العمال السوريون ورقة ضغط لحل قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية

حجم الخط
0

بيروت ـ ا ف ب: منعت عائلات لبنانيين شيعة خطفوا في سورية منذ نحو عام، عمالا سوريين من التوجه الى اعمالهم في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله الشيعي الحليف لدمشق، في خطوة ضاغطة دفعهم اليها اليأس من حل قضية اقاربهم.
واتت هذه الخطوة بعد ايام من اقفال الاهالي محالا يملكها سوريون في حي السلم الشعبي في الضاحية، ملوحين بان تبقى هذه المحال مقفلة ‘الى حين اطلاق’ المخطوفين.
وغير بعيد من هذا الحي، تجمع اهالي المخطوفين التسعة على الطريق المؤدي الى منطقة ‘التيرو’ الصناعية صباح الاربعاء، واوقفوا كل سيارة يشتبهون في انها تنقل عمالا سوريين او يقودها سوريون.
ويرى الاهالي ان التأثير على الوضع المعيشي للعمال السوريين هو السبيل الوحيد للفت الانظار الى قضيتهم المعلقة منذ ايار (مايو) الماضي.
ومنع احد هؤلاء الاشخاص بحزم حافلة صغيرة يقودها سوري من متابعة طريقها، قائلا له ‘انزل الركاب وعد ادراجك’. وترجلت من الحافلة ثلاث تلميذات صغيرات لم يدركن ما يجري.
وحصل المشهد تحت انظار عدد من رجال الامن المنتشرين في هذه المنطقة التي عادة ما تعج بالعمال السوريين.
وتوجهت منى ترمس زوجة المخطوف علي ترمس، بالقول الى السائق ‘نحن لا نكره السوريين، لكننا نريد ان نوجه عبركم رسالة’. اضافت ‘يجب ان تنظموا اعتصاما للمطالبة بالافراج عن اقاربنا، والا لا يحق لكم العمل في هذا البلد’.!
ورد السائق ‘انا معكم، اقسم بالله انني اؤيد قضيتكم’، قبل ان يبتعد عن المكان.
وتعرضت مجموعة من الزوار اللبنانيين الشيعة للخطف في محافظة حلب في شمال سورية في 22 ايار (مايو) الماضي، في طريق العودة من زيارة العتبات المقدسة في ايران.
وتبنت الخطف مجموعة يتزعمها شخص يطلق على نفسه اسم ‘ابو ابراهيم’، ويقول انه مرتبط بالجيش السوري الحر الذي يشكل مظلة لغالبية المقاتلين المعارضين للرئيس السوري بشار الاسد. لكن الجيش الحر نفى اي علاقة له بعملية الخطف.
وافرجت المجموعة الخاطفة سريعا عن النساء، في حين اطلقت لاحقا سراح اثنين من الرجال. ومنذ ذلك الحين، لم تنجح المفاوضات، وخصوصا التي اجريت بوساطة من تركيا الداعمة للمعارضة السورية، في تامين الافراج عن التسعة المتبقين.
وتنفي عائلات الزوار الادعاءات التي تحدثت عن انتمائهم الى حزب الله الشيعي.
وكان الامين العام للحزب حسن نصرالله اكد بعد ايام من خطف الزوار ان هؤلاء ‘ابرياء’ وانه ‘اذا كان الغرض هو الضغط على موقفنا السياسي (…) فهذا لن يقدم أو يؤخر’، في اشارة الى موقف الحزب الداعم للنظام السوري في وجه معارضيه.
ومنع العامل محمد من الوصول الى مقر عمله في شركة ‘بيبسي’ للمشروبات الغازية.
وقال هذا الشاب السوري القادم من دير الزور (شرق) لوكالة فرانس برس ‘يمنعوننا عن العمل منذ عشرة ايام. لم يعاملونا بعنف… لكن كيف يمكنني ان اساعدهم؟’
ويشدد اهل المخطوفين على ان اليأس هو ما دفعهم الى خطواتهم الراهنة، لا سيما بعد انقطاع اخبار اقاربهم منذ اربعة اشهر.
وتقول عناية زغيب، وهي ابنة احد الرجال المخطوفين، لفرانس برس ‘نعرف ان ما نقوم حرام، لكننا جميعا وصلنا الى درجة من الياس’.
وتضيف منى زوجة المخطوف علي ترمس، ‘لا نكن شعورا بالحقد ضد السوريين الذين يعيشون بيننا منذ 30 عاما’، في اشارة الى الآلاف من العمال السوريين الذين يقيمون في لبنان منذ عقود، ويفيدون من اجور اعلى من تلك التي كانوا يتقاضونها في بلادهم.
وتتابع ‘طالما ان اقاربنا محتجزون في سورية، لن نسمح لهم (للسوريين) بتحصيل لقمة عيشهم’. وتابعت ‘زوجي كان يدير متجرا، والآن اضطرت ابنتاي لترك الجامعة لتوفير معيشة العائلة. لماذا يفعلون هذا بنا؟’.
وشكلت سورية قوة نفوذ سياسية كبيرة في لبنان، لا سيما خلال وجودها العسكري فيه ما بين العامين 1976 و2005. كما انعكس النزاع السوري المستمر منذ عامين، توترات امنية وسياسية في البلد المنقسم بين مؤيدين للنظام السوري ومعارضين له.
وادى النزاع الى نزوح اكثر من 400 الف سوري الى لبنان الصغير ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة، علما ان تزايد اعداد السوريين بدأ يثير بعض الحساسية.
وفي حي السلم، يتجمع خارج المحال المغلقة عدد من السوريين الذين باتوا ‘عاطلين عن العمل’ قسرا.
ويقول حسين (26 عاما) الذي يستأجر ثلاثة متاجر لبيع الالعاب والملابس، انه يخسر ‘250 دولارا يوميا’، مبديا خشيته من تطور الامور الى الاسوأ كما جرى في صيف العام 2012، حينما بثت وسائل اعلام لبنانية معلومات خاطئة عن وفاة الزوار اللبنانيين، ما انعكس مضايقات واعمال خطف لفترة محدودة للسوريين.
ويضيف بأسى ‘نحن ايضا اصبحنا رهائن النزاع’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية