الفن الشعري عند آن سيكستون: بين الألم والإبداع

ترجمة وتقديم: شاكر لعيبي
حجم الخط
0

آن سيكستون، اسمها الحقيقي آن غراي هارفي Anne Gray Harvey، ولدت عام 1928 في ماساتشوستس، وأمضت معظم حياتها في محيط مدينة بوسطن وتوفيت في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1974، كاتبة وشاعرة وعارضة أزياء أمريكية. في عام 1945، انضمت إلى مدرسة داخلية، مدرسة روجرز هول، في ماساتشوستس. تزوجت في عام 1948 بألفريد مولر سيكستون، المعروف بالاسم المستعار «كايو». كان لديهما، قبل طلاقهما في أوائل السبعينيات، طفلان. اتسم شطر كبير من حياة آن سيكستون بالاكتئاب. وحدث لديها أول انهيار عصبي في عام 1954. وبعد دورة الاكتئاب الثانية في عام 1955، قابلت الدكتور مارتن أورن، الذي شجّعها على كتابة الشعر، وهو ما قامت به عبر التسجيل في ورشة الشعر الأولى التي كان ينشّطها الشاعر جون هولمز عام 1957. بعد هذا الانغماس في الورشة، لاقت قصائد آن سيكستون بعض النجاح، لأنها كانت تنشر في مجلات أمريكية مرموقة، مثل «نيويوركر» ومجلة «هاربر» ومجلة «السبت». قام مستشارها الموجّه دبليو بتشجيع إبداعها الشعري.
في ورشة شعر جون هولمز، التقت آن سيكستون بالشاعرة ماكسين كومين Maxine Kumin (1925 ـ 2014) التي ستبقى مقرّبة منها حتى نهاية أيامها. لم تتوقف المرأتان أدبيا عن مساعدة بعضهما بعضا، وأنجزتا معا أربعة كتب للأطفال. ترددت آن سيكستون أيضا في عام 1959 على ورشة عمل للشعر كان ينشطها الشاعر روبرت لويل، وكانت الشاعرة سيلفيا بلاث تتردد عليها أيضا. في وقت لاحق، ستقود آن سيكستون نفسها ورشات للشعر في كلية بوسطن، وفي كلية أوبرلين، وفي جامعة كولجيت. فازت بجائزة بوليتزر للشعر عام 1967.. وانتحرت في عام 1974 في مرآبها باستنشاق الغاز العادم من سيارتها. كتب الموسيقي البريطاني بيتر غابرييل في عام 1986 أغنية مخصصة لآن سيكستون بعنوان (شارع الرحمة Mercy Street).
تجسّد آن سيكستون الشخصية الحديثة للشاعر الاعترافي، لم تفتح الطريق أمام النساء الشاعرات فحسب، بل ساهمت في كشف مشاكل الإناث على وجه التحديد، وعالجت موضوعات مثل الإجهاض بشكل خاص، والحيض، واستمناء الإناث والعلاقات الجنسية، قبل وقت طويل من التسامح الأدبي والاجتماعي مع هذه الموضوعات أو قبولها. وفي هذا اندفعت ودفعت حدود الشعر النسويّ.

في الفن الشعريّ.. شذرات:

«في بعض الأحيان، تلتقط الروح صورا للأشياء التي تتمناها، لكن التي لم ترها».

«القدّيسون ليس لديهم اعتدال، ولا الشعراء، مجرّد فيض [النشوة]».

«الانتحار، في نهاية المطاف، مضادّ للقصيدة.»

كلمات

كن حذراً من الكلمات،
حتى من الكلمات الإعجازية.
من أجل معجزة، نبذل قصارى جهدنا،
في بعض الأحيان الكلمات سرب كالحشرات
لا تترك لدغة لكن قبلة.
يمكن أن تكون جيدة مثل الأصابع.
ويمكن أن تكون أكيدة مثل الصخرة
التي نلتصق أسفلها.
لكن يمكن أن تكون في آن واحد إقحوانات ورضّات.
مع ذلك أنا في حالة حبّ مع الكلمات.
إنها حمائم تسقط من السقف.
هي ست برتقالات مقدّسة تجلس في حضني.
الأشجار وأرجل الصيف،
والشمس، هي وجهها العاطفي.
رغم ذلك غالبا ما أخفق
لديّ الكثير مما أريد قوله،
الكثير من القصص والصور والأمثال، وما إليه.
لكن الكلمات ليست جيدة بما يكفي،
(الكلمة) الخطأ قبّلتني.
أحيانا أطير مثل النسر
لكن بأجنحة طائر الصَعْوة صفراء العرف.
أحاول العناية بها
وأكون لطيفة معها.
يجب التعامل مع الكلمات والبيض بعناية.
بمجرد تكسُّرها، يكون مستحيلا إصلاحها

«الكتّاب مثل الدجّالين: لديهم في بعض الأحيان رؤى حكيمة لكنهم لا يعيشون بها إطلاقا. هذا ما يشابه الكتّاب… تعتقد أنهم يفقهون شيئا، لكنهم عادة ما يكونون مجرد عبث».

«الشعور الجميل بعد كتابة قصيدة أفضل حتى من (الوقت) التالي لممارسة الجنس، وهذا يقول الكثير.

«الشعر هو حياتي، ختم البريد خاصّتي، يداي، مطبخي، وجهي.»

«عندما أكتب، أعلم أنني أفعل الشيء الذي وُلدتُ لأفعله.»

«في اللحظات السابقة لقصيدة، عندما يأتي الوعي من الأعلى، وتدرك أن قصيدة مدفونة في مكان ما، فأنت تهيئ نفسك. أنا أركضُ في الأرجاء، كنوع من الوثوب حول المنزل، غبطة رائعة. يبدو الأمر كما لو أنني أستطيع الطيران» .

«الشعر قادني من يدي بعيداً عن الجنون».

«الحقيقي فيّ يعيش بالكلمات، وليس بما تعنيه الكلمات.»

«لله صوت بُني، ناعم وممتلئ مثل البيرة.»

«ربما أنا حمقاء… معظم الشعراء حمقى، لكن لسبب ما أحب الإيمان، لكن ليس لديّ أي إيمان.»

«الشعر، في نهاية المطاف، يستحلب اللاوعي.

«الألم ينقش ذاكرة عميقة.»

«تأتي قصائدي فقط وأنا أكاد أفقد القدرة على النطق بكلمة. للتحدث بما لا يوصف.»

«عيون نبات النفل مليئة باللغة.»

«سأفقد نفسي، لولا فرصة أن ينقذني الشعر».

«يجب أن تكوني شاعرة،
سيّدة الحظ السيئ
راغبة في أن تكوني ما ليست عليه،
رغبة أن تكوني
زيارة فحسب».
من مجموعتها «التجديف المُجْهِد بقارب نحو الله:» التي ترجم عنوانها بشكل ملتبس.

«الشاعر المخمور (عبقريّ في وضح النهار)».

[رسالة بتاريخ أغسطس/ آب 1965، فيها نصيحة إلى شاعر طموح من مدينة أميرست، في ولاية ماساتشوستس الأمريكية]:
كانت رسالتكَ مثيرة للاهتمام للغاية، ومن الصعب تبيان حدودها، ما جعل من العسير أن أضع بطريقة ما أفقا لك، أو تقديم المشورة أو المساعدة بشكل حقيقي. دعني أخبرك أولاً أنني أجد قصائدك رائعة، ومتفاوتة بشكل رهيب.. ولعلها ثمينة، ومضات من التألق.. لكن ثمة الافتقار الرهيب إلى السيطرة، وثمة الاستخدام السيئ للقافية، والأخطاء التي أنا متأكدة من أنك ستتعلم ألا ترتكبها في الوقت المناسب. أنا لست نبية، لكني أعتقد أنك ستنجح إذا تعلمت التنقيح، وإذا أخذت وقتك الكافي، وإذا اجتهدت في كتابة قصيدة واحدة في أربعة أشهر بدلاً من مجرد ترك المعجزة (كما يجب أن تشعر بها) تتدفق من القلم ثم تتركها بحجة أنك غير منضبط. يا للجحيم! أنا أيضا غير منضبطة، في كل شيء ما عدا عملي.. يبدو أن كل شخص في العالم يكتب القصائد، لكن فقط عدد قليل يتسلق إلى السماء. ما أرسلته يوضح أنه يمكنك تسلقها إذا اجتزتها في رأسك، فأنت بحاجة إلى العمل وإعادة صياغة هذا الماس غير المقطَّع.
إذا كان هذا مستحيلا بالنسبة لك، فأفترض أنك لن تفعل ذلك أبدا.. أما في ما يتعلق بالجنون.. فيا للجحيم! معظم الشعراء مجانين. أمر لا يؤهل لشيء. الجنون مضيعة للوقت. لا يخلق شيئا. على الرغم من أنني غالبا ما أكون مجنونة، أنا كذلك وأعرف ذلك، إلا أنني ما أزال أحاربه لأنني أعرف كم هو عقيم، وكم هو عديم الجدوى، وكم هو كئيب، لا شيء يطلع منه، وأنت، في هذه الأثناء، تطلع فيه فقط مثل حلزون.
نصيحة: توقف عن كتابة الرسائل لكبار الشعراء في أمريكا. إنه افتراض رهيب من جانبك. لم يكن لديّ الجرأة أبدا في الكتابة إلى الشاعر راندال جاريل Randall Jarrell بهذه الطريقة الارتجالية، رغم أني طوال حياتي كنت أرغب في القيام بذلك. لم يكن أمرا مناسبا ولم يحدث. أعني أن شعراء معروفين أمثاله، يتلقون العشرات من رسائل المعجبين يوميا وليس لديهم الوقت للرد عليها، وبالتأكيد تلقوا عشرات القصائد كذلك. في هذه الأثناء، يجب على هؤلاء الشعراء (المعجبين بكل شيء) أن يتواصلوا أثناء مسيرتهم بالشعراء الشباب الآخرين – وليس أولئك الذين نجحوا، والذين يجلسون في عزلة ويواجهون الكثير من المشاكل، عادة دون مال، وعادة ثمة الخوف من أن كتاباتهم ستضيع سدى… تواصل مع آخرين مثلك. إنهم وحيدون تماما، ومستعدون تماما، وسوف يساعدونك أكثر بكثير من الشاعر الكبير البعيد، أنا لا أرفض يا جون، أنا واقعية.

«حتى لو أن المطر يلعن النافذة، فلتُكتب القصيدة».

«يجب عليّ أن أنسى دائما كيف يمكن لكلمة واحدة أن تشير إلى أخرى، وأن تعبّر عن أخرى، حتى الحصول على شيء كان في إمكاني قوله، لكن لم أفعل البتة.»

«هذا ما أفعله: أصنع القهوة وأستسلم أحيانا للعدمية الانتحارية. لكن لا داعي للقلق – فالشعر لا يزال في المقام الأول. ثم تأتي في المرتبة التالية السجائر والكحول.»

«أود أن أعيش حياة بسيطة
مع ذلك، طيلة الليل، ارتّب القصائد في علبة طويلة.»

«حوّلي الجروح إلى كلمات».

«لقد ولدتُ لأقوم بعمل مرجعي في الخطيئة، وولدت لأعترف بذلك. وهذا هو حال القصائد.»

«القصائد تصل إليّ، وتمسكني، وتمنحني السعادة.»

«عملي هو الكلمات. الكلمات تشبه الوسوم، أو العملات المعدنية، أو بالأحرى، مثل النحل المتجمهر.
أعترفُ بأنني لا أنكسر إلا بمصادر الأشياء؛
كما لو كانت الكلمات تُحصى مثل نحلات ميتة في مخزن الغلال،
مُحرَّرة من عيونها الصفراء وأجنحتها الجافة.
عليّ أن أنسى دائما كيف أن كلمة واحدة قادرة على اختيار
كلمة أخرى، وبطريقة أخرى، للحصول على شيء كان في إمكاني قوله…
لكن لم أفعل.»

كاتب عراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية