المقارنة بين حماس وحركة شين فين خاطئة لأن الحركة الايرلندية لم تهدف للقضاء علي بريطانيا
المقارنة بين حماس وحركة شين فين خاطئة لأن الحركة الايرلندية لم تهدف للقضاء علي بريطانيا منذ الانتخابات في المناطق أصبح يُتحدث كثيرا بالأخذ بـ النموذج الايرلندي كاستراتيجية بعيدة الأمد حيال حماس. مؤيدو هذا التوجه يزعمون أن إدماج حركة الارهاب الاسلامية في النظام السياسي الاقليمي سيجعلها تكف عن العنف، كما أن المشاركة المتزايدة لحزب شين بين الايرلندي في سياسة الانتخابات أفضت في نهاية الأمر الي تخليه مما وصفه بـ كفاحه المسلح .هكذا قال مثلا، ريتشارد هاس، الذي كان فيما مضي المبعوث الامريكي الخاص الي ايرلندا الشمالية، في برنامج صباح الخير، امريكا ، إن التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة واسرائيل في كل ما يتعلق بالاسلاميين هو أن نجد طريقا نجلبهم بها تدريجيا الي داخل الخيمة (السياسية) . وهذا كما فعلت الولايات المتحدة، وبريطانيا وايرلندا، التي عملت بنجاح (مع شين فين) آي ـ آر ـ إي لأكثر من عقد .لكن، توجد موازيات تاريخية بين الوضعين. لقد قاطع شين فين في البداية الانتخابات، بعلة أن معني المشاركة فيها سيكون قبول تقسيم ايرلندا واعترافا فعليا بالسلطة البريطانية في الشمال. زعمت حماس الزعم نفسه في 1996، أن معني المشاركة في الانتخابات العامة في المناطق هو قبول اتفاقات اوسلو والاعتراف الفعلي باسرائيل. بعد عقد من المباحثات فقط قرر شين فين أن يرشح مرشحين منه في الانتخابات. اليوم له خمسة اعضاء في البرلمان الايرلندي وفي البرلمان البريطاني والحركة هي الحزب الثاني في كِبره في ايرلندا الشمالية.قال ترياه لارسن مؤخرا إن حماس بنت هويتها علي معارضة الانتخابات ومؤسسات السلطة الفلسطينية. الآن هم حكام هذه المؤسسات . يمكن أن تُقال هذه الكلمات عن شين فين بنفس الدرجة.ومع ذلك، يجب علي مؤيدي النموذج الايرلندي أن ينتبهوا الي أن المميز الرئيس لعملية السلام هناك كان الفصل المشكوك فيه الذي قامت به المؤسسات السياسية، الايرلندية والبريطانية، بين الذراع السياسية والذراع العسكرية للحركة الجمهورية. في الحق أن لـ شين فين والـ آي ـ آر ـ إي بني تنظيمية مستقلة، لكن العضوية في المؤسسات كانت تتماس وفي احيان كثيرة كانت السيطرة مشتركة. وهكذا استطاع شين فين أن يتقدم في الحلبة السياسية في حين أن الـ آي ـ آر ـ إي واصل تنفيذ اعماله الارهابية.حدث جزء من الاعمال الأكثر فظاعة التي نفذها الـ آي ـ آر ـ إي في الثمانينيات وفي بداية التسعينيات، عندما بدأ يخبو النجم السياسي لـ الشين فين. برغم الميل الي الغاء تصريحات ذوي الخط المتشدد كعديمة القيمة في السنين التي تلت هدنة 1994 و1997، و اتفاق يوم الجمعة الحسن في 1998 ـ واصل شين فين/ آي ـ آر ـ إي التدريبات العسكرية وتجنيد الجنود ، للتجسس وجمع المعلومات الاستخبارية. وكان كل هذا تصحبه عشرات الاغتيالات.شغلت الولايات المتحدة دورا رئيسا في اعطاء الفصل بين شين بين وآي ـ آر ـ إي الشرعية، لكن قول كونداليزا رايس في دافوس، إن حماس لا تستطيع أن تكون مع رجل واحدة في السياسة ورجل اخري في الارهاب ، سُمع أجوف في الآذان الايرلندية. لكن تمييزا كهذا يوجد الآن بين الذراع السياسية والذراع العسكرية لحماس، وفي المستقبل يُلمح خطر أن يمكّن الفصل شبه الفعلي بين حركة التغيير والاصلاح وبين كتائب عز الدين القسام اسماعيل هنية من اللعب في الحلبة الدولية، علي نحو يشبه جيري أدامز.لا ينبغي أن نُنكر أن الوضع في ايرلندا الشمالية تحسن جدا. إن شين فين مدفوعا بالبراغماتية وشهوة القوة السياسية، مدمج اليوم في العملية الديمقراطية. أهذا صحيح بالقياس الي حماس ايضا؟ يصعب أن نفترض ذلك.كانت مطالب الجمهوريين الايرلنديين في أساسها قابلة للتسوية. لم تكن غايتهم القضاء علي بريطانيا بل انهاء السلطة البريطانية في إليستر. لم يكن الباعث علي محاربة البروتستانت الكراهية الدينية بل الهوية السياسية للأوائل ذوي التاج. بمقابلة ذلك، سبب وجود حماس هو القضاء علي دولة اسرائيل. يدعو برنامجها الي جهاد اليهود جميعا، في حين أن براغماتيتها تبلغ فقط الي تأجيل هذا القضاء عليها للأجيال القادمة. لا يجوز لاسرائيل أن تفاوض أناسا كهؤلاء.شون غانونصحافي وباحث مستقل مختص بعلاقات ايرلندا باسرائيل(هآرتس) 26/2/2006