اليوم خمرٌ وغدا أمر!

حجم الخط
0

اليوم خمرٌ وغدا أمر!

امجد ناصراليوم خمرٌ وغدا أمر!اليوم خمرٌ وغدا أمر.تنطبق قولة الملك الضليل إمرئ القيس علي اكثر من طرف في المنطقة بعد زلزال حماس الانتخابي، مثلما تنطبق، بقوة ايضا، علي حماس نفسها.فاليوم خمر وغدا أمر:لـ فتح وللسلطة الفلسطينيةولقوي اليساروالعلمانيينوالمسيحيين.واليوم خمر وغدا أمر:لاسرائيل بكافة احزابهالأوروباوأمريكاوقبل هؤلاء البعيدين، هناك الأقربون:الأردنومصروسورية ولبنانوايرانوالسعودية.واليوم خمر وغدا أمر:لحماس.. المكتسحة بشعار الاسلام هو الحل المجلس التشريعي الفلسطيني والمقبلة، ان قُدّر لها ذلك، علي تسلم زمام السلطة: ملف المفاوضات، الاقتصاد، الاحوال المدنية، المعابر، السلك الدبلوماسي الخ..فماذا ستفعل حماس ، ان رأينا احد قادتها الكبار يشكل حكومة حماسية بالكامل، بعد ان تنحت فتح قصدا عن المشاركة، كما اعلنت، في حكومة وحدة وطنية، إثر تنحية الشارع لها من البرلمان .. والحكومة بالتالي؟ماذا ستفعل حماس ، في هذه القضايا والملفات الشائكة، غير ما كانت تفعله فتح ؟هناك اليوم حماسان : حماس التي جاءت الي المجلس التشريعي بتراث من الأحزمة الناسفة و الدولة الموازية التي اقامتها علي أرض الواقع، خصوصا، في غزة، و حماس التي عليها ان تشكل حكومة فلسطينية وتتسلم زمام الشعب الفلسطيني من الألف الي الياء.فأي حماس سنري؟ حماس المقاومة؟ام حماس السلطة؟وكيف ستتمكن من جمع النقيضين معاً: السلاح والحكم؟هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.ولكن لماذا جاءت حماس بهذه الموجة الشعبية الكاسحة التي حملتها الي واجهة الحياة السياسية الفلسطينية؟هناك، بالطبع، أسباب عدة سيخوض فيها المحللون و المعلقون الفضائيون وسيدوخوننا بها. ولكن أهم الاسباب التي سيجمع عليها هؤلاء تتمثل في ما يلي:العجز الكامل، تقريبا، الذي ظهرت فيه السلطة الفلسطينية في معالجة مختلف القضايا المطروحة امامها: المفاوضات مع اسرائيل، الفساد الاداري والمالي ضارب الاطناب، الفلتان الامني المرعب، التفكك غير المسبوق، لحركة فتح وانقسامها علي بعضها البعض، ضعف اليسار الفلسطيني وضحالته الفكرية.واهم من هذا وذاك البنية الاجتماعية المحافظة (فلاحية الطابع) التي تسم المجتمع الفلسطيني في الداخل. فـ فتح واليسار القادمان من مجتمع الشتات الفلسطيني لم يقدّرا، علي الاغلب، عمق البعد المحافظ لهذا المجتمع شبه المغلق، ولا الطابع العائلي والعشائري الذي يتخلله (خصوصا في الريف). فتح واليسار الفلسطيني لم يولدا علي أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكنهما ولدا في وسط مجتمعات عربية واصلت، الي هذا الحد او ذاك، تطورها المدني وانفتاحها علي رياح العالم فيما اغلق الاحتلال الاسرائيلي الفضاء في وجه الفلسطينيين الذين ظلوا علي تراب وطنهم.كما أن معظم قيادات العمل السياسي الوطني الفلسطيني قادمة من الطبقة الوسطي سواء تلك التي اجبرت علي اللجوء عن ارضها عام 1948، ام تلك التي تشكلت في الشتات، فيما واصلت حركة الاخوان المسلمين التي انبثقت عنها حماس عملها، بحرية الي حد كبير، تحت الاحتلال، باعتبار انها لم تكن، قبل انطلاق الانتفاضة الاولي، منخرطة في العمل الوطني المقاوم.وهذا يفسر، برأيي، ضعف، ان لم اقل، غياب الطبقة الوسطي في الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال الافقار والاغلاق اللذين مارسهما الاحتلال طيلة ثلاثة عقود، وما تلاه من حصار شرس في اواخر حكم ياسر عرفات.ناخبو حماس ليسوا، علي الأرجح، من الطبقة الوسطي. فهم، في معظمهم، من ابناء المخيمات التي تعيش مهجرة، علي ارض وطنها، او من ابناء الريف، المحافظ، في طبعه وبنيته.ولن يقتصر زلزال حماس الانتخابي علي الوضع الفلسطيني والاسرائيلي فقط، بل سيرسل موجات قوية تتخلل الطبوغرافيا السياسية العربية المحيطة.لكن التحدي الاهم الذي طرحه الفلسطينيون، بمختلف اطيافهم، وعلي رأسهم السلطة الوطنية، امام العالم العربي هو النزاهة الانتخابية، فقد تكون هذه اول انتخابات برلمانية، عربية نزيهة وحرة وشفافة، وهي الرد الفلسطيني، الذي طالما كنا نأمله، علي قوانين الانتخابات العربية المصممة، خصيصا، لفوز الاحزاب الحكومية او الموالية لها. وفي البلدان التي لم تتمكن من صوغ هكذا قوانين قامت الحكومة نفسها بالتدخل في العملية الانتخابية وحرف مسارها كما حصل مؤخرا في مصر.وسواء أجابت حماس علي مئات الاسئلة التي ستطرح عليها في لحظة انتقالها من المعارضة الي الحكم أم لم تجب، يظل ان الفلسطينيين قدموا درسا في الديمقــــراطية للعرب لا ينبغي ان ينسوه.0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية