السنة العرب لن يفرطوا بعراقهم لإنشاء جيب!

حجم الخط
0

السنة العرب لن يفرطوا بعراقهم لإنشاء جيب!

هارون محمدالسنة العرب لن يفرطوا بعراقهم لإنشاء جيب!في الوقت الذي كانت قوات الاحتلال الامريكي تعلن انتهاء عملياتها العسكرية في غربي العراق وتحمل عنوان (وادي الجندي) وباءت بفشل ذريع وضح من البلاغ الامريكي الركيك، الذي أشار الي القاء القبض علي عشرين مشتبهاً، ومصادرة مخازن اسلحة دون ذكر تفاصيلها، يواجه الرئيس بوش مشكلة في واشنطن لتمرير خطة امريكية اسمها (منع الرحيل) وتقضي باجبار خمسين الف جندي وضابط امريكي اغلبهم في العراق علي الاستمرار في الخدمة العسكرية بعد انتهاء مدة تطوعهم، ومنع عودتهم الي بيوتهم وأسرهم وبلادهم.وقد بات واضحاً ان التورط الامريكي في العراق بدأ يتسع ولم تعد الآلة الحربية من قوات مارينز واخري برية وميكانيكية وطائرات اف 15 و 16 و18 ومروحيات الاباتشي قادرة علي وقف اشتداد المقاومة العراقية ضد الاحتلال، وامتدادها الي مناطق ومحافظات كانت تسمي الي وقت قريب بالهادئة. وفي محاولة مفضوحة وبائسة من الاحتلال وعملائه الاقزام ممن نصبوا وزراء ومسؤولين وعينوا رؤساء عشائر وشيوخاً كارتونيين، لاحداث الفرقة والتشويش علي المقاومة الوطنية وخصوصاً في مناطق ومحافظات السنة العرب وتحديداً في محافظة الانبار، فقد عمدوا الي نشر أنباء كاذبة ومعلومات مضللة عن مواجهات مزعومة بين فصائل المقاومة، واخترعوا منظمات وهمية لا وجود لها علي الارض، الا ان تلك المحاولات باءت باخفاق قوات الاحتلال في تمريرها، وتراجع العملاء عن الاستمرار فيها، بعد ان وقف أهل الانبار الأخيار كتلة واحدة في وجه مؤامرات الفتنة ومخططات احتواء المقاومة وتطويعها لاجندة الإحتلال، وكان مشهداً بائساً ظهور ذلك الدعي الذي أطلقوا عليه تسمية شيخ عشيرة وهو يعلن عن القبض علي 295 مسلحاً من العرب في المنطقة الغربية، وهم رقم لم نسمعه في بيانات قوات الاحتلال ولا تصريحات المسؤولين في وزارتي الدفاع والداخلية، الذين من المستحيل ان يفوتوا فرصة اعتقال مثل هذا العدد الضخم وتجييره لحسابهم، وللمعلومات فقط فان هذا الشيخ المزعوم ليس شيخاً حقيقيا، وعشيرة الكرابلة شيوخها معروفون من آل دلي الكربولي ومنهم الوزير والسفير السابق والاكاديمي المعروف الدكتور حمد، وليس هذا الذي استورده وزير الدفاع سعدون من الخارج حيث يقيم منذ ثلاثين سنة غير صورة كاريكاتيرية فجة. أما حشر تنظيم الزرقاوي في الاحداث والمبالغة في دوره فهذه اسطوانة استهلكت ولم تعد صالحة للاستخدام بعد ان اثبتت المقاومة العراقية ضد الاحتلال انها هي اللاعب الاساسي في الساحة باعتراف الامريكيين انفسهم الذين بدأوا يناشدون وجوه المجتمع وشيوخ القبائل للتوسط بينهم وبين قادة المقاومة، بل ان سفراء ومبعوثين امريكان رفيعي المستوي انطلقوا الي المملكة العربية السعودية ومصر والجامعة العربية يبذلون جهوداً لحمل المسؤولين فيها علي دعم ما يسمونه باستقرار العراق، رغم علمهم بان هذا الاستقرار لن يتم الا بانسحاب قوات الاحتلال من العراق، ووأد مشاريع التقسيم والفيدراليات العرقية والطائفية التي تسعي الي تشكيلها احزاب كردية انفصالية وتنظيمات شيعية ايرانية التمويل والتأسيس والأهداف. لقد أدرك الامريكيون والصهاينة الان وبعد سلسلة الهزائم التي لحقت بقواتهم والخسائر البشرية والمالية التي منوا بها، وعقب تنامي وانتشار وصلابة المقاومة ضدهم، ان مخططهم لفدرلة العراق وشطب الدولة العراقية من الخارطة لن يمر ما دام السنة العرب يقفون ضد هذا المخطط العدواني، فبدأوا منذ فترة بمغازلة نخب سياسية وعسكرية وعشائرية واجتماعية واكاديمية ومساومتهم علي انشاء اقليم سني عربي بحجة ان الاكراد والشيعة مصرون علي المضي في تنفيذ الاقليمين الكردي في شمال العراق، والشيعي في جنوبه، الامر الذي يحتم علي السنة العرب الالتفات الي انفسهم ومناطقهم وكيانهم ـ هكذا يقولون ـ ولن يتم ذلك الا بانشاء اقليمهم الخاص بهم. وفوجئ الامريكيون بان الرد من جميع الذين فاوضوهم بهذا الشأن، وبعضهم شارك في الانتخابات الاخيرة وفاز بالنيابة ويلتقي معهم باستمرار كان قاطعاً: لا للفدرلة.. ولا للأقلمة، وليذهب الآخرون وينفذوا اقاليمهم ان كانوا قادرين، فالعبرة ليست بالاعلان عن تشكيل هذا الاقليم أو ذاك، وانما الاستمرار فيه وإنجاحه، وهذه تجربة ما يسمي باقليم كردستان رغم ما طبل وزمر لها، وما قدم من دعم امريكي وصهيوني وايراني لتمتين عودها، فانها ما تزال متعثرة وتواجه مستقبلاً مظلماً لسبب بسيط جداً يتمثل في ان الجيوب المغلقة لا تصلح لانشاء اقاليم وكيانات ودول، وما ينطبق علي المحافظات الكردية في الشمال ينطبق علي مثيلتها الشيعية في الجنوب،التي يدعو لها عبدالعزيز طباطبائي الحكيم مناديا بفصل ما يسميها بالمحافظات التسع وانشاء اقليم شيعي فيها، فهذا المشروع محكوم عليه بالفشل سلفاً، لأنه سيكون جيباً مخنوقاً مثل الجيب الكردي، والمنفذ الايراني الوحيد ليس حلاً وانما سيزيد المشكلة تعقيداً. ولان السنة العرب في العراق أهل وطن وتأريخ، وأصحاب أرض ودور، لا يمكن ان يفرطوا بالعراق الذي بنوه لبنة لبنة بالدم والتضحيات، حتي يحصلوا علي اقليم هزيل، ولا يمكن ايضا ان يبدلوا وطنا شادوه علي مدي أكثر من ثمانين عاما، بالعرق والجهود المتواصلة، بجيب علي غرار الجيبين الكردي والشيعي، رغم ان مناطقهم ومحافظاتهم تمتد من الخابور والموصل وكركوك، مروراً بتكريت وسامراء وبغداد وديالي والانبار والحلة، وانتهاء بالبصرة وابي الخصيب والفاو والرميلة وصفوان، وينفتحون جغرافيا واجتماعياً وعمقيا علي سورية والاردن غربا، والسعودية والخليج العربي جنوبا، وتركيا شمالا، وايران شرقا من جهة محافظة ديالي، لذلك فان أمام السنة العرب في المرحلة الراهنة تحديات جسيمة، لا تقتصر علي رفض مشاريع الاقاليم والفيدراليات والتصدي لمخططات تجزئة العراق وتفتيته فحسب، وانما حشد الطاقات وتعبئة الامكانات للنهوض بالعراق من جديد بعد زوال الاحتلال الذي بات في مرمي البصر، اليوم او غداً او بعد غد، هذه حقيقة باتت محسومة، وتخليص هذا البلد العربي الاصيل والعريق من الغرباء والطارئين والمتآمرين علي وحدته، وقدر السنة العرب ومكتوب عليهم ان يجاهدوا ويناضلوا ويبنوا العراق ويحافظوا عليه مع اخوتهم وابناء عمومتهم وشركائهم في الوطن الشيعة العرب، من القبائل والعشائر والنخب الثقافية والاجتماعية وعمداء الاسر والبيوتات العروبية، ليعود العراق كما كان علي الدوام عراق العز والرفعة والانطلاق نحو المجد والنهوض والعبور الي المكانة والمنزلة اللتين تليقان به وبشعبه العربي صاحب الوقفات والمفاخر.9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية