بامكان امريكا لو رغبت ان تضع حدا للاحتلال بدقائق

حجم الخط
0

بامكان امريكا لو رغبت ان تضع حدا للاحتلال بدقائق

باتصال هاتفي واحد الذئب موفاز تحول الي خروفبامكان امريكا لو رغبت ان تضع حدا للاحتلال بدقائق صباح الخير يا امريكا. فجأة أفقتِ وقررتِ الضغط علي اسرائيل لاجراء الانتخابات الفلسطينية في شرقي القدس. كم هذا نبيل من طرفك. وكم كان ذلك سهلا. اتصال هاتفي واحد وربما اثنان في اقصي الاحوال، كانا كافيين لدفع وزير الدفاع شاؤول موفاز هذا الرجل ، للتصريح بأن اسرائيل تخضع من دون شروط. خلال اشهر اعلنت اسرائيل بأنها تعارض بكل شدة اجراء الانتخابات في القدس وها هو اتصال هاتفي امريكي واحد يقلب كل شيء دفعة واحدة. الذئب موفاز تحول الي خروف إن لم نقل أرنبا. ربما تدركين اخيرا انك ان اردتِ فان الكناس يستطيع اطلاق النار وان موفاز أيضا يضطر للتراجع، لو كانت الادارة الامريكية ترغب فعلا لاصبح هذا الاحتلال من خلفنا منذ مدة طويلة. ولبدا الشرق الاوسط ومن ورائه العالم كله في صورة اخري. التغيير الدراماتيكي في هذه المنطقة النازفة من خلال وضع حد للاحتلال سيكون ممكنا الان فقط ان توفر واحد من الشروط الثلاثة التالية: قيادة اسرائيلية شجاعة بصورة استثنائية ، او دائرة اخري من اراقة الدماء، بصورة افظع من سابقاتها، او ادارة امريكية حازمة. احتمالية ظهور قيادة اسرائيلية شجاعة هنا تبدو مسألة مستبعدة جدا وامكانية حدوث دائرة جديدة من اراقة الدماء هي مسألة قاسية جدا. وعليه يتبقي امامنا الطريق الثالث. المشكلة هي أن في البيت الابيض رئيسا لا يهتم كثيرا بالسلام في الشرق الاوسط. حتي عن الحرب ضد الارهاب العالمي يتحدث ايضا بصورة عالية جدا ويعلن ضده بحروب خاسرة في الاماكن غير الصحيحة ولا يقوم بما هو مطلوب منه ان يفعله في الاماكن الصحيحة جدا. لو رغب الرئيس الامريكي بالتوصل للسلام في هذه المنطقة وسحب البساط من تحت اقدام أحد المحركات الهامة للارهاب الدولي لاستطاع الي ذلك سبيلا منذ زمن. الضغط الامريكي المكثف إن كان سيدفع اسرائيل للانسحاب من مناطق الاحتلال. بهذه الطريقة لم تكن الولايات المتحدة لتحرر العالم فقط من احد بؤر الصراع الاكثر تهديدا وانما لانقذت اسرائيل حليفتها الوفية من نفسها. تصوروا بينكم وبين انفسكم تصريح الرئيس الامريكي بان علي اسرائيل أن تنسحب من كل المناطق حتي موعد محدد. فهل ستدير ظهرها له. هذا يبدو خياليا جدا الان ولكنه اكثر سهولة مما يبدو عليه. التاريخ أثبت أن اسرائيل لا تتراجع ابدا عن مواقفها المتصلبة الا بعد اراقة الدماء وفي حالة واحدة في عملية سيناء بعد ضغوط دولية مكثفة. السلام مع مصر حدث فقط بعد حرب يوم الغفران رغم أنه كان من الممكن التوصل علي الاقل الي تسوية انتقالية قبل ذلك. الانسحاب من لبنان لم يحدث الا بعد أن اريقت دماء مئات الجنود سدي. وهذا ما حدث ايضا في قضية الاعتراف بـمنظمة التحرير الفلسطينية واتفاقات اوسلو التي ولدت لهذا العالم فقط بعد اراقة الدماء في الانتفاضة الاولي. احداث الاشهر الاخيرة برهنت بصورة صارخة انه في كل مرة ضغطت فيها الولايات المتحدة علي اسرائيل ولو بصورة لينة، قامت هذه الاخيرة بالتراجع. يكفي أن نذكر بمطلب الرقابة الاسرائيلية علي معبر رفح الذي تم التراجع عنه ايضا باتصال هاتفي واحد وكذلك الالتزام الاسرائيلي بتطبيق اتفاق المعبر الآمن اخيرا بين غزة والضفة والذي تم انتزاعه بين ليلة وضحاها خلال زيارة وزيرة الخارجية الامريكية للقدس (ولم يطبق فقط لان الولايات المتحدة فقدت اهتمامها بذلك) والانتخابات في شرقي القدس. من الناحية الاخري في كل مرة صمتت فيها امريكا، تسببت اسرائيل بالاذي لنفسها وللسلام ـ من خلال بناء المزيد من المستوطنات بواسطة مسار السور وحبس الفلسطينيين وممارسة المزيد من القوة المفرطة. من سخرية الاقدار انه كلما ظهر الزعماء الاسرائيليون بصورة اكثر تشددا كلما كانوا اكثر قابلية لسطوة الولايات المتحدة واكثر خوفا منها. هذا وصل الي الذروة في عهد ارييل شارون: لم يكن هناك سياسي اسرائيلي اكثر خوفا من الضغوط الامريكية منه. فك الارتباط ايضا جاء لهذا العالم في السياق لارضاء الادارة الامريكية.ولكن تفكيك عدة بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة وحتي فك الارتباط الممجد كانت خطوات متواضعة بالمقارنة مع ما هو مطلوب فعلا. علي المحك ما زال الاحتلال الاسرائيلي بكامل سطوته وقصر عمره وامريكا وحدها هي القادرة علي ما يبدو علي وضع حد له. في ظل الاعتماد المطلق علي الولايات المتحدة اقتصاديا وعسكريا تعتبر هذه مهمة ممكنة وقابلة للتحقيق ـ لولا وجود رئيس هو آخر شخص يمكن ان نتوقع منه ذلك في البيت الابيض.انتخابات السلطة الفلسطينية ستجري في شرقي القدس لان الولايات المتحدة رغبت في ذلك. كم كان من الاصح لو اقترحت اسرائيل ذلك بمبادرة منها كبادرة حسن نية، ولكن هذه اللغة لغة النوايا الحسنة لم تكن لغة متبعة ابدا في القدس. لذلك لم يتبقَ الا أن نأمل بقدوم الرئيس الامريكي الجريء الذي يعرف كيف يتسامي علي ضغوط اللوبي اليهودي والمسيحي القويين والذي يدرك ان الصديق الحقيقي الخائف علي مستقبل اسرائيل هو فقط ذاك الذي يتسبب في تفكيك كل المستوطنات وان المقاتل العنيد ضد الارهاب الدولي الذي يرغب فعلا في ضرب احدي البني التحتية الهامة لهذا الارهاب هو فقط ذلك الذي يضع حدا للاحتلال الاسرائيلي ابن الاربعة عقود.الانباء الجيدة هي ان هذا الامر ممكن. اما الانباء السيئة فهي أن ذلك لن يحدث علي ما يبدو بأي شكل من الاشكال في عهد جورج بوش. هو قد لعب دوره واستنفده في المنطقة: بوش رحب باولمرت واثني علي شجاعته .جدعون ليفيمراسل الصحيفة للشؤون الفلسطينية(هآرتس) 15/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية