القاهرة قبلة المأزومين
القاهرة قبلة المأزومين تحولت القاهرة العاصمة المصرية الي محج للمسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين في الايام القليلة الماضية، فقد زارتها وزيرة الخارجية الاسرائيلية، والرئيس الفلسطيني، ومن المتوقع ان يحط الرحال في ربوعها وفد يمثل قيادة حركة المقاومة الاسلامية حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الاخيرة باغلبية كبيرة من المقاعد.اسباب هذا التحول تنحصر في شعور الاطراف المذكورة آنفا بوقوعها في ازمة صعبة تحتم عليها طلب مساعدة الحكومة المصرية.الحكومة الاسرائيلية هي اكبر المأزومين من فوز حركة حماس ، لان الحركة تتمسك بحزمة من الثوابت تبدأ برفض الاعتراف بالدولة العبرية، وتنتهي بحق العودة الذي تعتبره الحكومة الاسرائيلية خطوة رئيسية علي طريق تدميرها والغاء صفة اليهودية عنها.الرئيس الفلسطيني محمود عباس مأزوم ايضا لان حزبه الحاكم، حركة فتح مني بهزيمة ثقيلة في الانتخابات، الامر الذي وضعه في مأزق حرج امام قواعد الحركة التي تطالب برأس القيادة لانها تحملها مسؤولية هذه الهزيمة، مضافا الي ذلك انه بات عليه ان يتعامل مع حكومة، ومجلس تشريعي تسيطر عليهما حركة معارضة ومنافسة في الوقت نفسه تتمسك بايديولوجية مختلفة، وترفض كل نهجه السياسي واتفاقات اوسلو التي هندسها.حركة حماس مأزومة ايضا لانها تجد ان فوزها في الانتخابات بات يشكل عبئا عليها، ويضعها في حال صدام مع الدولة العبرية والولايات المتحدة الامريكية. وقد هددت الاولي بانها لن تتعامل مع حركة ارهابية حتي لو اختارها الشعب الفلسطيني، بينما هددت الثانية بوقف المساعدات المالية عن اي سلطة تتزعمها الحركة.الحكومة المصرية ايضا مأزومة، لان فوز حركة حماس في الانتخابات ادي الي انتعاش التيار الاسلامي القوي في مصر الذي تتزعمه جماعة الاخوان المسلمين ، واثار شهيتها الي السلطة. مضافا الي ذلك ان هذه الحكومة تخشي من عدوي انتقال المقاومة المسلحة الي صحراء سيناء، وربما الي داخل مصر نفسها، فقطاع غزة يشكل صداعا مزمنا لمصر، واي اضطراب امني فيه يتعدي حدوده الي مصر، واحتمالات هذا الاضطراب والفوضي الامنية ما زالت قائمة، بل وتزداد في ظل حال الفلتان الامني التي تسود القطاع حاليا.ومن الصعب تصور اي مخارج سهلة للمأزومين هؤلاء، فرادي او كمجموعة، لان فوز حماس خلط كل الاوراق، وامسك بجميع الاطراف وهي غير مستعدة للتعامل مع مثل هذا التطور غير المتوقع.فالرهانات جميعا كانت تصب في مصلحة فوز حركة فتح ، وانحسار دور حماس في تشكيل معارضة قوية تمارس ضغوطا علي السلطة لترتيب بيتها الداخلي، وتطهير صفوفها من الفساد والفاسدين، ولكن الشعب الفلسطيني افشل كل هذه الرهانات، واثبت انه قادر علي خلق معادلات جديدة علي الارض تتناقض مع معادلات الآخرين.حماس لن تتراجع عن ثوابتها، والدور المصري لم يعد فاعلا لانه اقرب الي الدورين الامريكي والاسرائيلي، ولذلك من المرجح ان تستمر هذه الازمة، وان يظل فوز حماس نظريا لعدة اسابيع، او اشهر قادمة، ريثما يقرر المثلث المصري ـ الامريكي ـ الاسرائيلي خطوته القادمة. وهي خطوة نستطيع ان نتنبأ منذ الان بانها ستعمل علي نزع سلاح حركة حماس من خلال افتعال حادثة ما تفجر الحرب الاهلية الفلسطينية التي طال انتظارها امريكيا واسرائيليا.9