الصحافة الاسرائيلية اختارت حزب كاديما لتشكيل الحكومة وتتنافس الآن علي ترشيح اعضائها
اخبار الفضائح السياسية لم تعد تؤثر علي الناخب الاسرائيلي.. اولمرت علي طريق شارون وابنهالصحافة الاسرائيلية اختارت حزب كاديما لتشكيل الحكومة وتتنافس الآن علي ترشيح اعضائهالندن ـ القدس العربي ـ من سلوي علينات:تعيش اسرائيل تنافسا شديدا بين الاحزاب السياسية الرئيسية المرشحة لانتخابات الكنيست في نهاية شهر آذار (مارس) الجاري وهي حزب كاديما، العمل والليكود. وتعكس اجواء الدعاية الانتخابية الحالية التناقضات والازمة التي يعيشها المجتمع الاسرائيلي. ونشرت اخبار عن فضائح السياسيين الاسرائيليين الذين استغلوا مناصبهم منها: فضيحة يوميات عمري شارون، نجل ارييل شارون الذي يرقد غير واع بما يجري حوله في المستشفي، وتشير الاخبار الي ان عمري كان قد استغل منصبه في مركز الليكود ورتب وظائف في مؤسسات الدولة لمؤيدي حزب الليكود لشراء اصواتهم في الانتخابات. ويشرف ميني مزوز، المستشار القضائي للحكومة علي تهمة المحسوبيات هذه، التي من الواضح انها تسيء الي حزب الليكود. اما ايهود اولمرت، رئيس حزب كاديما، فمتورط في تهمة محسوبية جديدة عام 2004، حيث قام بشراء منزل فاخر في القدس، بتخفيض كبير في السعر مقابل منح تسهيلات ادارية للشركة المنفذة لمشروع البناء، وذلك اثناء شغله منصب وزيرالصناعة والتجارة. وبحسب المراقبين للانتخابات الاسرائيلية فالناخب الاسرائيلي المتوسط لم يتأثر بشكل كبير بالفضائح التي تخص المؤسسة الرسمية الاسرائيلية ورجالاتها. وفي استطلاع اخير يعتقد ان 70% من السياسيين الاسرائيليين هم فاسدون. كما اظهر ان 65% من الاسرائيليين يعتقدون ان الفساد موجود في كل مؤسسات الدولة والقطاع العام، ورغم ذلك فان الشارع الاسرائيلي يتعامل مع هذه الظاهرة بشيء من التسامح والتفهم لها وكأنها شيء عادي لانه تعود عليها، فاسرائيل تعتبر من اكثر البلدان في العالم فسادا، وثانيا لان ما يهمه حل القضية الامنية والاقتصادية حتي وان كانت علي حساب القيم الاخلاقية.ويؤكد الصحافي الفلسطيني عبد المفيد حكيم قائلا الملفت للنظر ان الفضائح لم تعد مهمة للناخب الاسرائيلي. لقد وقف شارون سابقا امام المحكمة متهما بالفساد ولم يغير ذلك من شعبيته . والسبب يعود الي التغييرات الحاصلة في المجتمع الاسرائيلي المتأثر بالتغييرات العالمية، والذي لم يعد يري بأسا من عدم وجود اخلاقيات في السياسة او المجتمع. لقد تعود المجتمع الاسرائيلي علي فضائح مؤسسته ولم تعد تؤثر فيه . وتشير اخر استطلاعات الرأي في جريدة هآرتس الاسرائيلية الاسبوع الماضي، الي ان حزب كاديما سيحصل علي 37 مقعدا من اصل 120 مقعدا يليه حزب العمل الذي سيحصل علي 19 مقعدا وبعده حزب الليكود المتوقع ان يحصل علي 15 مقعدا. وتختلف الاراء حول مدي دعم حزب كاديما من جانب الاعلام الاسرائيلي من خلال تغطيته قبل الانتخابات. وتري ناهد درباس، الصحافية الفلسطينية من حيفا، والمتابعة للاعلام الاسرائيلي عن كثب، ان الاعلام في اسرائيل مجند بطريقة مباشرة او غير مباشرة لصالح حزب كاديما ويتصرف وكأن الانتخابات قد انتهت، وكأنه حصد الاغلبية. وتضيف درباس كأنه لم يعد من شغل له الا توزيع الحقائب الوزارية بينه وبين الاحزاب الاخري التي ستشارك معه في الحكومة .وتري درباس ان السؤال الذي يطرح الان اعلاميا ليس من سيكون رئيس الوزراء الاسرائيلي القادم بل مع من سيشكل اولمرت حكومته؟ وتضيف تشير التوقعات الي ان اولمرت سيتحالف مع حزب العمل لانه اقرب الي طرحه السياسي في الانسحاب احادي الجانب من بعض الاماكن من الضفة الغربية المحتلة. ولن يتحالف مع حزب الليكود بسبب الحساسيات الموجودة بين الحزبين كون معظم اعضاء كاديما انشقوا قبل اشهر عن مركز الليكود .بينما يري مفيد انه من السابق لأوانه رثاء الليكود واستعجال خسارته امام كاديما. ويقول هناك تراجع لكاديما لانه يعتمد علي بقايا شخصية ارييل شارون لجذب الجمهور. ويعتبر ايهود اولمرت بديلا ضعيفا لشارون. اما بينيامين نتنياهو رئيس الليكود فيتمتع بقدرة اقناع اعلامية تفوق اولمرت. ومن المتوقع ان يستعملها كما فعل وانتصر علي شمعون بيريس رئيس حزب العمل في انتخابات عام 1996 .ويري د. امل جمال المحلل في الشؤون الاسرائيلية، ان دعم الاعلام الاسرائيلي لحزب كاديما تغير في اعقاب نشر فضيحة اولمرت هذا الاسبوع وان حزب كاديما في تراجع. وذلك علي الرغم من العلاقات الوطيدة التي تربطه بكبار الصحافيين الاسرائيليين وعلي الرغم من ان كون اولمرت رئيس الوزراء بالوكالة يساعده اكثر من منافسيه بالحصول علي تغطية اكبر في وسائل الاعلام. ويضيف جمال قائلا: بدون شك هذا النشر هو جزء من إعادة نظر الاعلام الاسرائيلي لدعمه لحزب كاديما. الامر الذي يعكس وجهة الرأي العام الاسرائيلي ايضا. وقد بدأ الاعلام الاسرائيلي مؤخرا يشكك في قدرة اولمرت علي تنفيذ سياسات تخرج الشعب الاسرائيلي من ازمته كما كان متوقعا منه .والسبب الذي يدعو الاسرائيليين الي اختيار حزب كاديما، كما يقول جمال، يعود الي الحصار النفسي والسياسي الذي يعاني منه الشارع الاسرائيلي ويبرز مدي التناقض الذي يعيشه يوميا. ويضيف فالاسرائيلي من جهة يريد الخروج من هذا الحصار او الازمة من خلال دعمه لشارون، الذي اخرجه من غزة، ومن جهة اخري فهو يؤيد بناء الجدار الفاصل ويحصر نفسه داخل جدار اسمنتي .وتكشف قراءة فاحصة لبرامج الانتخابات التي تطرحها الاحزاب الصهيونية علي ناخبيها هذا العام، التقارب بينها. ويري مفيد انها لا تختلف جوهريا في طرحها في الملف الفلسطيني والاقتصادي. وخاصة في رؤيتها لكيفية انهاء الصراع مع الفلسطينيين بناءا علي الشروط الاسرائيلية، التي لا تريد عودة للاجئين، والقدس عندها عاصمة ابدية، انهاء بناء جدار الفصل علي حساب الارض الفلسطينية وغيرها. اما الاختلاف في رأيه فأنه يعود الي جوهر الدعاية الانتخابية التي تركز علي نقاط القوة عند الحزب ونقاط الضعف عند الحزب المنافس. وبناء عليه يشير مفيد الي ان مصطلح المركز في اسرائيل لا يعني الاعتدال بل هو الاجماع الصهيوني فيما يخص الصراع العربي الصهيوني. لذلك لا يوجد يسار اسرائيلي فهو غير حقيقي اما اليمين التقليدي فقد سقط بعد اتفاقيات اوسلو عام 1993 .وتعكس الشعارات التي تطرحها الاحزاب توقعات الناخب الاسرائيلي لتحسين وضعه الاقتصادي والسياسي. ومن الملفت للنظر ان عمل الدعاية الانتخابية الاسرائيلية يتركز في النقاط المتطرفة للفت انتباه الناخب مثل النيل من اشخاص او التركيز علي خلافات او انقسامات في الاحزاب وليس التركيز علي الطرح الايديولوجي. وتقول درباس ان التجديد يكمن في الاهتمام بالوضع الاقتصادي وشعار محاربة الفقر والبطالة حيث تزيد الفجوات الكبيرة بين الفقراء والاغنياء (علي الرغم من ارتفاع نسبة النمو التي تصل الي 2.5 بالمئة) اضافة الي الملف الامني الذي يشكل هاجسا اسرائيليا. ومن ابرز الشعارات التي يطرحها مثلا حزب الليكود شعار اقوياء في مواجهة حماس وشعار هكذا ننتصر علي حماس . اما حزب كديما فقد غير شعاره من كديما شارون وتعني الي الامام شارون الي كديما اسرائيل اي الي الامام اسرائيل بعد ان فقد الامل بعودة شارون لقيادة الحزب بسبب مرضه.ومن اللافت للنظر مثلا الشعار الذي يطرحه حزب ميرتس، الذي يعرف نفسه علي انه حزب يساري ويرأسه يوسي بيلين لا توجد لي ام عربية ولكني اؤمن بالمساواة . ويقول جمال بهذا الصدد يدل هذا الشعار علي التخوف من علاقة الاسرائيلي مع المجتمع العربي والفلسطيني .ويستهلك الجمهور الاسرائيلي الاعلام الاسرائيلي المركزي المتمثل في الصحف الصادرة يوميا وهي هآرتس (البلاد)، يديعوت احرونوت (اخر الاخبار) ومعاريف (الاخبار المسائية) والقنوات التجارية الثانية والعاشرة اضافة الي راديو وتلفزيون اسرائيل الحكوميين. وتثار تساؤلات عديدة حول مدي حيادية او استقلالية الاعلام الاسرائيلي وعلاقته بالسياسة. حيث عبرت الصحافة الاسرائيلية عن التيار المركزي السياسي في اسرائيل منذ قيامها. ولم يكن الاعلام الاسرائيلي مجرد صحافة انما كان يؤدي دورا منسجما مع استراتيجيات الدولة. ويري مفيد انه علي الرغم من وجود بعض النشاط الصحافي الذي أدي الي استقالة وزراء وفضح شخصيات سياسية بارزة الا ان ذلك لم يكن خارج الرؤي الاستراتيجية للدولة. ويضيف قائلا: تصنع مجموعة صحافية نخبوية الرأي العام في اسرائيل، ولها علاقاتها المتميزة مع المؤسسة الحاكمة حيث تسوق وجهة نظر المؤسسة الحاكمة للجمهور، وهنا يكمن ثأثيرها .وللتمويه علي الارتباط العضوي بينه والمؤسسة الحاكمة في اسرائيل، يتخذ الاعلام الاسرائيلي طابع التعددية والاستقلالية، علي اعتبار ان معظم وسائله تجارية وغير تابعة للدولة (باستثناء القناة التلفزيونية اوالاذاعة). ويري مفيد انه علي اختلاف وسائل الاعلام، الا ان منظمومة من الافكار المسبقة والقيم والانطباعات وخاصة فيما يخص العلاقة مع العرب والفلسطينيين لا تزال سائدة فيها. كما لا تزال تؤمن بالصهيونية مرجعية للدولة.ويضرب مفيد مثالا علي القيم التي تسود الاعلام الاسرائيلي بقوله نجد تبريرا دائما لكل اعتداء اسرائيلي علي الفلسطيني او العربي، اما من منطلق ان طبيعة الاسرائيلي ليست مجرمة وللاعتداء سبب اما جنون او ضائقة، او من منطلق الدفاع عن النفس. وعلي جميع الاحوال الفلسطيني هو المجرم او المتعدي علي الاسرائيلي .وحول السؤال من يسبق من؟ هل الاعلام الاسرائيلي هو الذي ينتج الافكار المسبقة ويروجها للشارع ام انه يعكس الافكار السائدة؟ يجيب مفيد القضية تبادلية بين الطرفين، فترويج وجهات النظر في الاعلام ينسجم مع الرغبات الموجودة لدي الجمهور .