المرونات التكتيكية لن تُحول حماس من عدو خطر الي شريك في الأمن والسلام
قد تُعدل شيئا من مواقفها وتعترف باتفاقات لكنها لن تغير مواقفها الأساسيةالمرونات التكتيكية لن تُحول حماس من عدو خطر الي شريك في الأمن والسلام تثير موجة التسونامي التي أغرقت حماس بها الحلبة الفلسطينية جدلا لاذعا في الغرب يتصل بمبادرة الدمقرطة التي تحاول ادارة بوش إحداثها في الشرق الاوسط، بانضمامها الي سلسلة من نتائج الانتخابات المشكلة في منطــــقتنا. ينتـــقد كثيرون الادارة علي مضيها السريع والكاسح جدا في هذه السبيل وأنها تثق بالانتخابات كمُحرك ديمقراطي رئيس، خلافا لمحاولة إشراب النفوق قيم الديمقراطية.يرد المدافعون عن الدمقرطة بأن عبء المسؤولية السلطوية سيفرض في نهاية الأمر علي حماس شيئا من اثنين ـ فإما أن تعتدل وإما أن تفشل وتفقد كرسيها. انهم يؤيدون موقفهم، بين الجملة، بسوابق تاريخية لاعتدال احزاب متطرفة وعنيفة وباستطلاعات رأي عام فحواها أن أكثر الجمهور الفلسطيني لم ينتخب حماس لمشايعتها ايديولوجيا.هل يمكن أن نتوقع اعتدال حماس؟ التاريخ مليء بأمثلة مناقضة. لكن استعراض السوابق السياسية لحركات اسلامية في الشرق الاوسط الحديث ولحركات جذرية خارجه، يدل علي أن النجاح يحتاج الي سلسلة من الشروط. فالي جانب فتح الميدان السياسي للمنافسة الحرة نسبيا أمام الحركة الجذرية، يُحتاج الي مركز سياسي ـ سلطوي وعام ـ قوي قوة كافية لاستيعاب هذه الحركة، وليفرض عليها قواعد اللعبة الديمقراطية ولمنعها من حرف الجهاز السياسي الي اتجاهات غير مرجوة. هكذا كان الامر مثلا في تركيا وفي الاردن. ولم يحدث هذا في لبنان حيث جري استيعاب جهة قوية ـ حزب الله ـ لها تأييد خارجي قوي (ايران وسورية)، في نظام سياسي ضعيف ومُفرق طائفيا. يشارك حزب الله في الانتخابات في لبنان منذ نحو 16 سنة وفي الحكومة منذ نحو سنة، ومع كل ذلك لم يُعدل مواقفه، ولم ينزع سلاحه ولم يكف عن الهجوم في الحدود مع اسرائيل.الي ذلك تحتاج تلك الاجراءات الي سنين. فحركة الاخوان المسلمين في مصر التي أُسست في 1928 وقتلت رئيس حكومة في 1948 تخلت عن طريق العنف في 1971 فقط بعد سنين من ضغط نظام الحكم. في ايران، يُمسك نظام الحكم الاسلامي بمقود السلطة منذ 27 سنة. لقد زال بريقه عند الجمهور، لكنه يمنع الانتخابات الحرة ولم يُعدل موقفه. يصعب صعوبة خاصة تغيير نواة الايديولوجية في الحركات الدينية، اذا ما حدث ذلك أصلا، لأن الحديث عن فرض إلهي عندها.حصلت حماس علي فرصة المشاركة في انتخابات حرة بغير شروط مقدمة. فازت، من بين الجملة، لانها جعلت نفسها قوة ذات شأن، مسلحة واجتماعية، تنافس مع علم الاصلاح بإزاء مـــــركز سلطة متداعٍ في صورة أبي مازن ومركز جماهيري ـ حزبي مُنحل في صورة حركة فتح. لا يُطلب الي حماس اذا أن تُعدل برنامجها الايديولوجي ـالسياسي لتفوز، اضافة الي أن أكثر الجمهور الفلسطيني في الأصل يقبل موقفها من أن الخيار العنيف بإزاء اسرائيل مشروع. وقد أدركت كيف تنصب هدفا مرحليا سياسيا، يستطيع أكثر الجمهور الفلسطيني قبوله، ألا وهو هدنة طويلة علي حدود 1967 (كمرحلة في السعي الي القضاء علي اسرائيل).الآن جعلت حماس نفسها مركز السلطة، الي جانب أبو مازن الضعيف. حيال ضرورات الواقع، يمكن أن نتوقع خطوات مرونة تكتيكية من قبل المنظمة مثل إطالة التهدئة القائمة، والاعتراف باتفاقات قائمة مع اسرائيل ـ علي الأقل جزء منها ومؤقتا ـ بل الاعتراف بواقع وجود اسرائيل، وهو واقع لا تستطيع أصلا تغييره. ولكن لا ينبغي أن نتوقع أن تتخلي حماس في المستقبل المنظور عن أسس موقفها: فهي لن تعترف بحق اسرائيل في الوجود ولن تتخلي عن خيار العنف بها. حماس مصغية الي الرأي العام الفلسطيني وتعتقد أن هذه المرونة ستنقطع. ربما تكون مُحقة. لا يعني هذا الأمر أن علي اسرائيل والجماعة الدولية أن تكتفيا بذلك وأن تكفا عن ضغط حماس. هذه المرونات التكتيكية لن تُحول حماس من عدو خطر الي شريك في الأمن والسلام.ميخائيل هرتسوغكاتب في الصحيفة(يديعوت احرونوت) 2/3/2006