادل الحامديتنبيه الغافلين من الإخوان والآخرين عندما تكون مؤسسة الأمن الداخلي في منأي عن الصراع الحزبي فإن المواطن يهرع إلي هذه الأم الرؤوم كلما حز به أمر. ولست مبالغا في ذلك فالمواطن الغربي الذي أتقاسم معه رغيف الحياة لا يثق في أمه ولا في أبيه بل يثق إلا في الدولة، بينما يثق المواطن العربي في كل شيء باستثناء الدولة لسبب بسيط وهو أن السلطة في هذه البلدان التي يمثلها الشرطي هي السلطة التي تهيمن علي الجميع بدون استثناء. وقد رأيت بأم عيني نائب رئيس الوزراء البريطاني ومواطنا في الساحة العامة يتلاكمان ثم يأوي كل منهما إلي بيته آمنا تحت أعين الشرطة وتحت حمايتها. فأجهزة الأمن هي ملك للجميع وهي من أدوات الدولة التي تحمي بها أمنها وأمن مواطنيها ولا يسمح لها بالتسلط علي أي حزب ولا علي أية هيئة ولا علي أي فرد وهي حيادية بصرامة القانون وصرامة الدستور وصرامة الواقع، يستوي عندها الشيوعي والإسلامي والليبرالي القديم والجديد.وإذا قدر لك أن تكون مواطنا في هذه البلدان وقررت أن تقوم بواجبك الإنتخابي فتأكد أنك لن تجد حول الصندوق رجل أمن واحد، ولكن ستجد أمثالك ممن ينتمون إلي أحزاب أخري يقومون جميعا بواجبهم الإنتخابي والجميع يبتسم. وهنا لا بد من التعريج علي أن مشكلتنا الثقافية تكمن في أن مخيالنا الجمعي يري في رجل الأمن رمز الدولة بينما هو حارس يحرس أمن الجميع. ولقد رأيتني سكرانا من هول ما رأيت بين الناخب الإخواني والشرطي المتصدي لهذا الناخب يتبادلان حجارة الانتفاضة والرصاص المطاطي والحي علي مرأي ومسمع من الإعلام العالمي كله.لم تعدم المنطقة العربية أمثلة متناثرة علي طرائق حقن المصل الإخواني في شرايين السياسة العربية المصابة بالتصلب المزمن لعل أقدمها التجربة الكويتية المبكرة وسبق هذا البلد الصغير إلي دمقرطة الحياة السياسية متحدية بذلك محيطا سياسيا عائما في دياجير الماضي يحسب معظمه باطلا علي إسلام هذه الأمة ـ يبدو كما لو أنه لم يعرف محمدا صلي الله عليه وسلم ولا سقراط ولا حتي عفلق ذلك المفكر المستنير، لكن الإخوان في البرلمان الكويتي تقوقعوا علي أنفسهم وعضوا بالنواذج علي الخوض في سياسة الفروج كأن لم تكن الكويت وأموال الكويت مسخرين لخدمة قضايا العرب والمسلمين متناسين الدور الريادي لبرلمان كويت ما قبل الغزو فأدركهم الفناء السياسي المحتوم مكفنين في عباءة من الجمود الفكري الإخواني وعمومياته يوم تمرد علي كل من الخرافة ومشاعية أربعينات القرن الماضي، فلما أسقطهما ظل (هذا الفكر) مربوطا إلي آخيته لا يكاد يخوض إلا فيما هو معلوم ـ حتي للقطط ـ من الدين بالضرورة.أما ملكيتنا الدستورية في مغرب العرب والعجم وكدت أقول العلوج لولا أن الصحاف رحمه الله حيا وميتا كان يومها يخوض حربا باطلة أريد بها حق أباحت له السباب.. قلت إن يسار المملكة الوطني الذي وثق به ملك البلاد بدا بعد التجريب والتمحيص كما لو أن إيمانه بالتعددية لا يساوي عند الله ولا عند الناس جناح بعوضة، إذ لم تكد تمر أشهر معدودات علي تفجيرات الدار البيضاء حتي انتكس الإسلام السياسي المطلوب رأسه علي الدوام فلم نعد نسمع لأهل دياره حسيسا ولا ركزا، كما لم نعد نقرأ لشعراء أهل الدار في البرلمان المغربي ولو معلقة أو حتي مرثية إبداع تنعي إلينا مصير الديمقراطية الفتية رغم أنني لا أعول كثيرا في أحكامي علي التفسير التآمري للأحداث ولا للتاريخ حياء من الشرط واستحياء من إلياسين والجابري والمنجرة! إذا، من للإخوان قبسا يستلهمون منه نارا كاشفة لصرف المال العام المصري وضمان حق تقرير المصير للشعب المصري عبر صناديق الاقتراع؟عندما يزور واشنطن مسؤول عربي يلقي حسن الضيافة وجميل الترحاب من مضيفيه الأمريكان تماما كالأوروبيين ومن عداهم. لكن ثمة بونا شاسعا بين من يلقي الثناء لأنه يسمع ويطيع وبلا أدني نقاش حول ما يستر عورة هذا السياسي أمام شعبه وبين من يلقي ما يليق بمن يمثل شعبه المكافح الحر والمبدع والذي انتصر علي الجوع الداخلي وعلي القهر الداخلي والحيف الداخلي، فهو قوي يحس أنه شريك للولايات في المغنم والمكره والمصير. فعلي الإخوان أن يعوا جيدا أن يوم الزينة الانتخابي يوم أن حشر خمسة ملايين من المصريين أماناتهم في صناديق الامتحان ليس إلا تعبيرا عن الجوع إلي قيم الجمال من عدل وإنصاف وإحسان وحاجة أشد إلي قيم الجلال من إدارة محايدة وشرطة أشد حيادا ودوائر محاسبات في كل حتة تسهر بالليل والنهار علي كيفية صرف المال العام، ووزارات سيادة ومؤسسات دستورية تليق بتمثيل سبعين مليون مطلوب منهم جميعا وبكل إلحاح إنجاز العبور الديمقراطي المنشود وضمان الخير المصري المفقود.وللدكتور عصام العريان الناطق باسم الإخوان المسلمين في مصر الذي عرت لنا القنوات الفضائية العربية والغربية بعض أفكاره أقول له بتواضع المتعلم ولكن المكتوي بل الملتاع من الواقع العربي اللازمني، أقول له إن آخر ما أريد أن أسمعه منك ومن الإخوان ما أسمعه منذ عقود من أن الإسلام هو الحل، فهذه المقولة تشبه لا إله إلا الله تماما لا يمكن أن تكون محل خلاف حتي بين المسلمين وكثير من المنتسبين إلي الأديان الأخري ولكن الذي نخاف ونخشي هو ما تعنيه، لا أقول مثل من يجحد نعمة ربه عن أي إسلام تتحدث فتلك مقولة فاجرة، ولكن أقول هات لنا برنامجك السياسي والإقتصادي ونحن معشر المصريين أقباطا ويسارا وأمواجا من المسلمين سوف نقبل بكم وبأطروحاتكم. وأهمس في أذن الناطق باسم الإخوان أن تجربة حزب الرفاه التركي الذي انتقل إلي حزب العدالة والتنمية هي تجربة تقطر إسلاما استطاعت بالأمانة وحدها أن تطعم أفواه الجياع وتعيد نسبة الدين الخارجي في ظرف ثلاث سنوات من 91 بالمئة إلي 63 بالمئة، دون ترديد شعارات يحتاج مطلقها إلي تفسيرها ليس لخصومه من السياسيين بل لقواعده من العوام والمثقفين.أما رأيي للكتاب والسياسيين من المصريين والعرب والغربيين الذين يخشون من المشاريع الشمولية المنفلتة للإخوان وبعبع الإسلام السياسي الذي يتزيا أصحابه بالدين لأغراضهم الشخصية والحادبين علي مصالح وحقوق الأقباط المصريين فإن المطلوب منهم جميعا الاحتكام لقيم المواطنة وتغليب حسن الظن وإفساح المجال للتجربة الديمقراطية الواعدة في مصر كي تشرق علي العالم العربي قبل أن تعم الفوضي ويصول المحتل ويجول في كل شبر من أراضينا الملتهبة.ومع أن صاحبي ـ فرج الله كربه ومد في عمره ـ يحمد الله إذ أنعم عليه فأخرجه من بلاد العرب وجاء به إلي أوروبا العلوج!!! حيث الغرب الذي أنعم الله عليه بحكومات غلب خيرها شرها، ويقسم أن أدناها أقرب إلي الإسلام وإلي روح الإسلام وإلي شرائع الإسلام من أغلب الحكومات العربية.. مع ذلك أهمس في أذنيه ولكل الذين اكتووا بالاستبداد وهفت أرواحهم إلي أن تشرق شمس يوم علي أوطانهم وهم أحرار، أقول أهمس في أذني صاحبي بأن الحرية والديمــــقراطية المرجوتان اختطفتا في زحمة المعاناة الشديدة وأن أس البلاء المتمثل في السلطة لم يحسم بعد حتي مع الديمقراطيين الجدد ولو كان بعضهم من الإخوان… كاتب وإعلامي تونسي يقيم في بريطانيا8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية