القرضاوي.. زيارة مع درس

حجم الخط
1

كان يفترض بغزة أن تحظى أمس بزيارة دراماتيكية: الشيخ القرضاوي، الداعية الاهم في العالم السني، كان سيصل الى القطاع في ‘زيارة تضامن’ لثلاثة أيام، مما سيرفع اكثر فأكثر مستوى التوتر بين حماس ومصر.
لقد فقد القرضاوي العجوز منذ زمن بعيد السيطرة على طلاقة لسانه ووضوح تفكيره. وبين الفتاوى الاخيرة له يوجد الاقرار بقتل النساء اليهوديات الحوامل (إذ أنهن يحملن في ارحامهن الجندي الاسرائيلي المستقبلي)، والقاء اللوطيين من أسطح العمارات السكنية وما شابه. لقد جعل الداعية المتطرف بكلتي يديه حسن نصرالله الشيعي بطل العالم العربي حين اثنى عليه عند انسحاب اسرائيل من لبنان في صيف 2000. وضمن أمور اخرى، ساهمت شعبية نصرالله في الحركة الكثيفة للتحول من السنة الى الشيعة في مصر. وعندما استيقظ القرضاوي وأعلن في 2008 بانه لا ينبغي تفسير تأييده لزعيم حزب الله كإذن للتحويل الديني، كان هذا متأخرا للغاية. فاليوم يوجد في مصر نحو 3 ملايين شيعي، قسمهم الاكبر رجال الاخوان المسلمين.
هدف الزيارة الى قطاع غزة، قال القرضاوي، هو دعم سكان غزة والعيش معهم في مصاعبهم اليومية تحت الحصار. ولكن الرسالة الحقيقية موجهة الى القاهرة ولا سيما للرئيس مرسي، الذي لم يشهد لحظة راحة منذ صعد الى الحكم في بلاده. وفي قيادة حماس توجد خيبة أمس هائلة من مرسي. فبالذات الرئيس الذي جلبه الاخوان المسلمون الى الحكم قيد مجال المناورة مع حماس. فالحكم في مصر يحاول بكل قوته أن يمنع عن حماس وعن منظمات الارهاب الاخرى استخدام سيناء كقاعدة عمل للعمليات، للتهريب ولكل عمل آخر لا يمكن تنفيذه من الحدود مع اسرائيل. وبنهج حماس، فان على مصر أن تغض النظر عن نشاط المنظمة في سيناء، ان تمارس الضغط على اسرائيل في الجبهة الدولية وأن تسمح بتهريب السلاح الى القطاع مثلما فعل بالذات نظام مبارك.
ان دعوة الشيخ القرضاوي الى غزة تشكل استخداما لسلاح يوم الدين من جانب حماس استخدام كبير الدعاة في العالم السني لاثارة الرأي العام في مصر من أجل غزة. هذه لعبة خطير من جانب حماس بالذات لان مرسي يوجد وظهره الى الحائط. حكمه يفقد السيطرة مع كل يوم يمر. وهروب اصحاب المال وانهيار الاقتصاد المصري لم يترك للحكم مصادر لدعم المنتجات الاساس للمواطنين. وحتى الخبز يوجد تحت التقنين ثلاثة ارغفة للمواطن فقط. في مظاهرة عقدت مؤخرا في حي شبرا في القاهرة قال العديد من المصريين للكاميرات انهم يشتاقون للحكم السابق، مهما كان فاسدا. ‘آسف يا مبارك’ و ‘اريد ان أقبل حذاء مبارك’ هي أسماء لاغان مصرية جديدة تعكس المزاج العام.
وترفض إمارة قطر، التي أعربت في الماضي عن استعدادها لاستثمار 4 مليارات دولار في شهادات دين مصرية، تمويل الاقتصاد المصري المنهار. وفي ظل يأسه دعا الحكم السياح الاجانب للعودة الى مصر، والتشمس بملابس بحر بل واحتساء الكحول. ان فقدان السيطرة على الشارع، كما يعرف مرسي ومستشاروه، من شأنه ان يدفع الجيش الى محاولة الاستيلاء من جديد على الحكم. والامر الاخير الذي يحتاجه مرسي هو الضغط من حركة حماس ومن الزعيم الاكثر حضورا في العالم السني. ان الرئيس المصري كفيل بان يلقن حماس درسا على خطواتها الاخيرة. وخلافا لاسرائيل فان التجلد ليس خيارا من ناحيته.

معاريف 9/5/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول يحيي ابو دبورة النرويج:

    تحليل منطقي و رائع !

إشترك في قائمتنا البريدية