الشبه بين ابطال رواية ‘مزرعة الحيوانات’ واوباما

حجم الخط
0

رأيته اليوم على شاشة CNN وهو يلقــــي خطابا، في صالة رياضية مغــــطاة، على جمـــع من الشابات والشبان اختيروا بعناية، وحفظ اسماء بعضهم، وذلك في جنوب افريقيا، التي يزورها لمواساة عائلة الزعيم الكبير نيلسون مانديلا في جنوب افريقيا، الذي يعالج سكرات الموت، وقد وقف أوباما متحدثا بفصاحته المعهودة عن الامل والتعليم والخدمة العامة.
والحق اني كنت سأمر عليه مرور الكرام مسارعا الى تغيير القناة بزر التحكم لما أصابني به، والملايين من أمثالي، ولا شك، من خيبة في الآمال، بعد أن ابتلع كل وعود السلام والعدالة، التي بدأ بها رئاسته، ليتحول الى طاغية بلا ضمير، يتصيد البشر باطفالهم ونسائهم بطائرات من دون طيار، جاعلا من نفسه هيئة الادعاء والقاضي والجلاد، بينما يتشدق بالعدالة والديمقراطية ويلوك مفرداتهما كلما وضع امام فمه لاقط صوت. كنت سأتجاهله لولا ان منظره لفت انتباهي، فقد بدت بشرته ذهبية اقرب الى البياض، وشعره الذي خالطه شيب كثير بدا ناعما فاقدا لخشونته الافريقية. وعلى الفور تذكرت رواية ‘جورج أورويل ‘ الموسومة بـ’مزرعة الحيوانات’ وبدا وكأنه مزيج من نابولين وسكويلر. فهو ثرثار لا يمكن ان يكون نابولين الصموت لكنه قاس متجرد من الرحمة مثله، ومن جهة أخرى بفصاحة سكويلر المتملق الضئيل الشأن. فنابولين في الولايات المتحدة لا بد ان يكون يهوديا ما يتحكم بالرأسمال الحاكم.، كما ان نظيره سنوبول لا بد ان يكون امريكيا ايرلندي الاصل من ذوي الاعناق الحمراء ومن ارباب الصناعة، خاصة الصناعات العسكرية.

نبذة عن رواية مزرعة الحيوان:

في إحدى مزارع إنكلترا، وبعد نوم صاحب المزرعة، جمَع الخنزير العجوز ميجر كل حيوانات المزرعة في الحظيرة، ليخطب فيهم ويقول لهم ان بؤسهم وشقاءهم وتعاستهم سببها الإنسان، وألا سبيل لهم للسعادة إلا بالثورة عليه، والتخلص منه. بعد هذه الخطبة بثلاثة أيام توفي ميجر، ليقوم ثلاثة من الخنازير (سنوبول ونابولين وسكويلر) بتوسيع مضامين خطاب ميجر، وتحويله لنظام فكري متكامل سموه ‘الحيوانية’، وبدءوا بنشره وتدريسه لبقية حيوانات المزرعة. وفي أحد الأيام، ثمل صاحب المزرعة، ونسي أن يطعم الحيوانات، مما سبّب لها حالة من الهيجان والفوضى، كانت سبباً لاشتعال ثورة الحيوانات، التي تكلّلت بطرد صاحب المزرعة منها. كان أول قرار يتم اتخاذه، بعد انتصار ثورة الحيوانات، هو تغيير اسم المزرعة الى (مزرعة الحيوان)، وحتى تفهم جميع الحيوانات مذهب ‘الحيوانية’، قامت الخنازير الثلاثة بتبسيط تعاليم المذهب على هيئة سبع وصايا قصيرة وواضحة، ثم قاموا بكتابتها بخط كبير على جدار الحظيرة. بعد ذلك أصبح سنوبول ونابولين بمثابة العقول القيادية المدبّرة في مزرعة الحيوان، بينما صار سكويلر المتحدث الرسمي باسم هذا الجهاز القيادي، لكن للآسف، سنوبول ونابولين لا يتفقان على شيء إطلاقاً، وفي نفس الوقت سكويلر متحدث خبيث يستطيع كما تصفه الرواية أن يقنعك أن الأسود أبيض. على الرغم من أن تضمينات الرواية مفزعة جداً، إلا أن استخدام الحيوانات كتشبيه هجائي، وحيونة إن صحت التسمية الشعارات والأناشيد والمذاهب، جعل قالب العمل ظريفاً وكوميدياً. صدرت رواية ‘مزرعة الحيوان’ في عام 1945 للأديب جورج أورويل، وقد كتبها أثناء الحرب العالمية الثانية، تحت تأثير تجربته في الحرب الأهلية الاسبانية. نابولين هو الشخصية الشريرة الرئيسية في الرواية، وهو طاغية، قليل الكلام ويصرف شؤونه بعزم، يراكم سلطته بالاعتماد على جراء صغيرة أخذها من أهلها ليربيها فتكبر كلاب حراسة شرسة تمثل الشرطة السرية. انفرد بالسلطة بعد إقصاء رفيقه سنوبول و استنادا إلى دعاية مضللة يطلقها سكويلر، وكذلك بالإرهاب الذي تمثله الكلاب يضمن خضوع الحيوانات الأخرى. وغير تدريجيا لصالحه الوصايا التي قامت عليها الثورة. وبنهاية الرواية نجد نابولين ورفاقه الخنازير قد تعلموا المشي منتصبين وأخذوا يتصرفون كالبشر الذين كانوا قد ثاروا عليهم.

‘ كاتب من اليمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية