تقارير: الميليشيات المسلحة استغلت حظر التجول لمواصلة عمليات التصفية واحتلال المساجد
اعمال العنف تهدد بتحول العراق لدولة فاشلة يحكمها رجال دين يتحولون الي رجال حربتقارير: الميليشيات المسلحة استغلت حظر التجول لمواصلة عمليات التصفية واحتلال المساجدلندن ـ القدس العربي : استغلت فرق الموت والميليشيات المسلحة التابعة لتنظيمات شيعية فرصة حظر التجول التي فرضتها الحكومة الانتقالية المنتهية ولايتها علي معظم المدن العراقية لممارسة عمليات التطهير والقتل، وسط تقارير جديدة عن طبيعة عمل هذه الفرق التي تقول انها مسؤولة شهريا عن مقتل المئات من العراقيين الذين يعذبون ثم يعدمون ويرمون في المصارف الصحية او بين اكوام القمامة التي تنتشر في احياء العاصمة العراقية. وكشفت صحيفة واشنطن بوست الامريكية ان الميليشيات تحركت بحرية وقامت باحتلال مساجد السنة تحت ذرائع مختلفة، حيث نقلت عن قيام مجموعات باحتلال مسجد الحسن واعادت تسميته باسم الامام علي، تحت ذريعة ان صدام حسين قام باعطائه للسنة. وقالت انه في الوقت الذي كان يجب فيه ان تكون بغداد وعدد من المحافظات العراقية تخضع لحظر التجول كانت الميليشيات الشيعية تتحرك بحرية في شوارع العاصمة وبمعية افراد الشرطة العراقية، وقامت باحتلال عدد من مساجد السنة، واعتقال وتعذيب آخرين. وشاهد عدد من سكان العاصمة، سيارات من نوع بيك اب وهي تخوض في الشوارع وفيها عدد من اعضاء هذه المجموعات المسلحة. في الوقت الذي اخترقت فيه جماعات جيش المهدي، التابعة لمقتدي الصدر، الزعيم الشيعي الشاب، وقوات بدر التابعة للمجلس الاعلي للثورة الاسلامية في العراق، فرق الامن وقوات الامن. وكانت القوات الامريكية قد اعترفت هذا الاسبوع بالمشكلة وهي التي تحدث عنها السنة في الماضي.وقال مسؤول عسكري ان الحكومة العراقية اصدرت اوامر باخلاء المساجد التي احتلها اتباع جيش المهدي وفكرت باخلائها بالقوة الا انها تخلت عن الفكرة خوفا من التصعيد. ومع ان المتحدثين باسم جيش المهدي قالوا ان السيد مقتدي الصدر امر بحماية المساجد، السنية والشيعية الا ان عددا من المصلين السنة، قالوا ان مساجدهم استهدفت وتم اعتقال عدد من المصلين وبعد فترة عثر علي جثثهم. وقال احد اصحاب المحلات ان الذين فجروا مسجد الامام الهادي في سامراء ارادوا اشعال الحرب الاهلية بين السنة والشيعة. وجاء في تقرير مطول نشرته اندبندنت اون صاندي ان مئات العراقيين يعذبون حتي الموت او يُعدمون كل شهر في العاصمة بغداد وحدها علي أيدي فرق التصفية التابعة لوزارة الداخلية العراقية. ونقلت الصحيفة عن المسؤول السابق عن حقوق الانسان لدي الامم المتحدة في العراق جون بيس والذي جاء من بغداد قبل اسبوعين، حيث قال ان ثلاثة ارباع من الجثث المحفوظة في مشرحة بغداد المركزية تحمل آثار التعذيب بالمسبار او حرق تم بالسجائر، وطلقات نارية علي الرأس. ومعظم عمليات القتل والتصفية تقوم بها جماعات تابعة لوزارة الداخلية. وبحسب الارقام قال بيس ان مشرحة بغداد تلقت 1100 جثة في تموز يوليو الماضي من بينها 900 جثة تحمل آثار التعذيب والاعدامات السريعة. مشيرا الي ان عدد القتلي استمر علي هذا المستوي خلال عام 2005 وحتي كانون الاول (ديسمبر) الماضي حين انخفضت الي 780 جثة من بينها نحو 400 جثة تحمل آثار جروح بالرصاص والتعذيب. وقال بيس ان عمليات التصفية ينفذها أي شخص يرغب بتصفية حسابات لاسباب مختلفة، إلا ان معظمها يتم علي أيدي عملاء تابعين لوزارة الداخلية العراقية ، واتهم بيس وزارة الداخلية انها تتصرف كعنصر مارق داخل الحكومة وتخضع لهيمنة الحزب الشيعي المجلس الاعلي للثورة الاسلامية في العراق . وقال ان بيان جبر كان زعيما سابقا لميليشا فيلق بدر التابعة للمجلس الاعلي للثورة الاسلامية في العراق والتي تعتبر واحدة من الجماعات الرئيسية المتهمة بتنفيذ التصفيات الطائفية الي جانب جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي الشاب مقتدي الصدر. وقال ان قوات الامن مخترقة من قبل جماعة بدر، وليس قوات الذئب، او العقرب او النمر بل القوات التي تقوم بحراسة الشوارع. ويقول بيس، الاسترالي المالطي الاصل والذي يعيش في سيدني ان العنف ودوامة العنف، دفعت بالمواطنين للاعتماد علي جماعات متطرفة من اجل الحماية. واتهم بيس القوات الامريكية التي تقوم باعتقال الشباب الذين يتحركون بين المدن العراقية، وبعدها ينتمون للجماعات المقاتلة للانتقام من امريكا، مشيرا الي ان التواجد الامريكي يسبب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ويخلق مشاكل إنسانية لعدد كبير من المدنيين الابرياء تدفع الكثير من هؤلاء الافراد للانضمام الي التمرد والجماعات الارهابية. وقال بيس ان العائلات العراقية اتصلت مرارا بمسؤولي الامم المتحدة لطلب المساعدة لاخراج أبنائها من العراق بعيدا عن تأثير المتمردين الذين يلتقونهم في السجون، وصار الكثير من المواطنين العراقيين يهربون من بلدهم بسبب العنف، فالذين يملكون المال يتوجهون الي الاردن أما الفقراء منهم فيذهبون إلي سورية.ويتحدث الكثيرون عن شكل من اشكال الحرب الاهلية التي اكد كثيرون انها بعيدة عن العراقيين. وكان سعدون الدليمي، وزير دفاع الحكومة الانتقالية قد حذر من مغبة الوقوع في حرب اهلية، حيث قال انه لو بدأت الحرب الاهلية فلن يكون لها نهاية. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول غربي في بغداد قوله الانقسام الطائفي ليس جديدا في العراق ولا العنف، الجديد هو الطريقة التي اندلعت فيها الاحداث الاخيرة ، مشيرا الي القتلي الذين قتلوا والمساجد التي استهدفت. وكان زعيم المجلس الاعلي للثورة الاسلامية في العراق، عبد العزيز الحكيم، قد دافع عن حق الشيعة بالدفاع عن انفسهم. واتهم معلقون عددا من المرجعيات الدينية التي تحاول استغلال العنف الطائفي لتحقيق اغراضها السياسية. وقال معلق نقلت عنه نيويورك تايمز ان هناك عددا من المرجعيات الدينية السياسية التي لا يهمها الدفع من اجل تحقيق اهدافها حتي لو ادي ذلك لاندلاع حرب اهلية. وقال عدنان الباجه جي، احد اعضاء مجلس الحكم الانتقالي السابق ان السكان في العراق بدأوا يفقدون الثقة بالطبقة السياسية. ويري معلقون ان العنف الجديد، يؤثر علي استراتيجية امريكا التي خسرت الكثير واعترفت بسلطة المرجعيات الدينية، مع انها تمسكت بحلفائها، العلمانيين، خاصة احمد الجلبي الذي فشل بالفوز في اي مقعد في الانتخابات الاخيرة، وكان احد مهندسي غزو بلاده، واياد علاوي، رئيس الوزراء الانتقالي السابق، واحد المقربين من المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه). وقال معلق عراقي ان الامريكيين كانوا يعرفون نتائج عمليتهم في العراق ولكنهم اساءوا تقدير قوة الملالي والمرجعيات، وظنوا ان بمقدروهم السيطرة عليهم. وقال احد مستشاري رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ان احدا لم يقرأ الوضع الجديد في العراق وان الوضع اكثر قطبية. وفي الوقت الذي تري فيه امريكا حاجة بالتعامل مع عدد من القيادات المعتدلة، خاصة في الخارج، مثل اياد جمال الدين، وعبدالمجيد الخوئي، الا ان الامريكيين لم يمتلكوا الوعي الكافي لفهم تعقيدات الوضع في العراق. ويخشي العراقيون الان من الاستقطاب الجديد بين الحكيم، والصدر، حيث اثر هذا الاستقطاب علي كل نواحي الوضع العراقي، وسط تصاعد سلطة الصدر الذي مارس تأثيره في انجاح ابراهيم الجعفري، ضد مرشح حزب الحكيم، عادل عبد المهدي.وتقول صحيفة لوس انجليس تايمز انه بدلا من تحويل الاموال لتحسين البنية التحتية التي تتراجع منذ الاحتلال الامريكي في نيسان (ابريل) 2003 فانهم يحولون الاموال لمنع الحرب الاهلية. ويري عدد من المعلقين شبح لبننة للعراق، حيث يرون عراقا موزعا بين سلطة الملالي الذين صاروا رجال حرب، ويقومون بالسيطرة علي اجزاء مما تبقي من الدولة العراقية. وهذا السيناريو يؤثر علي الخطط الامريكية التي تحاول التعجيل في اختيار حكومة دائمة لمدة اربعة اعوام وتخفيض قواتها في البلاد. ومع عدد من المعلقين يقولون انه من الباكر جدا الحديث عن مستنقع عراقي، الا ان الادلة تشير الي تحوله لدولة فاشلة مثل الصومال، وافغانستان. ويقول متخصص في مناطق النزاع ان التوقعات من الامريكيين وبناء عراق ناجح انخفضت، والهدف الان ليس انشاء ديمقراطية تكون نموذجا مشعا علي المنطقة، بل دولة قوية قادرة علي الثبات واحتواء العنف. ويؤكدون هنا علي اهمية قيام حكومة مركزية، قبل الحديث عن بناء فدراليات. ويشير المحللون الي ان اهم اسباب الفشل الامريكي هي اعتمادها علي القيادات الدينية، واستغلالها للانقسام الطائفي والعرقي. فمن اجل الاستجابة لما رأته الظلم الذي تعرض له الشيعة والاكراد في ظل نظام صدام حسين السابق، فانها قامت بتشجيع الانقسامات والمحاصصة الطائفية. ويري المحللون ان لبننة العراق واضحة، وتتبدي من خلال قرار الامريكيين عدم التدخل في النجف واجبار قوات المهدي علي تسليم اسلحتها كما ان تمسك الاكراد وبقية الاحزاب الشيعية بالميليشيات المسلحة يشير بهذا الاتجاه. ويقول محلل انه في حالة اندلاع الحرب الاهلية، فان نظاما ديكتاتوريا جديدا قد يبرز من حطام هذه الحرب