تفجير سامراء.. قراءة في السياق السياسي للجريمة!

حجم الخط
0

تفجير سامراء.. قراءة في السياق السياسي للجريمة!

علاء اللاميتفجير سامراء.. قراءة في السياق السياسي للجريمة! (يكادُ المريبُ يقولُ خذوني.. مثل عربي قديم)انقلاب أبيض فاشل: يكاد الوضوح، بل السطوع الذي أحاط بمقدمات جريمة تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري ع في سامراء يشي بجميع تفاصيل ما تلي من أحداث. فقبل أيام قليلة من وقوع هذه الجريمة المروعة، أطلق زلماي خليل زاد السفير الأمريكي في بغداد وخليفة الحاكم الأمريكي مطلق الصلاحيات بول بريمر مجموعة من التصريحات شديدة اللهجة، وجديدة المضــــمون، إلي درجة دفعت البعض للكلام عن انقلاب أبيض ضد نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة. من ذلك مثلا، تدخله في صميم عملية تشكيل الحكومة المقبلة وتحديد مواصفات خاصة لمن ينبغي أن يتولي وزارتي الدفاع والداخلية إضافة إلي مهاجمة أحد الوزراء الحاليـــــين واتهامه بالطائفية. ولسنا هنا في وارد تأكيد أو نفي اتهامات خليل زاد لذلك الوزير، بل في صدد قراءة السياق السياسي لجريمة التفجير التي هـــــزت العراق من أقصاه إلي أدناه هزا عنيفا، وكادت تغرقه في نموذج فتاك من الحروب الأهلية.المأزق الكردستاني: إلي ذلك، وفي السياق السياسي ذاته، أعربت قيادات كردية (قائمة التحالف الكردستاني) عن امتعاضها الذي بلغ درجة استعداء الآخرين ضد مرشح قائمة الائتلاف الإسلامية الشيعية وصاحبة الأغلبية لرئاسة الوزارة إبراهيم الجعفري، والمطالبة بتوسيع صلاحيات رئيس الدولة وهو بموجب العرف الدستوري الوليد يجب أن يكون كرديا، وحسم قضية كركوك باتجاه إلحاقها بالإقليم الشمالي ذي الأغلبية السكانية الكردية. معلوم أن قائمة التحالف الكردستاني كانت أكبر الخاسرين في الانتخابات الأخيرة، حيث خسرت ربع ما حصلت عليه في الانتخابات الأولي التي قاطعتها جماهير المنطقة الغربية ومنها عاصمة الشمال العراقي الموصل تقريبا، أما في الانتخابات الأخيرة، وبفعل مشاركة جماهير هذه المنطقة، فقد عاد التحالف الكردستاني إلي حجمه ووزنه الحقيقيين أو القريبين من الحقيقيين، فبعد أن كان يشيع ويؤكد ان الأكراد يشكلون نصف سكان الموصل ويشكك بالتالي بكونها مدينة عراقية عربية، جاءت نتائج الانتخابات الأخيرة لتنفي والي الأبد تلك المزاعم، فأعطت للتحالف الكردستاني أربعة مقاعد لا غير، مقابل أربعة عشر مقعدا للقوائم العراقية العربية. لقد كان التحالف الكردستاني في حالة انحشار وانحسار استراتيجيين شديدي الخطورة، وكان – التحالف – يسعي إلي الخروج من تلك الحالة التي جعلت أغلب منجزاته التي حققها بفعل تحالفه السخي مع الاحتلال تتآكل بسرعة، حتي لقد سمعنا من بدأ يشكك بموضوع النظام الاتحادي الفيدرالي ذاته علي اعتبار أنه ليس موضع إجماع وطني كما يعلن التحالف الكردستاني بمناسبة أو بدونها. للعلمانيين حصتهم: من جهتها كانت قائمة أياد علاوي العراقية تعيش مأزقها الخاص والمشابه كقائمة علمانية ترفض المحاصصات الطائفية والعرقية من جهة وتسعي إلي الوصول مع الاحتلال إلي حلول معينة تجعل منها القوة الحاسمة في السلطة التشريعية والتنفيذية من جهة مقابلة. جوهر المأزق الذي تعاني منه قائمة العراقية ليس في توجهاتها العلمانية والرافضة للاجتثاث والمدافعة عن حقوق المرأة والداعية للمصالحة الوطنية وللدولة الديموقراطية القوية بل في أمرين مختلفين:الأول: سياساتها الغامضة، إن لم نقل المداهنة للاحتلال، والساكتة عن موضوع جلاء المحتل.والثاني: في نوعية الزعامات السياسية التي تصدرت القائمة والأمر يتعلق هنا تحديدا في وجود مسؤولين سابقين في الحكومة التي أدارت عمليات قمع الانتفاضات في النجف والفلوجة كالسيد أياد علاوي رئيس الوزراء السابق ذاته، ورئيس الجمهورية السابق غازي الياور، إضافة إلي وجود زعامات حزبية وشخصيات عرفت بمواقفها المهادنة للاحتلال والتي شاركت في الهيئات الحكومية التي شكلها.فضيحة فرق الموت: إذا ما أضفنا إلي ما سبق من التفاصيل التمهيدية في السياق السياسي واقعة افتضاح قضية فرق الموت ، والتي فجرها لأول مرة الكاتب الأمريكي ماكس فولر ، ثم أعاد أحد المواقع العراقية علي الانترنت البديل العراقي ترجمتها ونشرها علي أجزاء ما زالت متواصلة، فتفاقمت القضية وصارت مادة للإعلام الداخلي والخارجي واضطرت وزارة الداخلية لتشكيل لجان للتحقيق يرأسها – ويا للطرافة -بعض الضباط الذين وردت أسماؤهم كمتهمين بالتنسيق مع الاستخبارات الأمريكية لتشكيل وقيادة فرق الموت تلك، إذا ما أضفنا هذا التفصيل إلي ما سبق ستتضح لنا الصورة العامة والتي خلاصتها أن العملية السياسية التي يرعاها الاحتلال في العراق قد بدأت تلفظ أنفاسها في الواقع، وأن حلفاء الاحتلال يعيشون آخر أيامهم سياسيا، وكان لا بد من فعل حاسم يخلط الأوراق جميعا أو يحرقها مع الأخضر واليابس لضمان بقاء قوات الاحـــتلال وتغيــــير موازين القوي، لصالح وجود حكم متعاون وعميل للاحتلال بالكامل، وليـــس لصالح وجود وترسخ حكم ذي تشوفات وتطلعات استــــقلالية، يكون مدعوما بقوي سياسية وعسكرية شعبية ترفض الاحتلال رفضا قاطعــــا وتطالب برحيله، خصوصا أن بعـــض أهم هذه القوي قد عبر عتبة البرلمان بقوة انتخابية معتبرة كالتيار الصدري و جبهة التوافق العراقية.حاولنا عدم ولوج المحور الأمني الخاص بجريمة التفجير في سامراء التي استهدفت المرقدين علي اعتبار أن التحليل السياسي شيء، والتحقيق الجنائي شيء آخر ومختلف.. لقد كان من أخطر الوسائل الخبيثة التي أشاعتها الجهات المتهمة شعبيا بارتكاب، أو تسهيل ارتكاب تلك الجريمة، ألا وهي الاحتلال، هي التركيز علي الاتهامات والاتهامات المضادة بهدف التضبيب علي الفاعل الحقيقي. فصدرت تصريحات متسرعة لا تمتاز بالحصافة تتهم بعض الشيعة من حلفاء إيران بارتكاب هذه الجريمة وخرج أحد السياسيين علي شاشة إحدي الفضائيات العربية ليتهم بعض الشيعة بإحراق المصحف الشريف، كما ركز بعض السياسيين من الإسلاميين الشيعة علي اتهام التكفيريين والصداميين بارتكابها والتغاضي عن الاحتلال، لا بل سمعنا هتافات ذات نزوع طائفي شديد الخطورة وارتكبت أعمال متهورة ومدانة من الجانبين. نقول هذا ليس تبرئة مسبقة للتكفيريين أو دفاعا عنهم وإنما لاستكمال صورة المشهد العام وتركيز الضوء علي الاحتمال الأقرب منطقا وعقلا ألا وهو المحتل.نحو لجنة تحقيــــق دولية: لعل من المفيد، والكاشف، والمعين علي وأد الفتنة وأداً تاما ونهائيا مبادرة القوي المناهضة للاحتلال وللمحاصصة الطائفية والعرقية إلي المطالبة والدعوة إلي تشكيل لجنة تحقيق دولية تميط اللثام عن المجرم الحقيقي لتقي العراق شر مذبحة أهلية قادمة. أما الركون إلي لجنة تحقيق تشكلها وزارة الداخلية، وتشرف عليها قوات الاحتلال فهو أمر لا طائل تحته، بل وينذر بحدوث جريمة أخري مستقبلا ستكون أشد هولا من جريمة تفجير المرقد المقدس في سامراء.ہ كاتب من العراق يقيم في جنيفwww.albadeeliraq.com8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية