تدهور الأمن في العراق وتنامي سطوة الميليشيات: من المسؤول؟

حجم الخط
0

تدهور الأمن في العراق وتنامي سطوة الميليشيات: من المسؤول؟

د. أيمن الهاشميتدهور الأمن في العراق وتنامي سطوة الميليشيات: من المسؤول؟تضاربت تصريحات القادة العسكريين في البنتاغون حول الوضع في العراق، وقد نقلت صحيفة النيويورك تايمز عن اللفتنانت جنرال جون فينز قائد القوات البرية الامريكية في العراق الذي قال في مقابلة معه أجرتها الصحيفة يوم 6 كانون الثاني (يناير) 2006: ان الخصومات الطائفية وعدم فاعلية بعض الوزارات في العراق قد تُحَوّل قوات الأمن العراقية الي ميليشيات أو عصابات مسلحة . وقال ان قوات الأمن باتت اليوم أكثر تنظيما من الحكومة العراقية الحالية نفسها ، وأضاف فينز فيما اعتبرته الصحيفة المذكورة الموقف العلني الأكثر صرامة لمسؤول عسكري امريكي بارز، ان قدرة وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين بحاجة الي دعم وتطوير، وتوفير عائدات من موارد النفط العراقي لدعم القوات الأمنية النظامية، والا فان كثيرا من هذه العناصر يمكن أن يتحول الي ميليشيات بل عصابات مسلحة . وهذه التصريحات وغيرها تأتي متزامنة مع اعتراف القيادات الامريكية العسكرية والسياسية بانفلات الأمور الأمنية في العراق، وسط تنامي نشاط الميليشيات الطائفية التي تغلغلت في الاجهزة الامنية والعسكرية من شرطة وحرس وطني كما تم تشكيل الوية طوارئ أمنية وعسكرية ملاكاتها بالغالب من بين ميليشيات المجلس الأعلي (فيلق بدر) ومن البيشمركة، وهي ماتزال تعبث بالأمن بدلا من أن تحقق الأمن والاستقرار. وسبق أن تصاعدت دعوات التحذير من ادخال الميليشيات في القوات النظامية الحكومية، ومن الغريب أن يستنكر السيد اياد علاوي أفعال الميليشيات الحزبية المسلحة في حين أنه هو نفسه الذي وقع الأمر حين كان رئيسا للوزراء بادماج الميليشيات في القوات النظامبة!! كما أن القوات الامريكية كانت علي علم بزج الميليشيات الحزبية ولم تتخذ من جانبها أي موقف!ان انفلات الوضع الأمني في العراق، يعود بالدرجة الأساس الي قرار الحاكم الأمريكي بول بريمر بنصيحة من عملائه في مجلس الحكم المنحل بحل الجيش العراقي وقوات الأمن العراقية السابقة وتسريح عشرات الألوف من الضباط وصف الضباط والأفراد من الجيش والشرطة علي أسس طائفية، وعرقية، وصارت قوات الأمن لا تحمي أمن المواطن قدر حمايتها لمصالح رؤسائها وأسيادها، وسبق أن قلناها في مقالة سابقة (ان شرطة برأسين لا تعيد أمنا مفقودا) فالشرطي (الميليشياوي) يتلقي أوامره من مسؤوله في الميليشيا أو الحزب وليس من آمره الحرفي، لذلك شاهدنا كيف تقوم عناصر الشرطة باعتقال المئات من الشباب تحت دواع طائفية، ومن ثم تساوم أهليهم لدفع الفدية ورغم استلام الفدية فانه يتم قتل المخطوفين ورمي جثثهم في أطراف المدن، كما أن فضيحة المعتقلات السرية لوزارة الداخلية في العراق كانت تدار من قبل الميليشيات، وبامرة ضباط من جنسيات ايرانية وقد هرب معظمهم باتجاه ايران بعد اكتشاف أمرهم وخوفا من أن تقبض القوات الامريكية عليهم.لقد عاشت قوات الأمن العراقية في محنة وتخبط طيلة الأعوام الثلاثة منذ غزو العراق تمثلت في الآتي:1. تسريح خيرة عناصر أجهزة الشرطة المحترفة لأسباب طائفية وثأرية، فبعد الغزو تم تسريح عشرات الالوف من عناصر الاجهزة الامنية والشرطية في العراق بذريعة اجتثاث البعث، والذي تبين فيما بعد أنه (اجتثاث البعض وليس اجتثاث البعث)! اذ سرعان ما تم الاستثناء علي أسس طائفية ومذهبية وتبين أن المقصودين هم العرب السنة فقط.2. زج عناصر الميليشيات الطائفية في الشرطة والحرس الوطني وقيام هذه العناصر بأعمال القتل والاغتيال والتصفيات والتعذيب علي الهوية الطائفية تحت ستار وأغطية الشرطة.3. تراجع امكانات الشرطة المعنية بحفظ الأمن وضعف تسليحها، حيث أن القوات الامريكية كانت تمنع الشرطة من حمل الأسلحة غير المسدسات.4. تعيين قيادات غير محترفة علي رأس قيادات الشرطة علي أساس الولاء الحزبي والمذهبي والطائفي والعرقي، وغياب معيار النزاهة والكفاءة.5. ضعف انضباط الشرطة، بدليل عصيان قوات الشرطة في عدد من المحافظات وامتناعها عن تنفيذ أوامر وزارة الداخلية، كما حصل مع مدير النجف الذي رفض تنفيذ أوامر وزير الداخلية السابق، وكما حصل مع مدير شرطة كركوك الذي رفض تنفيذ أمر وزارة الداخلية بتسريح عناصر بيشمركة تم ادخالهم للشرطة دون توافر الشروط القانونية فيهم، وهذا حصل كذلك مع مدراء شرطة البصرة والكوت والديوانية.6. بذريعة السعي لسد النقص في أعداد الشرطة بعد الغزو فقد تم تجنيد أعداد كبيرة من أرباب السوابق من المجرمين ممن أطلق النظام السابق سراحهم قبيل الغزو حيث اعترف وزير الداخلية الأسبق سمير الصميدعي في تصريح له الي اذاعة البي بي سي في 21/1/2005 بأن الشرطة العراقية باتت تضم مجرمين محترفين في صفوفها، اذ قال بالحرف الواحد بعد حل جيش وشرطة صدام وحين نفذت المحاولات الاولي علي عجل لاعادة بناء الشرطة لم يكن هناك تدقيق في البداية علي الاطلاق.. أصبح لدينا مجرمون في صفوف الشرطة .وتأكيدا لكلامنا فان القرار الذي أصدره مؤخرا ما يسمي بمجلس محافظة بغداد (لدواع طائفية وبتحريض ومباركة مسبقة من وزير الداخلية باقر صولاغ) بعزل قائد شرطة بغداد اللواء العربي السني المحترف والمشهود له بالاستقامة والنزاهة والحرفية، رغم كفاءته في ادارته، ولدواع طائفية حتما، يشكل واحدة من أعمال التخبط التي تعيشها الشرطة العراقية في ظل الحكومة الطائفية الحالية، وتخبط وزارة الداخلية في ادارة الشأن الأمني في العراق. ويكرس حالة الفلتان الأمني التي يعانيها العراقيون منذ غزو العراق قبل ثلاثة اعوام ولا أمل يبدو في الأفق في حل قريب لمعضلة الأمن في العراق.ہ كاتب من العراق8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية