بامكان اولمرت أن يبادر الآن الي فك الارتباط عن غزة نهائيا وعن انسحاب مع مفاوضات في الضفة
حتي يبقي عنصر المبادرة في أيدي اسرائيل بدلا من أن يكون في أيدي الفلسطينيينبامكان اولمرت أن يبادر الآن الي فك الارتباط عن غزة نهائيا وعن انسحاب مع مفاوضات في الضفة توجد لاهود اولمرت مشكلة. مدراء حملة كديما وضعوا علي كتفيه سترة ارييل شارون الواقية التي لا تتناسب مع مقاساته. اولمرت يجد صعوبة في فرض سلطته علي وزرائه وكبار قادة حزبه الذين يورطونه في تصريحات اشكالية ولا تخلو من التناقضات تجاه الفلسطينيين، سواء بسبب قلة التجربة (تسيبي لفني)، أو بسبب الخوف علي مستقبله (شاؤول موفاز)، أو بسبب العادات القديمة (شمعون بيريس). شارون كان سيخرج من هذا الوضع بملاحظة صغيرة ساخرة. اولمرت بحاجة الي ذرائع تكشف عن ضعفه.ولكن المشكلة أكثر عمقا. حكومة كديما تجد صعوبة في توضيح أهدافها وغاياتها منذ أن فازت حكومة حماس. بعد التصريحات الحماسية المتشددة ضد السلطة الارهابية ، اكتفي اولمرت بتجميد العوائد الفلسطينية الضريبية. هذا أقل شيء نستطيع القيام به ، قال بعض المسؤولين الكبار مبررين الموقف، أوقفنا الانجراف الدولي . جيد، ولكن من اجل ماذا؟ هل يريد اولمرت زعزعة حكم حماس حتي تعود فتح الي الحكم أم أنه سيُحدث انقلابا عسكريا في السلطة؟ أم علي العكس: اعداد حماس كشريك اذا قبلت شروط اولمرت؟ أم أن كل شيء يرمي الي الاظهار بأنه يسار اولمرت الناعم، كما لقبه الليكود في دعايته الانتخابية؟.يوجد لكديما برنامج مفصل في القضية الفلسطينية: دولتان وتسوية دائمة وضم الاماكن المقدسة والكتل الاستيطانية والمناطق الأمنية. ولكن ليس لديه تصور حول كيفية الوصول الي هناك. الصيغة المنتصرة من حملات شارون اعتمدوا علي وسيكون كل شيء علي ما يرام لا تلائم الوضع الناشيء مع صعود اولمرت وانتصار حماس، وليست ضرورية ايضا. اليكم بديلا قد برهن عن نفسه في صناديق الاقتراع: ايهود باراك وعد بالخروج من لبنان خلال عام، وهزم بنيامين نتنياهو. من المحتمل أن يكون هذا التوجه أكثر ملاءمة لسياسي حازم مثل اولمرت وسيُسهل عليه ايضا عملية المواجهة مع المحافظين في جهاز الدفاع.في غياب سياسة محددة تغرق اسرائيل في عاداتها القديمة وفي المساعي المرضية لادارة شؤون الفلسطينيين والتحقق من كل مشروع وشيك خاص بهم، وفتح كل رزمة وكتابة كتبهم الدراسية، واللعب بين السياسيين في غزة ورام الله. هذه مأساة الصراع: اسرائيل تستصعب التخلص من عقلية المحتلين، والفلسطينيون مدمنون علي وضعية الواقعين تحت الاحتلال التي توفر لهم مكانة دولية.اولمرت يدرك أن المستنقع الفلسطيني ضار لاسرائيل، وأن شرعيتها الدولية تتلاشي، وانها ستواجه صعوبة في تحمل وضع يحظر فيه علي ضباط الجيش الاسرائيلي دخول الدول الغربية بسبب الاتهامات بارتكابهم جرائم حرب. هذه فرصته للخلاص من ذلك. بدلا من مناشدة اسماعيل هنية حتي يقبل اوسلو، يمكن استغلال انتخاب حماس من اجل إجباره علي حل الدولتين.الفلسطينيون يريدون الحرية؟ أهلا وسهلا. اسرائيل تصرح من جانبها أنها سترفع مسؤوليتها عن غزة خلال سنة. لا عمال ولا ضرائب ولا كهرباء ولا ماء. علي الفلسطينيين أن يتدبروا امورهم وأن يأخذوا هذه الخدمات من مصر، وأن يبنوا لانفسهم ميناء ومطاراً وأن يخاطروا بتلقي ردود فعل اسرائيلية قوية اذا تواصل الارهاب. أما في الضفة فتقوم اسرائيل بالانسحاب للجدار معلنة عن استعدادها للتفاوض حول الصراعات الحدودية المتبقية. هذا الأمر يبدو مخيفا، ولكن في الشمال تواجه اسرائيل سورية وحزب الله الأكثر تسليحا من الفلسطينيين، ولا يقلون عنهم عداء من دون السيطرة علي بنوكهم وطعامهم. وهم لا يطلقون النار علينا.عشرون عاما تقريبا مرت منذ الانتفاضة الاولي، واسرائيل تخوض حربا يائسة حول السيطرة علي المناطق في مواجهة الموجات الارهابية الفلسطينية والضغوط الدولية عليها بالانسحاب. كل الحكومات من كل الاحزاب كافحت من اجل إبطاء الوتيرة، وكلها تنازلت أكثر مما رغبت واستثمرت مليارات كثيرة في المستوطنات. وهذا سيحدث لاولمرت ايضا اذا لم يتجرأ ويُقدِم علي المبادرة.الوف بنالمراسل السياسي للصحيفة(هآرتس) 2/3/2006