الروائي الجزائري أمين الزاوي: الثقافي هو رهان المستقبل بعد فشل السياسي والعسكري والاقتصادي

حجم الخط
0

الروائي الجزائري أمين الزاوي: الثقافي هو رهان المستقبل بعد فشل السياسي والعسكري والاقتصادي

لم نستطع ايصال ثقافتنا الي الاخر :الروائي الجزائري أمين الزاوي: الثقافي هو رهان المستقبل بعد فشل السياسي والعسكري والاقتصاديالجزائر ـ القدس العربي ـ من فاطمة عطفة: أمين الزاوي روائي جزائري يكتب باللغتين العربية والفرنسية وأستاذ الأدب المغاربي والترجمة بالجامعة الجزائرية- كلية الآداب ـ وهران. من أعماله الإبداعية باللغة العربية: صهيل الجسد، السماء الثامنة، الرعشة، وحشة اليمامة (صدرت في دمشق أيضا بعنوان: رائحة الأنثي)، يصحو الحرير. أقام في سورية فترة أربع سنوات حصل من جامعة دمشق علي إجازة في الأدب العربي، وكانت ترافقه خلال تلك السنوات زوجته السيدة ربيعة الجلطي، وهي كاتبة وأستاذة جامعية أيضا. وقد توج حبهما بياسمين الشام.في مكتبه في المكتبة الوطنية كان هذا الحوار معه: أنت من المنشغلين في الترجمة ولك فيها دور كبير، كيف تنظر إلي الترجمة في العالم العربي؟ وهناك تهم بالعشوائية وعدم التنظيم وعدم التراكم الثقافي، وما اقتراحاتك؟ أنا في الحقيقة جئت إلي الترجمة بشكل هاوٍ مع أنني عملت أكثر من سبع سنوات في الجامعة أستاذ ترجمة، لكن علي مستوي الممارسة، ولأنني أمارس الكتابة باللغتين العربية والفرنسية، هذا الذهاب بين لغتين دفعني وشجعني إلي التفكير في ممارسة الترجمة. كان لي الشرف بأني ترجمت ثلاثة كتَّاب أنا أعتقد أنهم من أهم الكتاب الذين يكتبون باللغة الفرنسية، ومنهم محمد ديب يكتب بالعربية، وترجمت أيضا الروائي الذي أصبح الآن ظاهرة في أوروبا وهو ياسمين حضري وترجمة أيضا من الإسبانية كاسيه ماركيز إلي اللغة العربية. وفي تصوري أن الترجمة العربية بشكل عام غير محترفة. أتعرفين أن كل ما ترجمه العرب منذ إسحاق بن حنين وهو أول مترجم حتي الآن لا يتعدي ما ترجمته أسبانيا في ظرف سنتين؟ إذاً، يجب أن ننظر إلي المسألة بهذه الكارثة، وأعتقد أن الشعب لا يمكن أن يتطور إلا بالترجمة.. وكذلك الحضارة. نحن مجبرون إذا أردنا أن نحافظ علي لغتنا العربية وعلي ثقافتنا العربية أن نترجم لهذه الأجيال إلي هذه اللغة الجميلة. الترجمة العربية بالإضافة إلي ذلك لا تحترم جملة من القوانين العامة كاحترام حقوق المؤلف والمترجم، وكل هذه المسألة حضارية. بعض الكتاب الكبار التقيت بهم في باريس يقول لي الترجمة إلي اللغة العربية تتعرض للقرصنة. يقولون إن كتابك مترجم في دمشق أو القاهرة أو أحد بلدان المغرب دون علم الكاتب ودون موافقته. إن الترجمة العربية لحد الآن غير مدروسة وغير مؤسسة علي تقاليد وعلي نقاش جاد. وما هو مطلوب تشكيل علي غرار المجالس العلمية، ومجالس اللغة العربية، تأسيس مجلس عربي للترجمة توضح من خلاله استراتيجية معينة حتي نضبط آلية الترجمة للغة العربية، ونضبط رزنامة معينة للترجمة، ونضبط أيضا الوقت بالنسبة للترجمة، لأننا إذا لم نضبط كتاباً تجاوزه الزمن فلا داعي لترجمته. إلي أين وصلت الرواية العربية والجزائرية، وخاصة المترجمة منها؟ عندنا روائيون أخذوا موقعهم في العالم. اقرأ مثلا إبراهيم الكوني في ليبيا أقول هذه رواية عميقة لا يهمني كان ليبيا أو مصريا أو جزائريا أو من أي بلد آخر، أقول إبراهيم الكوني روائي كبير، وأقول زكريا تامر قاص كبير، لا يهمني كان سوريا أم مغربيا، وأقول أمين معلوف روائي عربي كبير يكتب بلغة أخري، هو الظاهرة الجديدة الآن. هناك روائيون عرب يكتبون بلغات أخري، ولكن يكتبون فضاءات عربية، وهم يكتبون حتي باللغة الفرنسية ولكن يكتبون بحس عربي ويكتبون بجملة عربية مترجمة، إذا صح التعبير. حينما أقرأ أمين معلوف أو طه بن جلود أو رشيد بوجدرة، أشعر أنني أقرأ نصاً مترجما من العربية، هو يفكر باللغة العربية ويكتب بأداة أخري ليست الفرنسية التي يكتب بها الأوروبيون. الفرنسية التي نكتب بها نحن هي فرنسية أخري ليست الفرنسية الباريسية، لو كنا نكتب بالفرنسية الباريسية لما انتبه أحد لأدبنا. إذاً نحن نكتب بلغة أخري، وأعتقد أن قوة اللغة تكمن بأن كل واحد يستطيع أن يخلق لغته، بمعني علي مستوي الإبداع وليس علي مستوي المفاهيم. انطلاقا من ذلك، أعتقد بأن الرواية العربية أنجزت أشياء كثيرة لحد الآن. ولكن مشكلة المقروءة، أو المقروئية قائمة، إن العالم العربي أكثر من 200 مليون، بينهم 20 مليون جامعي.. ولكن سحب الرواية 1000 أو 2000 نسخة لا أكثر. هذه كارثة كبيرة، وليس علي الرواية فقط، يقاس ذلك علي الشعر وعلي الأدب الفكري.. إلخ. أعتقد أن الرواية العربية تحتاج لتوصيلها، أنا لا أشك في نصوصها ولكن نحتاج إلي مسألتين أساسيتين، الأولي هي تنشيط حضارة الكتاب وهي قضية مركزية. العرب لا يعرفون التعامل مع الكتاب، يعتقدون بأن الكتاب تجارة مثل التجارات الأخري. هذا خطأ. إن حضارة الكتاب تتطلب حسا آخر وثقافة أخري وتدخل الدولة في هذا الباب ضروري جداً. بل مسؤلية أساسية. النقطة الثانية علاقتنا مع الآخر في ما يتصل بالأدب. لا يوجد هناك مثلا ما يسمي وكالات للأدب العربي التي تبيع الأدب العربي إلي الخارج كما هو موجود في أوروبا أو أمريكا، فما يترجم من الأدب العربي إلي الخارج هو قائم علي الصدفة، وكثير من المرات علي العلاقات الخاصة، مثلا روائي عنده صديق في إنكلترا يعرف مترجما، يعرف أستاذا جامعيا.. وبذلك تتم الترجمة. في الجزائر، الدكتور أمين الزاوي مدير هذه المكتبة الوطنية الضخمة، ماهو دوركم في توصيل الكتاب والتبادل الثقافي؟ دور المكتبة الجزائرية يتمثل في قضيتين أساسيتين، أول ما يهمني وضع سياسة في المطالعة العمومية بمعني خلق شبكة من المكتبات علي مستوي الداخل، علي مستوي المدن الصغري والمدن المتوسطة والمدن الكبري من أجل الحفاظ علي القارئ ومن أجل توزيع الكتاب في وقته، وأيضا وضع سياسة الكتاب، ما هو الكتاب المقروء. لماذا هذا الكتاب مقروء؟ من هو القارئ؟.. إلي غير ذلك، هذه مسألة تهمني جدا في الدور الذي تتحمل أعباءه المكتبة الوطنية. بطبيعة الحال المكتبة الوطنية هي التي تحفظ ذاكرة البلد. كل ما ينشر في الجزائر من كتب حتي الكاسيتات تحفظ. وهي حافظة لذاكرة الأمة للأجيال القادمة. النقطة الثالثة المكتبة هي بيت الحكمة، بمعني أنها هي فضاء للندوات الفكرية الكبري. أقمنا ندوة عالمية حول جاك بيرك، ندوة عالمية حول المفكر مصطفي مشرف، وندوة حول الرحالة العرب أيضا، وندوة حول دور المكتبة في المدينة. وهناك نشاطات نقوم بها وهي ما يطلق عليها المقاهي الأدبية، والفلسفية والفنية. إن المكتبة الوطنية مؤسسة ليست فقط مرتبطة بالكتاب، إنما هي أيضا ترويج للكتاب ودعم الكتاب. كنا نقول في البداية إن الكتاب إذا لم يروج له، إذا لم يحتفل به احتفالا لائقا ما أعتقد أن أحدا سينتبه إليه. إذاً بقدر ما نعمل لتسويقه كي لايظل الكتاب في الرفوف مثل العلب عند البقال، فإنه يتحرر. فالمكتبة ليست مقبرة للكتب، هي أساس حياة للكتب وهي أيضا دار نشر. هناك عدد من الكتب التي أصدرناها، وهناك مجلتان مجلة الثقافة التي كانت تصدرها وزارة الثقافة، والآن المكتبة مكلفة بإصدارها، وننشر أيضا مجلة متخصصة عنوانها الكتاب تهتم أساسا بما يصدر من كتب بالجزائر وحول الجزائر. هناك دائما اتهام لحركة النقد العربي أنها لم تتطور. كان هناك في الخمسينات حركة نقدية نشيطة وكان الأمل أن تؤدي لتأسيس نظرية نقدية عربية، لكن هذه المساعي لم تنجح. كيف تنظر إلي حركة النقد العربي الآن، وخاصة من منظور الرواية؟ سوف أشير إلي فكرتين، أولاً تحول الصحفيون إلي نقاد واحتلوا في الصفحات الثقافية مكان الناقد، وأصبح الصحفي يقيم الأدب ويقيم الرواية، ويقيم الشعر وكل شيء. طبعا هذه حالة شاذة وغير صحيحة وهذه موجودة في كل العالم العربي. في الدول الأخري الناقد الصحفي هو ناقد صحفي، الصحافة الثقافية هي ليست نقداً. نحن اختلط علينا الأمر بين الصحافة الثقافية والأدبية، وتحول هؤلاء الصحفيون في الشأن الثقافي فأخذوا يتحدثون بأن هذا الكتاب ناجح وهذا الكتاب غير ناجح، هذا الأديب وهذا الشاعر مهم، وهذا غير مهم. نحن نحتاج إلي صحافة ثقافية، وهذه مهمة جدا ولكن ليس بديلا عن النقد الأدبي. النقطة الثانية هي أن النقود الجامعية نقود لاروح فيها، كل ما ينجز من رسائل جامعية في العالم العربي وكان لي الحظ أنني عشت في دمشق وأيضا في باريس وفي الجزائر وأشرفت علي مجموعة كبيرة أيضا من الرسائل التي تجاوزت مئة رسالة. أعتقد بأن من النادر أن تنجز رسالة جامعية وتقرأ. والأساتذة الجامعيون تحولوا إلي مربين، وتحولت الجامعة إلي مدارس. الجامعة كانت قبل سنوات فضاء للحوار الفكري، فضاء للنقد، وليس فقط فضاء للتربية والتلقين. أزمة الجامعة أيضا هي أزمة غياب أساتذة النقد في الجامعة، وهي تنعكس علي بلورة النقد، سواء رؤية أو حركة نقدية عربية جيدة. الآن لا أري في العالم العربي كثيرا من النقاد المتميزين، إنهم مجموعة قليلة جداً أمام 20 مليون جامعي أعتقد ان هذا كارثة. هناك ناقد كان يبشر بالخير ونشر كتابين أو أكثر في اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وكان له ملاحظات في القصة القصيرة وغيرها، وعندما أصبح له كرسي في الجامعة أخذ الكرسي وسكت. وكذلك فعل خليل الموسي في جامعة حلب. إذاً، المشكلة أن أساتذة النقد الأدبي في الجامعة انفصلوا عن آلية الإبداع، وأحيانا يتميزون بأبوية كبيرة باعتبارهم لا يتنازلون إلي قراءة مجموعة قصصية في يد شاب ما. كل هذه الأمور ليست صحية. لقد كتب السيد قطب عن نجيب محفوظ وكان في بدايته، مما يؤكد أن الحالة كانت صحية والآن العملية غير صحية. الجامعة وأساتذة الجامعة في الوطن العربي لا يؤدون دورهم، والصحافة الثقافية في العالم العربي اختلط عليها الأمر فأصبحت هي التي تنوب عن الجميع. هذا كله ينفي الكلام عن النهضة المتوقعة أو المأمولة. في البداية هناك كارثة الجامعة مقارنة مع النهضة. حينما يفلس النظام السياسي ويفلس النظام العسكري، ويفلس النظام الاقتصادي في العالم العربي، ماذا بقي لنا؟ هذا اللقاء الذي بيننا هو كل ما بقي لنا. ندوة الرحالة العرب والمسلمين، وهذه الحركات التي تقوم في الإمارات العربية، في مصر، في الجزائر، في المغرب، في المهجر، بين أدبائنا الموجودين في المهجر… هذه الحركات تبشر بإمكانية حدوث لحظة ثقافية، أعني أساسها الثقافي. أين وصلت الرواية الجزائرية برأيك؟ وأين موقعها في العالم؟ الرواية الجزائرية، أتصور أنها دخلت العالم من بابين باب اللغة العربية وباب اللغة الفرنسية وربما هذا هو الذي يجعل خطابها ثريا، وأغلب أدبائنا يقرؤون بلغتين، ومن يقرأ بلغتين له مخيلتان أو أكثر، هذا المكسب في اللغة جعل الرواية الجزائرية في تصوري تعطي نماذج متميزة. كنا نتحدث الآن مع صديقنا رشيد بو جدرة، وأعتقد أن رشيد واحد من الروائيين الأساسيين في الرواية العربية وفي الرواية الفرنسية. لنا مثلاً الآن من الروائيين الجدد ياس مينة خضرا الذي أصبح ظاهرة كبيرة في الرواية في أوروبا، وللأسف يبدو لي أن العدد الأكبر من الرواية الجزائرية مكتوب باللغة الفرنسية أكثر من اللغة العربية، ولكن هناك نماذج أساسية في اللغة العربية أذكر مثلا ما يكتبه السايح الحبيب يكتب بلغة جميلة، لغة صوفية عالية. ما تكتبه أيضا فتاة حصلت علي جائزة أيوليوس أخيراً عمرها 18 سنة كتبت رواية اسمها زنادقة وهي أول نص لها، اسمها سارة حيدر، فهي ظاهرة جديدة.. أيضا ما تكتبه أحلام مستغانمي يضيف إلي الأدب العربي ويضيف إلي الرواية الجزائرية تنوعا آخر وصوتا آخر. ما تكتبه فضيلة فاروق أيضا وغيرها من النساء هو صوت جديد يضيف إلي حساسية الرواية العربية أصواتا جديدة.. ما هو موجود أيضا بالرواية الجزائرية هو أن هناك الآن ظاهرة صعود الرواية باللغة الأمازيغية بالجزائر وهي ظاهرة نلحظها باستمرار. أخيرا حصل علي جائزة أيوليوس روائي باللغة الأمازيغية وهذا ما يؤكد علي أن تنوع هذه الخطابات اللغوية يثري الرواية، ويثري متن الرواية. هناك خلاف علي نشوء الرواية العربية والعالم الذي تعبر عنه: الروائي خيري الذهبي في دمشق يعتبر أن الرواية هي بنت المدينة، بينما علي أبو الريش الروائي من الإمارات العربية يعتبر أن الرواية ليس لها حدود ويمكن أن تكون من الريف، كيف ينظر أمين الزاوي إلي الرواية؟ أنا يبدو لي أن مفهوم الريف ومفهوم المدينة في العصر البرجوازي الأوروبي تغير تماما.. الآن في الريف تجدين الواحد يجلس أمام التلفزيون في قريته، وتجدين آخر يركب أفخم السيارات، يعني العلاقة الريفية لم تظل كما كانت عليه في القرون الماضية، وكثير من أصدقائنا الذين يريدون أن ينظروا للرواية يعتقدون أو يذهبون إلي مفاهيم جورج لوكاتش لوسيان غولدمان أو إلي غيرهم، وأنا دارس هؤلاء النقاد، أعتقد أن مفاهيمهم من الناحية الاجتماعية لا تنطبق كثيراً علي الرواية العربية. العالم العربي تأسست فيه المدينة. حلب مدينة، دمشق مدينة، تيلمسان مدينة، بجاية مدينة، هذه مدن كبري لها تاريخ عريق جداً. لكن هل الرواية يجب أن ترتبط بالمدينة حتي تكون رواية؟ لا أعتقد، الآن مع جيلنا الجديد ومع حضارة المدينة، اختلطت حضارة الريف مع حضارة المدينة، أغلب المثقفين العرب هم نصف مدنيين أو نصف ريفيين، هم ليسوا ريفيين تماما وليسوا مدنيين تماما، إذاً هناك مرور بين القيم الحضارية الريفية إلي المدينة والقيم المدنية إلي الريف، وأعتقد أيضا أن علاقتنا مع الغرب كسرت هذا التقسيم الميكانيكي ما بين الريف والمدينة. أنت درست في دمشق حصلت علي شيء من ثقافة المشرق وعندك من ثقافة المغرب برأيك ما هو النسيج الذي يربط بينهما: التراث أو اللغة أو التاريخ أو العلاقات التجارية ورحلات الحج وطلب العلم، وما هو تأثير دمشق عليك؟ أولاً: أنا أكن لدمشق حبا عميقا وأعتقد أنني تعلمت من دمشق ليس فقط الجامعة بل الحياة الإجتماعية والكثير من الأشياء. هذا المرور الذي قضيته في دمشق وهو أربع سنوات.. وحينما ذهبت إلي اوروبا وبقيت أيضا خمس سنوات كنت أشعر بتوازن مريح جداً. أن تعيشي في المشرق وتعيشي في أوروبا، هذا يسمح لك بأن لا تكوني غريبة لا في المشرق ولا في المغرب العربي. هذا التوازن جعلني أعتقد بأن كثيرا من الثقافات عميقة في المشرق، ولكن ما يهم هو الخلل القائم في هذه الثقافات، هو توصيل هذه الثقافات. نحن لا نملك توصيل ثقافتنا إلي الآخر، لا نملك حضارات إرسال هذه الثقافة إلي العالم. وأعتقد أن ندوات الرحالة مهمة في هذا الاتجاه. ما يجمع المشرق بالمغرب هل هو الثقافة؟ أعتقد أن كل الوسائل الأخري باءت بالفشل: العلاقات السياسية، الوحدة العربية، الوحدة الاقتصادية، علي كل المستويات باءت بالفشل، ولكن الشيء الوحيد الباقي أو ركب الإنقاذ الوحيد هو الجانب الثقافي.. أعتقد أنه الجسر الممدود حينما يقرأ محمود درويش قصيدة في المشرق، أو يقرأها في مكان ما في المغرب فالخطاب يمر دون أن يحتاج إلي بنك أو إلي سلطة، أو إلي إدارة، الخطاب يمر مباشرة. إذاً الثقافي هو رهان المستقبل.. وأعتقد أن المثقف والمثقفين بشكل عام يتحملون رهان الدخول في هذه الألفية القادمة أكثر من العسكري الذي فشل والسياسي والاقتصادي الذين باؤوا بالفشل.. مسألة الدين أعتقد أن الدين في العالم العربي كان في عصر النهضة عاملاً موحداً أو قناة توصيل، ولكن مع تسييس الإسلام أصبح ظهور النعرات الدينية في المشرق العربي وفي المغرب العربي وظهورها في بعض التيارات الدينية السياسية، تم تكدير الدين أي تلويث الدين بالسياسة. العرب كانوا قبل زمان حينما نجد الأخطل وهو مسيحي مع جرير وهو مسلم، لم يكن الدين هو الأول، إنما الثقافي، الحضاري، الشعر هو الأول. منذ السبعينات بدأنا نمر بنوع من الأزمة، وخاصة منذ تفكيك الاتحاد السوفييتي واعتقدنا بأن الدين كفيل بالإجابة علي هذه الأزمة، لماذا؟ لأن الثقافي كان محاصراً بدكتاتورية السلطات، واعتقدنا بأن الدين فيه حرية ممارسة السياسي داخل الدين. الثقافة أنك تكتب شعرا ناقدا أو غيره فهذا ممنوع، أما الدين فهو موجود في المساجد وفي القلوب وفي القرآن، لكن عملية التسييس أساءت للدين.0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية