المشهد الفلسطيني.. نظرة للمستقبل
المشهد الفلسطيني.. نظرة للمستقبل منذ أن أصدر الرئيس عباس مرسومه الذي يقضي بتحديد يوم الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني 2006 موعدا لاجراء الانتخابات التشــــريعية الفلسطيـــنية، كان الجميع يتوقع بل ويرغب في تغيير لون الخريطة السياسية الفلسطينية التي طغي عليه لون سياسي واحد طوال عقد من الزمان ليتحول الي ألوان عدة.جاءت الانتخابات كاستحقاق تأخر كثيرا، وجاءت نتائجها الغير متوقعة والمفاجئة للكثير، جاءت لتعكس استمرار طغيان اللون السياسي الواحد وإن تغير هذا اللون حيث لم يترك لباقي الألوان سوي مساحات صغيرة متناثرة وإن كان احدها نال مساحة اكبر إلا أن الفجوة بينه وبين اللون الذي طغي كبيرة، وعلي الرغم من المظاهر الايجابية الأولية لنتائج الانتخابات حيث الروح الديمقراطية التي تمتع بها شعبنا الفلسطيني، روح أذهلت العالم وأصبحت مضربا للمثل ووضعت موضع الدراسة والتحليل للعديد من المراقبين والمحللين، إلا أننا نري أن هذه النتائج الايجابية الأولية، لا تكفي لاستقراء المشهد الفلسطيني القادم حيث نقلت لنا وسائل الإعلام المختلفة أنباء لا تبعث علي الطمأنينة بل تثير القلق وعدم التفاؤل بمستقبلنا ومستقبل مشروعنا الوطني، من هنا أري ضرورة التعرض لعناصر المشهد الفلسطيني لعلي أسهم ولو بالشيء القليل في تشخيص الحالة الفلسطينية، والإسهام أيضا في توضيح أسباب الخروج من سلبياتها وترسيخ إيجابياتها، وأول هذه العناصر وأخطرها علي الأقل في نظري العنصر الإعلامي، فمنذ اللحظة الأولي لإعلان نتائج الانتخابات بدأ في التدفق سيل من البيانات والتصريحات التي تعبر عن نشوة الانتصار من جهة، وقوة الصدمة من جهة أخري، ولا أقول مرارة الهزيمة لان كلا من النصر والهزيمة ينعكسان علي مجمل الحالة الفلسطينية، إن كثيرا من هذه التصريحات تفتح الباب علي مصراعيه للشائعات المغرضة، وتداعياتها التي تثير التحفظ لدي الرأي العام الفلسطيني، وتنعكس سلبا علي مجتمعنا ما يهدد استقراره ويجرفه بعيدا عن تحقيق أهدافه الوطنية، المجتمع الذي عاش قرونا لم يتغير إلا بتغير الزمان فكرا وثقافة.إن مثل هذه التصريحات والبيانات في اعتقادي لا لزوم لها في هذا الظرف، والأفضل العودة الي الاستفادة من التجربة الديمقراطية الفريدة لشعبنا، وذلك بتغليب لغة الحوار البناء والخروج علي شعبنا بأخبار سارة تحمل الأمل في الخلاص من هموم هذا الشعب، وهنا يقع علي عاتق وسائل الإعلام والقائمين عليها تحمل مسؤولياتها، وعدم الانجرار الي انفلات إعلامي إن جاز لي هذا التعبير لان كلمة انفلات يبدو أنها أصبحت من مفردات ثقافتنا، المهم هو أن ندفع بالإعلام ليكون عامل وحدة لشعبنا لا عامل فرقة وخلاف.العنصر الثاني هو العنصر الأمني فقد عاني شعبنا ومنذ فترة ليست بالقصيرة من ظاهرة الفلتان الأمني والتي من ابرز مظاهرها أعمال الاعتداء علي المواطنين التي راح ضحيتها عشرات القتلي وأعمال الخطف للأجانب والدبلوماسيين مما يعمل علي تشويه صورتنا ويفتح الآفاق لأعدائنا والمراهنين علينا وعلي نجاح مشروعنا الوطني، وأخيرا النزاعات العائلية التي تكاد أن تتحول الي حروب محلية طاحنة تهدد بامتداد لهيبها لكي تحرق الأخضر واليابس.أكرم ابو عمروفلسطين6