بعد أكثر من خمسة قرون.. اسبانيا مستمرة في الاحتفال رسميا بسقوط غرناطة

حجم الخط
0

بعد أكثر من خمسة قرون.. اسبانيا مستمرة في الاحتفال رسميا بسقوط غرناطة

بعد أكثر من خمسة قرون.. اسبانيا مستمرة في الاحتفال رسميا بسقوط غرناطةغرناطة (اسبانيا) ـ القدس العربي ـ من حسين مجدوبي: الغرب الذي يحاول التحدث باسم العقلانية والتآزر والحوار بين الشعوب ما زال يحتفظ بعادات بعيدة عن هذه القيم وقريبة من الفكر العنصري، ويبقي التخليد السنوي لطرد المسلمين من اسبانيا علي يد إيزابيلا الكاثوليكية وخاصة ما يعرف باسم سقوط غرناطة من الأمثلة الساطعة علي ما يعتبره البعض هنا تخليدا للكراهية والتصفية الاثنية .صباح 2 كانون الثاني/يناير الماضي، وككل سنة، خرج آلاف من سكان غرناطة للاحتفال وتخليد طرد العرب من ارضهم. تبدأ المراسيم بعرض عسكري وسياسي وديني يحضره رئيس البلدية وأسقف المدينة وممثل عن القوي الأمنية والعسكرية. ومن بين المراسيم، تكريم إيزابيلا الكاثوليكية وزوجها فيرناندو والترحم علي قبريهما. وعاد الموكب وسط حشود كبيرة الي البلدية علي خطي وموسيقي عسكرية الي مجلس البلدية، ليقوم أصغر عضو في البلدية وهو يلوح بالراية الحقيقية التي كانت في حوزة إيزابيلا الكاثوليكية مخاطبا الحضور الكثيف في ساحة كارمن بكلام حول الوفاء والولاء لإسبانيا ولإيزابيلا الكاثوليكية. ثم ارتفعت الاصوات من الاف الحناجر هتافا بـحياة اسبانيا والوعد بمواصلة طريق الملكة التي طردت العرب.بلدية غرناطة التي يحكمها الحزب الشعبي اليميني تفتخر كل الفخر بهذا الاحتفال وتواظب علي الاستمرار فيه وتلقي تأييدا كبيرا من شخصيات مثل رئيس الحكومة السابق خوسي ماريا أثنار. وليس هذا غريبا، ذلك أن أثنار قد اعلن جهارا نهارا، أن مشاكل اسبانيا مع الاسلام بدأت خلال غزو طارق بن زياد لهذه الأراضي (اسبانيا) . وبالنسبة لليمين والمؤرخين، تكونت اسبانيا الحديثة انطلاقا من قيام إيزابيلا الكاثوليكية بطرد العرب من غرناطة التي كانت آخر معقل للاسلام في اسبانيا.ويدعو حزب اليسار الموحد من أجل وضع لهذا الاحتفال الذي يصفه بالدموي، لكن الغرابة تأتي للحزب الاشتراكي الحاكم الذي يطالب زعيمه ورئيس الحكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو بتحالف الحضارات بينما تستمر البلاد تحت حكمه في الاحتفال بمناسبة تمس الحضارات في العمق وتمجد التصفية الاثنية .ومن حسن الحظ، أن هناك جمعيات تعارض مثل هذا الاحتفال وتتجمع في التجمع من أجل التسامح التي تدعو لوضع حد لمثل هذه الاحتفالات الشنيعة . فرانسيسكو فيغراس، وهو احد أبرز مسؤولي هذا التجمع، قال لـ القدس العربي ، ان هناك تأويلا خطيرا للتاريخ.. غرناطة لم تسقط مثلما وقع مع مالقا وألمرية وتوليدو وسرقسطة، بل سُلّمت وفق اتفاقيات موقع عليها بين آخر ملك من ملوك بني نصر وإيزابيلا الكاثوليكية . ويضيف ان الاتفاقية نصت علي احترام تقاليد وممتلكات المسلمين، لكن إيزابيلا لم تحترم أبدا هذه الاتفاقيات وخانت وعدها ونكلت بالمسلمين الذين نعتبرهم نحن مواطنين اسبانا وإن كانت جذورهم تعود الي العرب، فقد عاشوا أكثر من ثمانية قرون بيننا . وتقول الناشطة إيمليا باريو من التجمع نفسه أن الاحتفال بسقوط غرناطة تحول الي فرصة لكي ينزل اليمين المتطرف من اسبانيا ومجموع أوروبا للتعبير عن أفكاره المتطرفة . وبالفعل، شهدت اسبانيا يوم 2 كانون الثاني/يناير أكبر تجمع لليمين المتطرف خلال السنوات الأخيرة. خلال التجمع وزع حزب الديمقراطية الوطنية بيانا يتهم المغرب والمسلمين بالعمل من أجل استعادة الأندلس ويحذّر من المهاجرين المسلمين الذين يصفهم بـ الطابور الخامس .وتغتنم بعض الصحف الاسبانية المناسبة وتنشر مقالات تتبني هذه الأطروحة. بل أن سياسيين مرموقين اصدروا كتبا حديثة تشجع هذه الأطروحة وتطالب بوضع حد لهجرة المسلمين الي اسبانيا.ووجد أنصار هذه الأطروحة في قيام جماعة اسلامية في غرناطة بإصدار نقود خاصة بها تتعامل بها في معاملاتها التجارية، سببا في إقناع الاسبان المحافظين بخطر الاسلام مستقبلا.اما المغاربة منالمقيمين في غرناطة، وهم بالالاف، فيرون ان تخليد سقوط غرناطة مخالف للأعراف والقيم الانسانية . غير ان هناك من لا يري حرجا، اذ تساءل احدهم في حديثه لـ القدس العربي : ماذا سيكون موقف الاسبان إذا خلدنا نحن في المغرب فتح الأندلس بطابع ديني وعسكري محض، أو انتصار الريفيين (شمال المغرب) علي الاسبان في معركة أنوال )العشرينات من القرن الماضي، وهي أكبر هزيمة في تاريخ اسبانيا) أو نحيي عيد الاستقلال والتخلص من الاستعمار بطابع عسكري وديني مثلما يجري في سقوط غرناطة؟ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية