تجميد النشاطات الاستيطانية والدعم الحكومي لها أفضل من الانسحابات المجانية والاستعداد للمفاوضات بانتظار ان تنضج الظروف للحل
تجميد النشاطات الاستيطانية والدعم الحكومي لها أفضل من الانسحابات المجانية والاستعداد للمفاوضات بانتظار ان تنضج الظروف للحل السياسة الفطنة ملزمة بأن تأخذ في الحسبان أن اتفاق السلام سينضج هنا في يوم من الايام، بحيث يُلزم اسرائيل بالانسحاب من 95 في المئة من اراضي الضفة بما فيها الأجزاء غير اليهودية من القدس، وأن دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية ستقوم الي جانب اسرائيل. بسبب تبعثر المستوطنات، لم يعد من الممكن اليوم ترسيم حدود تأخذ في الحسبان المعطيات الديمغرافية والتي تملك فرصة للفوز برضي الجانب الفلسطيني والأسرة الدولية. كيف يمكن أن نضمن عدم وجود واقع في فترة الاتفاق يحول دون تحقيق حل الدولتين ـ القوميتين المنفصلتين من خلال ضمان اغلبية يهودية في الدولة اليهودية؟.لهذا الغرض يتوجب تنفيذ انسحاب واسع من طرف واحد في الضفة الغربية منذ الآن. حسب رأي جهاز الدفاع ـ من المقترح الانسحاب الي نقطة استراتيجية في ظهر الجبل وغور الاردن، بينما يُترك قرار اخلاء المستوطنات للجانب السياسي. أما الاقتراح المنسوب لحزب كديما، حسب ما عبر عنه آفي ديختر ـ تجميع المستوطنات في سبع كتل استيطانية مع بقاء السيطرة العسكرية علي المناطق كلها. هناك ايضا اقتراح بالانسحاب الي خطوط حزيران مع التعديلات المطلوبة بسبب الاحتياجات الأساسية.الاقتراحات موصوفة بهذه الدرجة أو تلك كجزء من تركة شارون ، والدعم الذي يشجع القيام بخطوة أحادية الجانب في الضفة، يُفسر علي أنه ارتباط للفكرة بارييل شارون، ولكن شارون تحديدا صرح أكثر من مرة أنه لن تحدث خطوات فك ارتباط اخري بعد غزة. اذا كان الكثيرون يعتقدون بالرغم من ذلك أن القيام بخطوة أحادية الجانب في الضفة هو جزء من تركة شارون، فان شارون قد خلف للجمهور ايضا قدرته الاسطورية علي التلاعب بحرية كبيرة بين الكلمات والأفعال.سيكون للخطوة أحادية الجانب في الضفة ثمن باهظ، وشارون توقع ذلك عندما رفض القيام بها. الادراك بأن اسرائيل تتخلي عن مناطق حيوية مجانا سيتزايد في المحيط العربي المعادي، وستتشدد حماس أكثر في معارضتها للاعتراف بحق اسرائيل في الوجود والتفاوض معها ومنع الارهاب ضدها. هذه الخطوة تشبه إلقاء خريطة الطريق في سلة القمامة ـ الوثيقة الوحيدة التي يوجد اتفاق حولها بين م.ت.ف واسرائيل والرباعية الدولية ومصر والاردن، والتي يمكن إحياؤها اذا تعاونت هذه الأطراف فيما بينها.الثمن الآخر للخطوة أحادية الجانب سيكون دفن محمود عباس، الشخصية الفلسطينية الأبرز التي تطلق تصريحات تعطي فرصة للعودة الي المفاوضات لتسوية الصراع في يوم من الايام. كما أنهم يتنازلون بذلك عن أوراق المساومة التفاوضية. هذه الخطوة تستوجب فوق ذلك اخلاء عشرات المستوطنات وعشرات آلاف المستوطنين وتُحدث صدمة قومية سيجد المجتمع الاسرائيلي صعوبة في تحملها اذا لم يرَ أمام ناظريه بديلا ملموسا أو تسوية انتقالية هامة علي الأقل.كيف يمكن أن نضمن عدم تسبب الواقع الناشئ في الضفة الغربية من منع الفصل في المستقبل في ظل الحقائق الديمغرافية التي يتسبب فيها الاستيطان اليهودي هناك؟ الجواب هو: التجميد . هذه الكلمة اهترأت في الماضي من كثرة الاستخدام العقيم، إلا أن مغزاها ما زال علي حاله. تجميد يُجسد عدم وجود مستقبل للمشروع الاستيطاني خلف الخط الفاصل (الجدار) علي المدي البعيد، ومن هنا يتوقف كل نشاط ذو طابع توسعي بتمويل أو دعم من الميزانيات العامة، ويتوقف نشاط قسم الاستيطان والبناء وشق الطرقات من خلال وزارة الاسكان والبني التحتية وإلغاء كل تمييز للمستوطنين ومساواة مكانتهم بمكانة مواطني اسرائيل داخل الخط الاخضر. البؤر الاستيطانية غير القانونية تُخلي بإصرار ومن دون تأجيل.تنفيذ التجميد الحقيقي يتطلب مواظبة وقرارات حاسمة، ولكنها مهمة ممكنة، وتحضير للمفاوضات التي ستجري في المستقبل حول اتفاق السلام ـ تعتبر أفضل من محاولة اخلاء عشرات المستوطنات وعشرات آلاف المستوطنين مقابل لا شيء.ابراهام طالخبير اقتصادي(هآرتس) 9/3/2006