السيد باسم يوسف رئيس المهرجين حفظه الله ورعاه

حجم الخط
0

نزل الداعية عمر عبد الكافي من الطائرة إلى ضيافة عمرو الليثي في فضائية المحور من غير مظلة ومن غير وعثاء وعلى الرحب والسعة، وقدم حلقة عذبة عن أدب الحوار، فأدب الحوار واحد من أهم ضحايا الثورة المضادة وشهدائها.
المتصارعون بسيوف الكلام في الفضائيات المصرية مرافعون قضائيون يطالبون بتطبيق أقصى العقوبة أو بعقوبة الإقصاء على رئيس الدولة، وعلى الدولة نفسها، وعلى الشعب المصري. تجنب الداعية تسمية التيارات السياسية حرصا ‘على اللحمة الوطنية’ التي تتعرض إلى التشقق ومرض الشقيقة، لأنها كانت قد لحمت بمادة لاصقة صناعية اسمها ‘الاستقرار’. وتظهر اراء مصرية شاذة في الاستطلاعات تبدي الحنين إلى عصر مبارك، والوقوف على الأطلال والبرك الراكدة، فعلى الأقل كان ‘الأمن’ موجودا.. ، ووالرغيف كبير والمواصلات فاضية! عاب الشيخ على المصريين تحويل الفضائيات إلى خنادق للقصف بالتهم والأراجيف والتنكيل الأخلاقي بالخصم. ومن ذلك المقام أني نزلت من غير مظلة ومن غير وعثاء على فضائية النهار فوجدت المذيع خالد صلاح قد كاد كيدا لعصام العريان أيام السجن فعثر على لقى اثرية مصورة للعريان يمدح فيها محي الدين البرادعي ‘الذي أبطل التوريث’ بكبسة زر، ثم انتقلت إلى ‘أون تي في’ فوجدت يوسف الحسيني يستشهد بالفلم نفسه ليقنعنا بأن عصام العريان عديم النخوة وخؤون للعيش والملح والأحجار الملقاة في البرك الراكدة.. المذيعان يعملان في اوركسترا واحدة مع بقية الإخوان ‘الفلوليين’؟ المعلق على الفلم ينسى أنّ عصام العريان مناضل بدليل القفص الذي كان يغرد فيه، وأن رأيه قيل في ‘السجن’. ثم إن الآراء تتغير بتغير الأزمان والأمكنة وليس حكما غير قابل للطعن عن طريق النقض.
يتجنب إعلاميان ، في حدود علمي ومتابعاتي، في فضائية المحور- في الاشتراك في الاوركسترا الفلولية هما عمرو الليثي وسيد علي، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فقد تذكرت المرحوم البوطي الذي أشاد بالفنانين المصريين الذين لا يعانون من رهاب الدين ، بل إن الفنانين السوريين يدينون بالفن دينا قيما، فهو كعبتهم ، وملاحظة البوطي صحيحة، فمن المستحيل أن تجد في الشاشة السورية فناناً يذكر الدين أو الحج أو الصلاة، ولو على سبيل مجاملة الجمهور أو على سبيل التنويع الإعلامي الكاذب. تعامل الإعلام السوري العلماني مع الدين عموما كأنه رجس من عمل أمريكا أو إسرائيل. لكني ضبطت مرة كاتبا من كتاب السيناريو المشاهير في برنامج ضي القناديل ذكر أنه يستيقظ صباحا على لوحة أسماء الله الحسنى، فكتبت في يومياتي : العثور على كاتب مؤمن في سوريا! هكذا يفتح عمرو الليثي يديه، ‘ وهو أفضل إعلاميي مصر بحسب استفتاء أجرته إحدى مراكز البحث’ مع عمرو عبد الكافي ليدعو الله معه ، بل انه هو الذي يطلب منه الدعاء لمصر ، أما في سورية العقائدية فمن العار أن يؤمن الفنان والمثقف بالغيب. هناك ساعة واحدة فقط للدين في’ دراسات قرآنية’ والسلام؟ العلمانية السورية علمانية جسدية، علمانية الحواس الخمس ! حوارات الفضائيات المصرية تحرص على جمع خصوم سياسيين متساويين في البأس والوطيس، أما في سورية فالحوار ‘ الشامل والعادل’ قد بلغ حلقوم الحلقة العاشرة، ويجتمع في الحلقة عادة أستاذ مفوه كليم يتربع على عرش أو منبر، ليحاضر في مستمعين في رياض الأطفال أو فضائية الجزيرة أطفال.
أوحى المرحوم البوطي في حواره الأخير بأن معركته ثقافية وفنية وليست سياسية، وأعتقد انه كان ساذجا في المجالين، فهو لا يزال خصما لما سماه ‘ برنامج ما ملكت إيمانكم’. وكان سعيدا بفضائية نور الشام وكأنها منتهى المنى، مع أنها تبث دروسا في الفقه.. للمختصين.

البطل المهرج:

كان المهرج دوما عنصرا دراميا الروايات وموظفا في بلاطات الملوك، وقد تحول إلى وجبة للوزراء في رواية خريف البطريريك لماركيز. لم يكن المهرج موظفا في بلاطات الخلفاء فمجالس الخلفاء كانت تمور بالنوادر و المواعظ والشعراء .. لم يسبق أبدا في تاريخ أخبار النوادر والمهرجين أن أصبح المهرج خبرا في النشرات الإخبارية، بله أن يصبح خصما للرئيس . عاشت مصر ثلاثين سنة في عصر مبارك، ببطلين هما محمد حسني مبارك وعادل إمام بطل عرش الكوميديا، لكنها في هذه الأيام، تعيش ببطل واحد فقط هو باسم يوسف وهذا يذكرني بأغنية : واركب الحنطور..

حامض حلو

يعيب مصطفى الفقي على الاخوان أنهم يهدمون ولا يبنون، ويتذكر موهبة واحدة في النقد الأدب هي موهبة سيد قطب، ثم تحول إلى التفسير والفكر الإسلامي لكن ليس لهم مواهب في التمثيل أو في الرواية أو الشعر أو في الفن التشكيلي، وهذا صحيح. لديهم مواهب وأعلام في القانون وفن المناظرة، والفكر والتصنيف.. الفن الأفضل الذي برعوا فيه هو الجهاد ، ولهم مذكرات في السجون.. التقوى تعيق مسيرة الاعتراف بخلجات النفس الخاطئة، والرغبات، ثم أن ‘الشعراء يتبعهم الغاوون..، والتمثيل لن تكون له قيمة أمام المشاهد الشيش بيش الساخنة .. وكان يمكن لبرنامج ‘شارع السياسة’ في فضائية مصر 25 الذي يقدمه عبد الحافظ، والحافل بالإشارات الذكية والسخريات المتحفظة إلى درجة إهمالها كلمات خشنة مثل ‘رقاصة’.. أن يجذب المشاهدين لولا التقوى. المصريون جمعيا ماهرون في السخرية والتريقة، خذ على سبيل المثال الشيخ وجدي غنيم الذي يقدم أحيانا نمرا قاسية في ‘الهجاء’ لكن الهجاء يجرح ولا يضحك، ‘وموهبته’ تحتاج إلى ترتيب وتنعيم وإخراج و مونتاج لتصبح كوميديا ولا أظن انه يسعى إلى ذلك أبدا.
– يحرص الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل على كثرة الظهور، والظهور الإعلامي مغر، ومهلك أيضا، فحب الشهرة ذئب مفترس، وكلما رأيته احترت في تفسير الكاريزما التي تحيط به، هل هي من بسطته في الجسم أم هي من وضاحة الوجه البسام .. ومع هذا فهو يفاجئ المشاهد بأجوبة فاتنة وبسيطة مردها تواضعه واخلاصه، فهو يجيب عن سؤال طوني خليفة قائلا: الهوية التي يمكن أن ارغب بها غير هويتي المصرية هي هوية أي بلد عربي أو مسلم ، ثم يقول : هوية الكعبة! فيخلص من تسمية المملكة المنسوبة إلى عائلة. وهو تفعله فضائيات عربية بذكاء ، فالجزيرة تعتمد توقيت ‘مكة المكرمة’ بدلا من توقيت السعودية التي تعتمده فضائيات لبنانية مثل فضائية ‘ال بي سي’ التي صارت في مؤخرة سباق الفضائيات. أما فضائية الميادين فقد نحى بها الدهاء إلى توقيت آخر: هو توقيت ‘القدس الشريف’.
كاتب من كوكب الأرض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية