الفضائية الفلسطينية وغليان الحملة الانتخابية التشريعية

حجم الخط
0

الفضائية الفلسطينية وغليان الحملة الانتخابية التشريعية

خميس الخياطيالفضائية الفلسطينية وغليان الحملة الانتخابية التشريعيةيوم أمس 25 كانون الثاني/يناير وبعد أن أدي سلك الأمن والشرطة فريضته المدنية، توجه مليون و300 ألف ناخبة وناخب فلسطيني الي صناديق الاقتراع وبالتالي ورغم عرقلة بعض المستوطنين في محافظة الخليل مثلا ووجود الحواجز الاسرائيلية في الضفة مثل أمام مخيم الفوار أو في القدس المحتلة وغيرها أو حتي البعض منها الذي لم يكن موجودا من قبل، عاشت فلسطين (غزة والقطاع والقدس الشرقية)، انتخاباتها التشريعية الثانية او كما نعتته التلفزة الفلسطينية وعلي عادة عرب اليوم بـ العرس الديمقراطي . والعرس عندنا هو الدهشة والشدة والألفة وبعض من غير ذلك… وان شهدت التلفزة الفلسطينية الشابة (نايل سات تردد 11823 وهوتبرد تردد 12654) في الفترة التي سبقت موعد الاقتراع حراكا دائما ودؤوبا به كل هذه الصفات وأكثر منها، فان بعض التلفزات الغربية ممن تمن علينا في الأيام العادية بدروس في الديمقراطية وجدلية البحث عنها لم تر بدا من الاهتمام بالشرق الأوسط وفلسطين خاصة من وجهة نظر أقل ما يقال عنها أنها غريبة ان لم تتضمن مفاهيم يشتم منها رائحة الانحياز المبطن. من هذه القنوات القناة الثقافية الفرنسية/الألمانية آرتي (هوتبرد، تردد 11623) التي ارادت يومين قبل موعد الاقتراع، وتحديدا يوم الاثنين، بث فيلم وثائقي اسرائيلي من اخراج الثنائي رودي شاتز وعادي باراخ وعنوانه أبناء الرصيف عن اثنين من المثليين الفلسطينيين (واحد من عرب 48 والأخر من الضفة حيث حكم عليه بالاعدام لعمالته مع الاسرائيليين) وأسمهما نيني و دودو ولهما من العمر 17 و18 سنة ويعيشان في تل أبيب في حي الحدائق حيث يرتزقان من بيع جسديهما للشواذ… ورغم ما لهذا الموضوع من أهمية مجردة سواء علي مستوي حقوق الفرد وعلي مأساة شعب، فان الهم الاعلامي وحتي الترفيهي يأمران بعدم برمجته علي القناة في هذا الاسبوع بالذات. ولم يكفها ذلك.فقد اختارت ليوم الانتخابات التشريعية الفلسطينية اعادة بث برنامج كانت قد بثته منذ سنة مضت وهو فيلم وثائقي عن هوليوود والمحرقة اليهودية وهو من اخراج دانيال آنكير وختمته ببث برنامج رؤية المستحيل وهو عبارة عن شهادة للمخرج سامويل فولر عن اطلاق سراح مساجين مخيم فالكينو اثر الحرب العالمية الثانية… من جهتها اختارت الثانية العمومية الفرنسية العراق ولكن من وجهة نظر الجيش الأمريكي المحتل وتحديدا فيلق وايت 17 وهو من اخراج الثنائي يوري مالدافسكي وتيموتي كرويزا… مثل هذا السلوك الاعلامي لقنوات لها جمهور مغاربي هام وان في التضاؤل لهو من الانتحار السياسي الكاتوديكي الذي قد يؤدي بالحوار الأورو ـ متوسطي نحو مرافئ ما بعدها من آفاق… ذاك شأنهم في بلدهم. ومع الأسف، لا تملك الجالية العربية/الاسلامية في فرنسا او القسم الفرنسي من ذوي الأصول العربية/الاسلامية من وسائل اعلامية فاعلة (غير الاذاعات الخاصة) مثل الصورة التلفزية لدرء مثل هذه السياسات… صاحب الولاية لا يولي كانت الفضائية الفلسطينية ـ وهذا هو البعض القليل من واجبها ـ مصدرا هاما ورئيسيا ليس للناخب الفلسطيني فقط ولكن للمتطفلين العرب مثلي والذين لا ناقة لهم ولا جمل الا متابعة الدروس التي لقنتنا اياها النخب الفلسطينية هذه الأيام. جميع البرامج من روائية أو تحسيسية أو دعائية وغيرها كانت ذات قيمة مقبولة، بمعني أنها تفي بالغرض المنوط بها. فسواء تعلق الأمر بالاداء الروائي، فان التلفزة الفلسطينية في موضوع تأثير صنف من الذكور الفلسطينيين علي زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم حتي يصوتوا لفصيل وأسماء معينة قد لا تكون رغبة الناخبة فصورت امرأة وزوجها الغاضب والزبد يتطاير من فمه محاولا اقناعها بالحسني أو بغيرها (وخاصة بغيرها) حتي تصوت لقائمة معينة. وأمام صمت الزوجة، يهددها بالقسم علي القرآن حتي لا تتراجع في قسمها. وبعد ذلك، تقدم محاورة مع الشيخ عبد الكريم… (سرعة الطلب أو نقص في المعدات لم يسمح بكتابة أسماء عديد المتدخلين) وتسأله عن شرعية مثل هذا السلوك. وان رأينا أصلا أن لا داعي لادخال الدين في مثل هذا الشأن، فان سماحته قال بأن الانتخابات هي اختيار العضو الصالح لقيادة هذا الشعب ، أما الموضوع الآخر فقال فيه الشيخ أنه رغم الحديث النبوي القائل بأن صاحب الولاية لا يولي فانه من غير المقبول القول بضغط الرجل علي المرأة لتصوت لمن يرغب… ستوب. وتأتي كلمة الرئيس محمود عباس بمناسبة الانتخابات بعد أن تم بث حوار مع رئيس الوزراء أحمد قريع، ويعود الشيخ ليكمل رأيه… لخبطة لا محل لها من البرمجة لا سيما وكلمة الرئيس أبو مازن ليست مباشرة… مثل هذا السكيتش وصنف آخر يتمثل في اعلام الأميين وأصحاب الحاجات الخاصة بأن القانون الانتخابي الفلسطيني يسمح لهم بمرافق يساعدهم علي أداء واجبهم المدني مصنوعة بحرفية وتؤدي وظيفتها الاعلامية. ويمكن أن نضيف بعض التحقيقات مثل اشارة مرور الذي قدمته أماني كساب وتدخل العميد سهيل الأخرس قائلا بأن هذا العرس الديمقراطي ليس فتحا لجبهة وأننا كلييتنا في ظل القانون واللي يخل بيه يقع تحت القانون والشعب الفلسطيني شعب مثقف، واعي، له تجربة لا بأس بها ونعول عليه وألا يحرم حالو من حق الانتخابات ويصوت بقناعاتو… يجب أن نحكم العقل في قضية الانتخابات لأن العاطفة ما تؤدي الي شيء .الجنس الآخر الذي نهلت منه الفضائية الفلسطينية هو جنس المحاورة، سواء بين ممثلي بعض الفصائل المتصارعة أمام الناخب أو في البرامج التي تحاور الناخب ذاته. من الصنف الأخير برنامج الانتخابات والناس الذين لتحسيسهم خصصت التلفزة الفلسطينية مجموعة من الجوائز بالقرعة لمن يجيب علي سؤال بسيط: ما هي شروط الانتخاب الأربعة؟ أو متي والي متي تفتح مراكز الانتخابات أبوابها؟ الجواب علي السؤال الثاني كان يسيرا اذ ذكر عديد المتدخلين أن مراكز الانتخابات تفتح أبوابها من السابعة صباحا حتي السابعة مساء. أما الذين ردوا علي السؤال الأول فان البعض منهم، وهم قلة لا يستهان بها، رأوا أن الشرط الرابع هو الدين الاسلامي وركزوا عليه طويلا… أن يأتي مثل هذا الرد عوض القول بـ ألا يكون المواطن محروما من حق الانتخاب بموجب حكم قضائي يشير بصفة جلية أن أحد شعارات م. ت. ف التي طالما نادينا بها والقائلة بالمساواة بين المسلم والمسيحي واليهودي في دولة فلسطين هو علي قيد الاضمحلال وليس ذاك الذوبان جراء حماس و الجهاد فقط…أناقة وانضباط وشفافية قسم المحاورة مع ممثلي بعض الفصائل تضمن برنامجا به من الأناقة والانضباط والصراحة ما لم أشاهده علي القنوات لا العربية ولا الأوروبية. يتمثل هذا البرنامج في نوع من استفسارات المسافات الأخيرة أي مساءلة ممثلي الفصائل عن بعض النقاط التي ما زالت غامضة في برامجهم الانتخابية… أربعة يسألون (من بينهم امرأة)، 11 ممثلا عن الفصائل يجيبون ورجل ممسك بناقوس يعلن عن اعطاء الكلمة وعن انتهاء زمن الاجابة… وطيلة البرنامج، احترم كل المتدخلين هذه القاعدة حتي وان لم يتموا اجابتهم ومنهم من صمت دون اتمام جملته، برافو. وليسامحني القارئ عن عدم ذكر بعض أسماء المتدخلين لأني غير ضالع في الشأن الداخلي الفلسطيني. أجاب اياد السراج (الائتلاف الوطني) عن الاصلاح الاقتصادي والمالي وذهب الي اقتراح قانون للجمعيات الأهلية. سلام فياض (الطريق الثالث) والذي كان وزيرا للمالية أجاب حول سؤال يخص التمويل الأجنبي بأن ليس هناك تمويل أجنبي لقائمته وأن الالتزامات الموجودة تقدر بـ600 ألف دولار لكل الحملة وهي مساهمات وتبرعات. محمد العمري (الحرية والاستقلال) يطالب باصدار عملة وطنية ويعد بتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي، خاصة المشاريع التنموية الفلسطينية/الفلسطينية. أسامة محمد (العدالة الفلسطينية) يعد بالمطالبة بالوصول الي الحد الأدني للمستوي المعيشي للشعب الفلسطيني دون الاعتماد علي المساعدات الخارجية. أما نبيل شعث ممثلا لفتح، فقد أجاب عن سؤال حول ما ان استطاعت السلطة من استعادة بعض الأموال العامة او الا يخاف من توقف المساعدات الخارجية، فقال أن هناك 23 قضية ستكون محل مساءلة (ولكن بعد الانتخابات ولم يسأله أحد لماذا لم تتم العملية من قبل) وأن المساعدة الدولية ليست استجداء بل هي مسؤولية عربية ودولية (ذات الجواب في لقاء مع أحمد قريع حيث شكر ونوه بالموقف السعودي) وأن المساعدات التي تحصل عليها اسرائيل هي ثلاثة أضعاف ما تحصل عليه السلطة الوطنية…ومضات دعائية بدائية الحملات الانتخابية المتلفزة في كل البلدان وفي كل التلفزات هي سوق خردة سياسية من جانب اعطاء الكلمة للمتقدمين لحكم صندوق الاقتراع… في كل البلدان التي تحترم مواطنيها، مدة البث وموعده يحددهما قانون وتراقبهما لجنة مختصة. وقد شاهدنا في بعض البلدان العربية من جهة القائمين علي تسيير الأمور الباطنية بعض التلاعب حتي وان تطلب منهم ادماج الأذان للبلبلة علي أحد المتبارين… الومضات الدعائية الفلسطينية لم تتساو لا في مدة البث ولا في الموعد. هناك من كانت مدته ثلاث دقائق وثلاث عشرة ثانية ومن كانت مدته دقيقتين أو أقل من ذلك بكثير كما حدث مع كتلة التغيير والاصلاح أو مع الرقم 18 عن دائرة القدس… جميع هذه الومضات الدعائية اما أنها طويلة وتتطلب جهدا ليس فقط لمشاهدتها، بل كذلك لقراءتها اذ غالبيتها لا تعتمد علي الصورة والتوليف المتحرك للتأثير علي الناخب بل تقول بقراءة التعليق وادماج صور المنتخبين مع نبذة مكتوبة عن مسيرتهم الخ… واما هي ذات مواصفات لغوية بصرية وسمعية غير متقنة. مهما يكن من أمر، فهي تنتمي كلها الي صنف دعائي بدائي من نوع زوم الي الأمام وبعد برهة قليلة زوم الي الوراء وغير ذلك من اللغة البصرية الفقيرة في المفردات… وكل الفصائل ومنها فتح وحماس والطريق الثالث وغيرها نسجت علي نفس النسق من اللخبطة البصرية علما وأن الصورة الواضحة هي علامة تصور واضح. وكلنا نعرف ميزة التصور الواضح في السياسي… فرصة بصرية في تثقيف المواطن أضعناها. ہہہ جملة مفيدة: ليس لي أي اعتراض علي المثقفين، فهم مثل المافيا يقتلون بعضهم البعض . وودي آلن في فيلم ستاردوست ميموريز .ناقد واعلامي من تونس[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية