تشكيك بجدوي خطة بوش لتقليل اعتماد امريكا علي الامدادات النفطية الآتية من الشرق الاوسط
تشكيك بجدوي خطة بوش لتقليل اعتماد امريكا علي الامدادات النفطية الآتية من الشرق الاوسطواشنطن ـ من توم دوغيت:ربما يقود الامريكيون في غضون عقدين سيارات تعمل بالهيدروجين النظيف أو وقود منتج من عشب النجيل ورقائق الخشب لكن هذا لن يكون كافيا لتقليل واردات النفط الامريكية من الشرق الاوسط بمقدار كبير.وأخبر الرئيس جورج بوش الكونغرس الثلاثاء الماضي أن الولايات المتحدة أصبحت مدمنة النفط وأنه يتعين عليها خفض مشترياتها من الخام من الشرق الاوسط بواقع 75 في المئة بحلول عام 2025 عن طريق انتاج سيارات تعمل بأنواع بديلة من الوقود.وتعمل شركات صناعة السيارات الامريكية الكبري الثلاث كل علي حدة لابتكار نموذج لخلية وقود هيدروجيني. لكن حتي الان لاتزال الاسعار مرتفعة جدا للبدء في بيعها تجاريا.وقالت ارون شوستك المتحدثة باسم اتحاد منتجي السيارات بسعر يتراوح من 700 الف دولار الي مليون دولار فان الكثير من العمل يتعين القيام به للوصول بها الي مستوي سعري مناسب .وأضافت شوستك أن مجهودا أضخم يتعين بذله لضمان توافق السيارات مع معايير السلامة والانبعاثات ومن أجل انشاء بنية تحتية من محطات التزود بوقود الهيدروجين.ويستعد منتجو الايثانول وهو وقود يمكن انتاجه من القمح أو السكر أو المخلفات مثل رقائق الخشب والنجيل لزيادة الانتاج.وقال بوب دينين رئيس المجموعة التجارية اتحاد الوقود المتجدد نحن سعداء أن الرئيس بوش يدرك الحاجة الي تحويل البلاد نحو مستقبل للطاقة أقل اعتمادا علي مصادر أجنبية غير مستقرة وتتزايد تكلفتها من النفط .لكن لا يتوقع لامدادات الايثانول أن تصل الي الكميات الضرورية لكي تحل محل شحنات النفط الخام القادمة من الشرق الاوسط، فضلا عن أن السيارات التي تعمل بالهيدروجين لن تظهر في صالات العرض بأسعار معقولة قبل عام 2020.وتقول مجموعات بيئية انها مقتنعة بهدف بوش خفض واردات النفط لكنها لا تعتقد امكانية تحقيقه مالم تأمر الحكومة بتشديد كبير في معايير كفاءة استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.وقالت ادارة معلومات الطاقة الاتحادية في توقعها طويل الامد الذي نشر في كانون الاول (ديسمبر) ان واردات النفط الامريكية ستبلغ في المتوسط 12.3 مليون برميل يوميا في 2025 وأن تمثل الشحنات القادمة من الشرق الاوسط نحو ربع تلك الكمية.ويعني هذا أنه للوصول الي هدف الرئيس يجب أن يتم استبدال نحو 2.3 مليون برميل يوميا من واردات نفط الشرق الاوسط عن طريق استخدام أنواع جديدة من الوقود والسيارات.وقالت سارة ايمرسون من انرجي سكيوريتي اناليسيس في بوسطن انها كمية كبيرة من النفط. اذا كتب له النجاح فسيكون (انجازا) كبيرا للغاية. لكن لا أظن أنه سيتحقق .وستبلغ امدادات الايثانول الامريكية 783 الف برميل يوميا فقط في غضون عقدين، وهي نقطة في بحر بالمقارنة مع أكثر من 26.1 مليون برميل يوميا من الخام والمنتجات النفطية ستستهلكها البلاد وفقا لما تقوله ادارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الامريكية.ويقول انطوني راديك المحلل في ادارة معلومات الطاقة انه حتي في حالة ارتفاع انتاج الايثانول بحلول عام 2025 الي المستويات التي تسعي لها الحكومة، فانه لن يحل بالضرورة محل النفط الخام من الشرق الاوسط لان المنطقة تتمتع بأقل تكلفة لانتاج النفط في العالم وستواصل الشركات الامريكية البحث عن أرخص مصدر للطاقة.وقال راديك عندما أتحدث عن التوسع في انتاج الايثانول لا يبدو واضحا علي الاطلاق انه سيقلل الاعتماد علي الواردات . واضاف في غياب سياسة (حكومية) ما تثني بوضوح عن استيراد النفط.. حتي اذا وجدنا سبلا أرخص لانتاج الايثانول فان واردات النفط من الشرق الاوسط ستكون بين أخر من يرحل .وقال ادام سيمنسكي كبير اقتصاديي الطاقة في دويتشه بانك في نيويورك ان خفض واردات النفط قد يضر علاقات الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية ويثني المملكة عن توسيع طاقتها الانتاجية.وتساءل قائلا هل سنعاقب السعوديين . وأضاف ثلثا (وارداتنا) من نفط الشرق الاوسط تأتي من السعودية ورغم التقلبات في العلاقة مع المملكة فانهم يميلون الي صداقتنا .من جهة ثانية اعتبر خبراء في شؤون الطاقة بمنطقة الشرق الاوسط ان دعوة بوش الي خفض اعتماد بلاده علي نفط الخليج هي دعوة غير واقعية، وقالوا ان منطقة الخليج التي تعوم علي 60% من الاحتياطي النفطي العالمي المثبت، والتي يجمعون علي انها ستكون المورد الاول للنفط في المستقبل، لن تتأثر بهكذا توجهات اميركية اذ يمكنها الاعتماد علي اسواق بديلة في آسيا.وقال المسؤول السابق في القطاع النفطي الكويتي كامل الحرمي لا شيء جديدا في هذا الكلام. لقد سمعنا كلاما مماثلا في الولايات المتحدة من قبل لكن مثل هذه الدعوات لا يمكن ان تتحقق اذ ان مستقبل الطاقة في العالم هو في الشرق الاوسط .واضاف الحرمي في الواقع، كلما اكثروا من هذه التصريحات، كلما ازداد اعتمادهم علي نفط الشرق الاوسط وبحسب وزارة الطاقة الامريكية، تستورد الولايات المتحدة 1.3 مليون برميل في اليوم من السعودية و570 الفا من العراق و270 الفا من الكويت و265 الفا من الجزائر.وفي الواقع، فان نيجيريا وفنزويلا العضوين في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، وكندا والمكسيك غير المنتميتين الي هذه المنظمة، هي الدول التي تصدر الجزء الاكبر من المستوردات النفطية الامريكية.وكان الخبراء الغربيون توقعوا ان ترتفع الواردات النفطية الشرق اوسطية وليس ان تتراجع في المستقبل القريب خاصة مع ارتفاع الطلب العالمي علي النفط ومع انخفاض القدرة الانتاجية للدول الاخري.فقد توقعت الوكالة الدولية للطاقة ان يرتفع الطلب علي النفط هذه السنة بنسبة 2.2%، اي بمعدل 1.8 مليون برميل في اليوم.وفيما يتوقع الخبراء ان يصل انتاج الدول غير المنتمية الي اوبك الي حد اقصي ويستقر عليه، يفترض ان تتمكن دول الخليج من تعويض اي نقص في الامداد.وقال مدير مركز الاقتصاد والادارة في المعهد الفرنسي للنفط جان بيار فافنيك في مؤتمر عقد في ابو ظبي في ايلول (سبتمبر) الماضي انه سيتوجب علي خمسة منتجين خليجيين ان يؤمنوا 43% من اجمالي الطلب العالمي علي النفط مع حلول العام 2030.وقال فافنيك انه سيتعين علي السعودية والعراق وايران والكويت والامارات العربية المتحدة ان تضخ يوميا 51.8 مليون برميل في الاسواق العالمية عام 2030 للحؤول دون حصول ازمة في الامدادات، في حين تتوقع وكالة الطاقة الدولية ان يصل الطلب في هذا المدي الي 121.3 مليون برميل في اليوم.وقال الخبير النفطي السعودي عبدالله بوداهش سيبقي النفط مصدرا للطاقة لمدة خمسين عاما علي الاقل، فالنفط هو المصدر الارخص (ثمنا) والاكثر امنا وفعالية ولا اعتقد انه من الممكن ايجاد بديل له في المستقبل المنظور .واكد بوداهش انه حتي في حال تمكنت الولايات المتحدة من تخفيف اعتمادها علي النفط، ستبقي هناك اسواق اخري عطشي للذهب الاسود الخليجي كالصين والهند.وقال في هذا السياق هذا الامر لا يشكل مشكلة كبيرة للمنطقة لان الاسواق متوفرة في آسيا واوروبا ومعدلات الطلب في هذه الدول تزداد بشكل مطرد وهي الاقرب جغرافيا لنا .ودول الخليج التي تصدر اصلا معظم انتاجها الي اوروبا وآسيا، وقعت مؤخرا علي عقود ضخمة مع الصين والهند لتعزيز الامداد باتجاه هذين العملاقين الآسيويين.ويقول الحرمي في هذا السياق مهما حصل، سيزداد اعتماد العالم علي الشرق الاوسط في ما يتعلق بالنفط، الا في حال حصول معجزة تكنولوجية تفرض نفسها .4