تصعيد امريكي وبرود ايراني
تصعيد امريكي وبرود ايراني اعتبر الرئيس الامريكي جورج بوش ايران مصدر قلق للامن القومي الامريكي، مضيفا بذلك بعدا جديدا لاتهامات اخري من العيار نفسه، اطلقتها وزيرة خارجيته السيدة كوندوليزا رايس امس الاول، وقالت فيها ان ايران هي التحدي الاكبر والممول الرئيسي للارهاب.هذه الاتهامات تأتي في نطاق حملة التصعيد ضد ايران من قبل الادارة الامريكية الحالية، بسبب عودتها لتخصيب اليورانيوم بعد قرار وكالة الطاقة النووية الدولية احالة برنامجها النووي الي مجلس الامن.من الواضح ان ادارة الرئيس جورج بوش تعيش ازمة حقيقية، تتلخص في كيفية تعاملها مع الملف النووي الايراني، فهي تدرك جيدا ان الحلول الدبلوماسية وصلت الي طريق مسدود، والحلول العسكرية مكلفة للغاية لما يمكن ان يترتب عليها من نتائج خطيرة.فرض عقوبات اقتصادية علي ايران من قبل مجلس الامن الدولي، مثلما لمح امس خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي، ربما يكون المفجر للازمة الاخطر في منطقة الشرق الاوسط. فالنظام الايراني لا يمكن ان يتقبل هذه الخطوة دون الاقدام علي ردود فعل انتقامية. والوجود العسكري الامريكي في العراق هو الميدان المرجح في هذا الخصوص.اما اللجوء الي الخيار العسكري، وهو خيار لم يستبعده ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي اثناء كلمته التي القاها في الاجتماع الســـنوي للوبي اليهودي في الولايات المتحدة، فانه خيار غير مــجد، يجــمع الخبراء العسكريون بتأثيراته المحدودة علي البرنامج الــنووي الايراني، بســـبب اقامة المنشآت النووية الايرانية في اماكن متفرقة ومحصنة ضد الهجمات الجوية.ايران تملك اوراق انتقام قوية يمكن ان تلجأ اليها في حال تعرضها لاي عدوان امريكي، ابرزها تحريض انصارها في العراق ضد القوات الامريكية ووقف صادرات النفط، وضرب منشآت نفطية وقواعد عسكرية امريكية في دول الجوار الخليجي.ولا نعتقد ان الادارة الامريكية لا تضع في حسابها مثل هذه الاوراق، وردود فعل ايران الانتقامية المتوقعة، ولهذا تبدو ادارتها للازمة في ايران في قمة الارتباك.ادارة الرئيس بوش جربت كل انواع التسريبات لارهاب الحكومة الايرانية ودفعها الي التراجع عن قرارها بتخصيب اليورانيوم مثل الحديث عن خطط عسكرية جاهزة للقيام بضربات جوية لتدمير المنشآت النووية والبني التحتية الاقتصادية لايران، ولكن مثل هذه التسريبات لم تعط ثمارها، ولم تثن ايران عن مخططاتها للمضي قدما في مشاريعها لتخصيب اليورانيوم وانتاج الوقود النووي.التطور الاخطر في هذا الخصوص هو ما سربته الحكومة الاسرائيلية الي بعض صحفها حول خطط اسرائيلية مماثلة لشن عدوان علي ايران. ولو حدث واغارت الطائرات الاسرائيلية علي اهداف ايرانية، مثلما فعلت عام 1981 عندما دمرت المفاعل النووي العراقي، فان هذا يعني فتح ابواب جهنم فعلا، وهز استقرار العالم بأسره، واحداث ازمة طاقة تؤدي الي ازمة اقتصادية عالمية خانقة.الادارة الامريكية الحالية تلعب بالنار، وتنتقل من فشل الي آخر، فحروبها في العراق وافغانستان لم تنجح في تحقيق اهدافها في وقف الارهاب بل ادت الي تصعيده، وحربها المقبلة ضد ايران اذا ما انطلقت ستعطي الارهاب دفعة جديدة ربما تجعله خارج نطاق السيطرة.خيارات امريكية صعبة بكل المقاييس وما هو اصعب منها وجود ادارة امريكية تفتقد الي ثقة شعبها وثقة العالم بأسره في الوقت نفسه.9