تطلع لوجود حزب وسط وقوي في اسرائيل سواء بوجود شارون أو عدمه

حجم الخط
0

تطلع لوجود حزب وسط وقوي في اسرائيل سواء بوجود شارون أو عدمه

التأييد لشارون ولحزبه ازداد كثيرا بعد قراره الانفصال عن غزة وليس قبلهتطلع لوجود حزب وسط وقوي في اسرائيل سواء بوجود شارون أو عدمه أحد الاشياء الجيدة التي حدثت للسياسة الاسرائيلية بعد أن قرر ارييل شارون ترك الليكود، تمثل في أمن اسرائيل، وللمرة الاولي سارت نحو التطبيع. وللمرة الاولي، وبعد سنين طويلة من اسلوب التصويت الثنائي الأوحد، حيث كان سَبط الليكود وملاحقه من احزاب اليمين، في مواجهة سَبط العمل وملاحقه من اليسار، وأخيرا، عكست الخارطة السياسية الاسرائيلية مواقف الجمهور الاسرائيلي وأصبحت تمثله. فهذه الخارطة عادت ورُسمت من جديد، وأصبح فيها يمين ويسار ووسط، وهذه تعتبر خارطة لسياسة متعقلة، وهذا جيد لاستقرار الديمقراطية. وكان ذلك جيدا ومهما من الناحية السياسية، لأن غالبية الجمهور في اسرائيل تؤيد الانفصال عن الفلسطينيين. ومن الواضح أنه من غير حزب وسط لا يمكن تحقيق مثل هذا المطلب الجماهيري، ولو لم يقتحم شارون الجدران والمواقع خلال فترة رئاسته للحكومة لبقيت اسرائيل منقسمة حيث يسير قسم منها في ليكود يحتذي فايغلين وعمل يحتذي بيلين .ومع ذلك، فقد كانت هناك سخرية في الطريق الي هذا التطبيع. وأن التنظيم والترتيب المجدد لهذه الخارطة الذي فرضه ارييل شارون استند أساسا علي الشعبية والمكانة التي حظي بها هذا الشخص، ومع ذلك فان هذا غير مضمون. وحيث أن ترتيب الأمور ـ اذا كان لا بد من التذكير ـ فان شارون تحول في الآونة الأخيرة لقائد أكثر قبولا وحبا، وتمكن، حسب آخر الاستطلاعات، أن يحظي بـ 42 مقعدا في حال تمت الانتخابات. وربما يمكن القول أنه أصبح الوريث وولي العهد لدافيد بن غوريون في كتب التاريخ، وذلك لأنه أول من قاد اسرائيل نحو الانفصال عن الفلسطينيين، وليس قبل ذلك. فاسرائيل كانت بحاجة الي شخص يجسد قضايا وتطلعات الجمهور، وأنها (اسرائيل) ردت الجميل لهذا الشخص الآن.ان هذا لا يعني بأن حزب كديما لم يتأسس كـ حزب شارون ، بل إن هذا يقول بأن شارون نفسه لم يكن مجرد الشخصية، بل انه منذ شهر كانون الاول (ديسمبر) 2003 أصبح عبارة عن وحي وطريق . ولذلك، فانه لا بد من الحفاظ علي هذا الطريق، ولهذا يتوجب علي حزب كديما الآن أن يقولوا كلاما واضحا عن طريق الحزب، وإلا فان هذا الحزب سيتحول الي حزب يضم بقايا مؤيدي شارون من الأعضاء، واذا لم يحدث هذا الأمر وبسرعة، فان هذا التطبيع السياسي الذي وجد فرصته أخيرا لرفع رأسه لبعض الوقت، فانه سيعود ليغرق من جديد في وحل التشرذم المشلولولكي نمنع حدوث هذا الزوال والغروب، فانه لا بد من توضيح ثلاثة أمور هامة:قيادة كديما: إن الجمهور الاسرائيلي لن يسامحكم اذا بدأتم منذ الآن في الصراع علي الوراثة، فان اهود اولمرت وهو القائم بأعمال رئيس الحكومة. وهذا جيد وجميل، فاذا عمل كرئيس للوزراء بالوكالة، فانه سيكون مرشحكم، واذا قمتم بترشيح شخصية اخري تقف في مواجهة من يقوم بمهام رئيس الوزراء، فان هذا أمر لا يمكن تمريره، وأن إظهار استطلاعات الرأي العام التي تشير الآن الي تقدم بيريس أو تسيبي لفني علي اولمرت ليست واقعية، وأنه لا أحد سيهتم بالكيفية ولا بمتي وبأي طريقة ستقومون بترتيب القائمة ومن سيأتي قبل أو بعد غيره، فهذا كله لا يهم أحد، بل ان ما يهمنا هو أن تفعلوا ذلك طريقة محترمة وبالاتفاق السريع. واذكروا جيدا: لقد رغب الجمهور بشارون لأنه زعيم وليس كـ مشتغل بالسياسة . فاذا أخذتم بالصراع حول المقاعد كـ أصحاب مصالح فانه لن يتبقي لكم مقاعد بعد شهرين ونصف لكي تتصارعوا من اجلها.العودة الي البيت: العودة مرة اخري الي البيت، أي للاحزاب الأم التي جاء منها الاعضاء الذين شكلوا حزب كديما. إن حدوث أمر كهذا لا يمكن الصفح عنه، لأن النفعية هي عكس الزعامة. وأن من يعتزم أو يقرر العودة الي البيت سوف يقنعنا بأنه لا يسعي إلا وراء الكرسي وأنه يفضله علي الطريق، وحتي الآن فان الناس يريدون زعماء وليس من يعتلون علي قوائم استطلاعات الرأي.ناخبو الوسط: وكما أن قائمة حزب كديما لا يمكنها السماح لنفسها الآن الانقسام الي معسكرات، فان مؤيدي هذا الحزب ايضا لن يسمحوا لانفسهم فعل ذلك. وخصوصا اذا كانوا يؤمنون بضرورة وجود حزب مركز (وسط) وضرورة تسوية سياسية. فهذا ليس الوقت المناسب لتأييد جميع الأنواع علي غرار تومي لبيد. فعندما يوجد حزب وسط قوي بدرجة كافية، فان الخيارات ستكون إما وسط ـ يمين وإما وسط ـ يسار . ومن غير وجود حزب الوسط فان حكومة لليسار ستكون أسيرة بأيدي الأكثر يسارية منها، وحكومة لليمين ستكون أسيرة، كذلك، بأيدي الأكثر يمينية منها، وبذلك لا يمكن الاتجاه في مسيرة ذات أهمية. فهذا ليس الوقت المناسب للفوضي، بل ان هذا هو الوقت اللازم ليد ثابتة علي المِقوَد، فالطريق لا تصبح سهلة حين يتغير السائق، ومن تطلع لوجود حزب وسط وقوي في اسرائيل، فهذا هو الوسط الجديد، سواء كان بوجود شارون أو عدمه.غادي تؤوفكاتب في الصحيفة(معاريف) 8/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية