تآكل الحريات في عاصمة الضباب

حجم الخط
0

تآكل الحريات في عاصمة الضباب

تآكل الحريات في عاصمة الضباب بريطانيا العظمي لطالما افتخر أهلها بانتصار الحرية الشخصية علي سلطان الدولة، وبانتصار خيار الشعب علي التسلط الفردي، وبانتصار حرية التعبير علي القهر الفكري، وبتقديم الحريات العامة علي رقابة الدولة، وبنصر المضطهدين ضد الأنظمة الشمولية، أضحي كل ذلك أهلا للطعن. خلال هذين الأسبوعين تراجعت كل تلك الإنجازات التي كانت حقا مبعث فخر وإعجاب والتي ناضل في سبيلها الشعب منذ إقرار الماغنا كارتا، أول وثيقة في الديمقراطية، عام 1215 . أما الحرية الشخصية فقد تراجعت أمام سلطان الدولة. وأما خيار الشعب فقد تراجع أمام التسلط الفردي بعزل محافظ لندن لمدة شهر من قبل جهة غير منتخبة. هذا المحافظ هونفسه صاحب أكبر تفويض شعبي في أوروبا. أما حرية التعبير فقد تراجعت أمام القهر الفكري حينما أقر البرلمان إضافة فقرة مطاطة وهي تمجيد الإرهاب. وقد أصر المجلس التشريعي بضغط من حكومة العمال علي هذه الفقرة في إطار قانون مكافحة الإرهاب رافضا بذلك طلب مجلس اللوردات حذفها أوتعديلها. أما الحريات العامة فقد تراجعت أمام رقابة الدولة حينما سن البرلمان مشروع بطاقة الهوية المدنية والذي يشمل إضافة إلي الإلتزام باستصدار الهوية وضع معلومات شخصية حساسة كقرنية العين في جدول بيانات شامل لجميع المواطنين والذي يرجي أن يكون بمتناول أجهزة الدولة. أما سياسة نصر المضطهدين فقد استسلمت هي الأخري أمام طغيان الأنظمة الشمولية بإنجاز جولة جديدة من المفاوضات مع أنظمة دولنا الموقرة تهدف إلي توقيع معاهدات تسليم المطلوبين مقابل ضمان ـ مكتوب علي ورق ـ عدم تعرضهم للتعذيب. وقد تم بحول الله ضمان ذلك في الأردن وليبيا ولبنان، أما الجزائر فما زالت مستعصية لا ترضي بالهوان علي الرغم من عودة وزير الخارجية البريطاني متفائلا بتقدم جيد . وفي تصريح للناطق باسم السفارة الجزائرية في لندن قال السيد طوبال أنه لا يفهم لماذا يصر نظراؤهم البريطانيون علي ضمانات أكثر . الحكومة البريطانية ما فتأت تسعي جاهدة إلي الوصول لمذكرة تفاهم من شأنها أن تطمأن مجموعات حقوق الإنسان إذ أن القضاء طالب بالإفراج عن ثمانية وما زال ينظر في قضايا عشرة اخرين معتقلين من دون اتهام أومحاكمة.وهكذا، تنحدر المملكة المتحدة نحو مجتمع أكثر شمولية ودولة أقل براءة من دون أن يستثير ذلك عموم الشعب أو حتي الكثير من الليبراليين. لقد بدأت العلاقة بين الدولة والشعب تتغير منذ أن لاح في الأفق خطر الإرهاب، لكن ما لم يتصوره أكثر الناس تشاؤما أن تنقلب الموازين في النزاع علي السيادة لصالح الدولة بهذه الخطفة من دون أن يخرج الناس إلي الشوارع تمردا علي ما يجري.عمار الدغمان لندن6

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية