الوسط الروسي اصبح طائفة ذات تطلعات ورغبات بترسيم ملامح الدولة كلها
الوسط الروسي اصبح طائفة ذات تطلعات ورغبات بترسيم ملامح الدولة كلها بعد ثلاث سنوات من الاعلان الرسمي في انتخابات 2003 عن موت الصوت الروسي (650 الف صاحب حق اقتراع من الناطقين بالروسية)، ها هو هذا الصوت يتحول مرة اخري الي محور مركزي في الحملة الانتخابية الحالية وساحة غزل من كل الاحزاب. وبالرغم من ذلك لم يكن الاعلان عن موت الصوت الروسي خاطئا تماما: وانما لم يكن دقيقا بكل بساطة. الامر الذي لم يعد له وجود هو الوسط الروسي وما تبقي منه الان. والمجتمع يتميز خلافا للوسط بانماط واحتياجات اقتصادية ـ اجتماعية متشابهة وبرغبات وتطلعات مشتركة. المشاكل الاجتماعية ـ الاقتصادية التي منها القادمون الجدد اصبحت مع الوقت مشاهة لتلك الموجودة عند الجمهور كله في البلاد. ومع ذلك ظلوا كجالية متماسكة في المحيط الثقافي والتطلعات المشتركة. في الساحة التي تحفل بسياسة الهويات ـ تعتبر هذه الامور ذات وزن حاسم. تعبيرات وجود جالية ذات انماط تفكير مشتركة ومتميزة يمكن أن نراها في الاشهر الاخيرة بصورة جيدة ردا علي حدثين. الروس قالوا في الاستطلاعات ان العامل السياسي ـ الامني سيكون دافعا اساسيا للتصويت رغم هيمنة الاعتقاد بان الشأن الاجتماعي ـ الاقتصادي هو الحاسم هنا. الروس عرفوا ذلك لانهم لا ينتمون بعد لتيار التفكير المركزي كمجموعة اجتماعية. التعبير الثاني عن تحول الروس من قطاع الي طائفة هو رد الفعل علي صعود حماس. رغم الميول اليمينية لدي اغلبية الناطقين بالروسية الا ان ردهم علي ذلك كان منضبطا اكثر من رد فعل الشارع الاسرائيلي عموما. ذلك لان عند الشارع لا يميز بين فتح وحماس. كما هو شائع لدي الجمهور الاسرائيلي. اغلبية الروس لا يجدون فرقا بين الاثنين (فتح وحماس). هذا ايضا احد الاسباب التي فشلت فيها حملة التخويف التي قادها بنيامين نتنياهو في اوساطهم. لا يوجد سبب للخوف من تعزيز قوة طرف معين. ليس صدفة أن افيغدور ليبرمان يسمح لنفسه بالسخرية من شعار نتنياهو قوي في مواجهة حماس في صحيفته الانتخابية الروسية. هذا شعار جيد لانتخابات البرلمان الفلسطيني ولا علاقة له بالانتخابات الاسرائيلية .أيضا نجاح ليبرمان الذي يلوح في الافق في اوساط الروس هو تعبير عن المشاعر الطائفية لديهم. لو كان ليبرمان قد اتي للناخبين مع نفس البرنامج ـ ولكن من دون اللكنة الروسية ـ لما حاز علي نفس التأييد الذي تمتع به الان. من الناحية الاخري يمكن التقدير انه لولا كونه روسيا لاندفع كثير من الاسرائيليين القدامي وراء خطته لمبادلة الاراضي والسكان التي ولدت عموما في اوساط النخبة الاكاديمية والامنية القديمة. ولكن ليبرمان بالرغم من جهوده للتنصل من هذه العلامة المميزة الا انه ظل قائدا طائفيا. هو واحد من جماعتنا في نظر الروس الامر الذي يشكل حاجزا زجاجيا امام طريقته نحو القلب الاسرائيلي، وفي وسائل الاعلام الروسية يوجهون الانتقادات احيانا لعدم كون قائمته روسية بدرجة كافية، امام الاسرائيليين القدامي فيقولون انها روسية جدا. ارييل شارون أجاد ادراك التوجهات في اوساط الروس ولكن اقامة كديما عقدت مساعيه لكسب تصويتهم لليكود كما فعل بيغن مع اصوات الشرقيين في 1977. المتنافسون الان يسعون للتواصل مع الروس بطرق بدائية. ايهود اولمرت يقوم بذكر اصل والديه من بلدة سمارة اما عمير بيرتس فيقول ان بعض اسرته قد هاجروا لروسيا بعد طرد اليهود من اسبانيا. المتحدثون يسخرون من ذلك وهم لا يبحثون عن حزب روسي آخر بل عن تمثيل اصيل لهم. ليس فقط من اجل تحقيق تطلعاتهم بل من اجل تحويل الحلول المطلوبة من هذه الطائفة الي حلول اسرائيلية شاملة في كل المجالات. الروس لم يعودوا يبحثون عن الاندماج بل يريدون القيادة والتحول الي شريك كامل في بلورة ملامح الدولة علي أساس حلولهم هم. الحلول هي الكلمة المركزية في المنافسة علي الصوت الروسي، فالروس خلافا للجمهور القديم الذي تعلم الاكتفاء بالوعود الغامضة، يطالبون بامور واضحة ودقيقة الامر الذي تحول الي مسألة هامة بعد رحيل شارون عن الساحة. ومع ذلك تتحدد صورة التأييد في الانتخابات حسب الناخب بعينه: نواة كديما الصلبة هي ناخبو شينوي سابقا الذين يعتبرون أنفسهم طبقة متوسطة برغماتية. أما ناخبو ليبرمان الكبار في السن فينتمون لطبقة أدني. 40 في المئة من الروس ـ نسبة أعلي منها في مجموع السكان ـ يغيرون اصواتا عائمة حتي الان واللعبة هي: الاصوات مقابل الحلول. ليلي جاليليكاتب في الصحيفة(هآرتس) 5/3/2006