الشاعرة الفلسطينية فاتنة العزة: يا بحر غزة خذني إليك علني أجدني!

حجم الخط
0

الشاعرة الفلسطينية فاتنة العزة: يا بحر غزة خذني إليك علني أجدني!

الشاعرة الفلسطينية فاتنة العزة: يا بحر غزة خذني إليك علني أجدني!غزة ـ القدس العربي ـ من زياد خداش: تعيش فاتنة العزة في غزة، وتكتب الشعر علي ايقاع غيمات مشاكسات باردات لا تغادر سطح بيتها وخزانة ملابسها ومهرة شعرها المخبأة بمكر تحت قطعة قماش ضجرة، غيمات تحمل تحت ابطها كل صنوف الاسئلة والتمرد علي العادي. في شعرها نري غزة الاخري الخفية الموارة بالحب والرغبة والسفر، ونري الحياة في اغرب تمثلاتها وتجلياتها، حيث الموت يسكن مع الحياة في شقة مستأجرة من مالك شقق غامض يسكن في الريح الباردة ولا يموت. لماذا توقفت عن الظهور كمقدمة برامج ثقافية؟ ما زال المشاهد يتذكر طلتك القوية والمصحوبة بحزن خفي. بالحقيقة لا أعرف السبب الحقيقي وراء ذلك، فعلي الرغم من تقديمي للعديد من البرامج الثقافية والتي كان آخرها الصالون الثقافي الذي ناقش العديد من القضايا والإشكالات في الوسط الثقافي والذي شهد الكثيرون بنجاحه، إلا انه مع تغير السياسة في هيئة الإذاعة والتلفزيون تم إقصائي بقرار تعسفي عن تقديم البرامج وبدون تقديم أسباب منطقية. وقد ناقشت المسؤولين في ذلك فلم احظ بجواب شاف. هل لا أصلح كمقدمة برامج؟ هل لا يوجد لي حضور علي الشاشة؟ ألا أتمتع بثقافة كافية وقدرة علي إدارة حوار أم لكوني محجبة؟ الحقيقة لست اعرف جوابا محددا عن هذا الموضوع والي أن يتم تحديد سياسة إعلامية حقيقية وواضحة وجادة فأنا لا يعنيني كثيرا أن اعرف. في قصائدك خاصة في ديوانك الاخير ثمة توق هائل للطيران نحو الاقاصي، ماذا تعني لك الاقاصي؟ أهي نقيض غزة، جحيم الجغرافيا والتاريخ والذهن؟ التوق للطيران والتحليق بعيدا هو لغة الابداع في أي منطقة كانت والتحليق عاليا لعبة او هواية امارسها للخروج من روحي للبعيد حيث الاقاصي كما حلا لك تسميتها، ربما تكون غزة بجدليتها وتناقضاتها هي الاقاصي لانها غزة المكان والزمان والتاريخ والحكايا والقصص الهلامية.. غزة التشابك والتعقيد والسحر والغموض والمنفي والحبيب.. غزة البحر والفضاء والحدود والميناء والتراث.. غزة كل هذا ومنها انطلق واليها اعود وفيها احلق بعيدا عنها وملتصقة بها كجلد متشقق. وعيي للمكان اعطاني كل هذا وعشقي له اعطاني اكثر من هذا لكي يخرج في نصوصي. الغريب انت امرأة محجبة الرأس لكن ذهنك متحرر وروحك محلقة في فضاءات، الي اي مدي نستطيع ان نقول ان بإمكاننا تجاهل الحجاب كرمز دائم لظلام داخلي؟ سؤال صعب والاجابة عنه قد لا تكون منصفة فالحجاب من وجهة نظري لا يرمز لظلام داخلي حينما تفهمه وحينما تختاره عن وعي وقناعة وكأنك الحاكم بأمرك تخفي ما تريد عن الجميع الا من تختاره. لذا روحي تحلق بعيدا لانها تفهمه وهو يفهمها ويعطيها مزيدا من الوحدة والتوحد. انت من جيل شعري ظلم نقديا. هل تحسين بهذا الظلم وكيف؟ لا أملك الا الاعتراف بهذا الظلم نقديا تجاه الجيل الذي انتمي اليه حيث تتمحور معظم الكتابات النقدية ـ اذا استطعنا القول ان هناك حالة نقدية في فلسطين ـ حول كتابات الكتّاب الكبار ذوي الاسماء البراقة أو يستند بعضها علي العلاقات الخاصة بين بعض من يكتبون النقد وبعض الكتّاب، الا اننا لا نستطيع تجاهل بعض المحاولات لكتّاب شباب يكتبون النقد ويوجهون كتاباتهم حول الشعراء الشباب تحديدا وهذه خطوة نحو الاتجاه لتأسيس مدرسة نقدية في فلسطين، الا أن ما الاحظه انه لا يوجد اهتمام كاف بالادب النسوي والشاعرات الفلسطينيات الشابات لا سيما وهن قلة في الوسط، اعتقد اننا نحتاج لوقفة جادة مع النفس ومع ما نريده لواقع الادب والشعر والنقد في فلسطين، كما اننا نحتاج لان نتوقف عن القاء التهم علي بعضنا بعضا والعمل بمبدأ الشللية لان هذا لن يخدم احدا وبالاخص المشهد الشعري في فلسطين. ثمة ظاهرة ملفتة للانتباه، ظاهرةالشعراء الشبان في غزة، كيف تنظرين لهذه الظاهرة من ناحية ارضيتها وأفقها؟ رغم كل ما يقال حول هذه الظاهرة وكم افرزت اناسا لا علاقة لهم بالشعر لا من قريب ولا من بعيد الا انها ظاهرة صحية بالمجمل، ففي كل العصور نجد مثل هذه الظاهرة. في عصر المتنبي مثلا كان الشعراء بالمئات لكننا لم نعرف منهم الا القليل، وما اعنيه هنا ان الجيد يبقي ويدوم ويتحدي ويستطيع طرد الغث وهذا هو ناموس الكون منذ الازل، من حق كل انسان ان يكتب لكن المبدع الحقيقي يبدو كزهرة عباد شمس وسط ازهار صغيرة لا يمكن لعين ان تخطئها واعتقد ان المستقبل يحمل في طياته جوابا اكثر دقة ومنطقية عن هذه الظاهرة وما تستند اليه وكم منهم سوف ينجو بقلمه. واخيرا تحرر بحر غزة، اصبح بإمكانك رشقه بحنينك وبثه سرك، ماذا تقولين لهذا البحر؟؟ أقول له : حينما تلامس قدماي رمالك كأن بوابة للكون فتحت علي مصراعيها، أيها العتيق المتجدد الممتلئ بالعنفوان والتناقضات و يا كونا من الاسرار ما زال مغلقا علي الكون افتح لي جعبتك لأعبّ منها ما استطعت وأنهل من ملحك القاتم معرفتي، حينما سرقت حجابي انتفضت جنية مسحورة وتمددت علي شاطئك الغواية. أعلم أن مثلك سيغفو بين ضلوعي فكرة واحتراقاً فخذني اليك علني أجدني. تحرير غزة ـ فك الارتباط، حدث كبير جدا كيف برأيك سيلقي بظله علي نص غزة والحركة الثقافية بشكل عام؟ ربما أكثر ما يميز غزة كونها اسفنجة بحرية تمتص كل ما يلتصق بها ويتغير عليها وكذلك سيفعل هذا الحدث بالابداع والمبدعين حيث ستكون هناك لغة متغيرة بتغيّر المكان والاحداث والاشخاص والتفاصيل الصغيرة التي هي لب الشعر الحقيقي، ومنها سينطلق التغيير الذي قد يبدو بطيئا الي الحركة الثقافية التي تصبو الي انفتاح ثقافي حقيقي يختلف عن التنظير الذي نتقن ممارسته، لكن هذا التغير سيحدث لا محالة. الجدل ما زال مشتعلا بين عدد من شعراء ومثقفي غزة وبين المؤسسة الثقافية ما موقفك؟ هذا الجدل سيبقي موجودا ما دامت المؤسسة الثقافية بمنأي عن هموم المبدع والمثقف. الحقيقة رغم أن الكثيرين ممن يعملون فيها مثقفون محسوبون علي الحركة الثقافية وأنا لست الا فردا من هذا الوسط الثقافي أحيا نفس همومه، ما بين صعوبة النشر واغلاقه الا علي القلة القليلة وبين بعد المؤسسة الثقافية عنا، الا ان هذا لا ينفي بعض المحاولات الجادة للاقتراب من المثقفين غير انها محاولات ارتجالية لا تصل الي حد الخطة الجادة والمدروسة والتي تضع المثقف الفلسطيني نصب عينيها. ألاحظ ان ثمة خيطا سرديا في ثنايا ايقاعك الشعري، هل سنفاجأ ذات ليل بنص سردي؟؟ في الواقع علاقتي بالنص السردي علي مستوي القراءة أقوي بكثير منها بعلاقتي بالنص الشعري وأجد نفسي متوائمة معه بانسيابية عالية وكأنني جزء لا يتجزأ منه، وهذا يقودني الي الشق الثاني من سؤالك والذي يكشف عن كتابتي بالفعل لرواية لم تكتمل حتي الان اجد نفسي فيها اسرد واسرد واسرد وكأنها مساحة ضائعة من الشعر لا يمنحها لك الا السرد. من وجهة نظري النص الشعري حالة تكثيف عالية اما السرد فهو حالة فكر وتأمل وبوح اكبر ومساحة شاسعة للقول، اتمني ان انجز روايتي الاولي قريبا مثلما أتمني ان تقول ما اريده.0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية