تقهقر اللغة العربية في الاعلام الجزائري
تقهقر اللغة العربية في الاعلام الجزائري إن وجه أي شعب هو لغته، فإذا شُوِّهت اللغة شوه وجهه. واللوبي الفرنكفوني المسيطر علي إدارة الدولة، بعد أن تمكّن من تجميد إعادة الاعتبار للغة العربية، والعمل علي تصفية المكاسب التي حققتها في عقود الاستقلال، وإعادة اللغة الفرنسية إلي وضع سيطرتها علي الإدارة والاقتصاد والمحيط ، ها هو الآن يمرّ إلي مرحلة جديدة تتمثل في ضرب اللغة المتداولة بين الناس وذلك بتشويهها.لقد أوعز اللوبي الفرنكفوني للناس أن العربية ليس لها مستقبل، وأن المستقبل للغة الفرنسية، فراح الفرد يعمل علي مسايرة هذا الإيعاز خشية أن يحرم من لقمة العيش، وذلك بإقحام كلمات في لغة التخاطب، وصار المواطن يتحدث بهذه اللغة الهجين حتي يبين أنه متمدّن عصراني وحَداثي. وقد استفحلت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، فصارت كلمة جرِّبْ (سِيِّيي) وكلمة عصبيّ (مْـنرْفي)، وانتقلت هذه الظاهرة لتصبح اللغة الرسمية المتداولة بالبلاد عبر برامج سمعية بصرية معينة (كبرنامج الصراحة راحة)، وعبر محطات إذاعية كاملة كإذاعة البهجة.بل وانتقلت من الشارع لتصبح لغة التلفزة في برامج منوعاتها، وظهر ذلك جليا في الفضيحة الوطنية الكبري التي أطلق عليها ما يسمي ( بالفنك الذهبي)، حيث أُحضرت فتاة دُمْية عُبئت آليا وأطلقت ترفس، فقَدمت الحفلة المفتوحة علي العالم عبر الفضائيات الثلاث بلغة أهانت فيها الشعب الجزائري، من خلال استعمالها للغة مشوّهة مرقّعة كلمة من هذه اللغة وكلمة من تلك وكلمة من لغة ثالثة، في حضور وزيرة الثقافة والمدير العام للتلفزة وفنانين عرب كبار من المغرب والمشرق.ولقد فهمت الشركات الأجنبية العاملة في بلادنا، بأن هذه الظاهرة مبنية علي سياسة الدولة، فراحت تبث إعلاناتها الإشهارية إمّا بالفرنسية أو بهذه اللغة اللقيطة، فشوهت شوارعنا ومفارق طرقنا بلغة لا هي بالعربية ولا هي بالفرنسية.إن هذا الوضع مبني علي أساس إهمال قانون تعميم استعمال اللغة العربية، الذي جُمّد عمليا وبدون مرسوم منذ سنوات، كما أشارت الجمعية إلي ذلك في عدة مناسبات. فهذا القانون هو الكفيل بحماية هويتنا الوطنية، وإبراز وجه الشعب الجزائري صافيا جميلا غير مشوّه، يليق بعقود جهاده الصلب والقاسي من أجل حماية سائر مقوماته الوطنية. والفرنسيون، الذين يحب البعض من إداريينا الاقتداء بهم، يحمي لغتهم من تهديد اللغة الإنجليزية قانون حماية اللغة الفرنسية والمسمّي بقانون توبون، الذي صدر سنة 1994 بمناسبة ذكري المائتي سنة لقانون تعميم استعمال اللغة الفرنسية.لقد أقمنا الدنيا وأقعدناها احتجاجا علي قانون 23 فبراير الفرنسي الممجّد للاستعمار، ولم يهتد صناديد ساستنا إلي أن الرد علي الفرنسيين لا يأتي بالاحتجاج اللفظي أو بتزويق التصريحات، وإنما بالعودة إلي لغتنا والعمل علي سيادتها في أرضها، وتوجيه الناس إلي الكف عن التحدث بالفرنسية أو بهذه اللغة المرقّعة، بهذا يكون الرد فاعلا علي البرلمان الفرنسي الذي سيحسّ بوجَعه. أما استمرار سيادة اللغة الفرنسية ببلادنا علي حساب وضع لغتنا العربية الشرعي، فهو تأكيد لصواب قانون 23 فبراير الفرنسي، وهو تمجيد عمليّ لأعمال الاستعمار الفرنسي بالجزائر المجسّمة في بقاء سيادة لغته وثقافته في بلادنا، لأن الفرنسية المستعملة بالجزائر ليست لغة موليير وإنما هي لغة لاكوست والأقدام السوداء. الدكتور عثمان سعديالجزائر6