الرقابة الاسرائيلية قيدت أمية جحا والبخاري يعتبر الشؤون الاجتماعية ترفا امام واقع القمع: فن الكاريكاتير الفلسطيني تهيمن عليه السياسة وقضايا مواجهة الاحتلال
سلوي عليناتالرقابة الاسرائيلية قيدت أمية جحا والبخاري يعتبر الشؤون الاجتماعية ترفا امام واقع القمع: فن الكاريكاتير الفلسطيني تهيمن عليه السياسة وقضايا مواجهة الاحتلاللندن ـ القدس العربي : يمكن للكاريكاتير السياسي ان يثير اهتمام المشاهد والقارئ اكثر مما تستطيعه احيانا الصورة والمقالة المكتوبة. فمن خلال معالجته لقضايا سياسية، اجتماعية وثقافية، يعكس الكاريكاتير الافكار الرائجة في المجتمع وذلك من خلال سخريته الناقدة واللاذعة للمواقف والشخصيات من صانعي القرار. وفي محاولة للتعرف علي اثر فن الكاريكاتير، والرسالة التي يطمح رساموه بتوصيلها، والموضوعات التي يتأثرون بها ويعملون علي تكييفها، لنقد السياسة والمجتمع، حاولنا استطلاع اراء اثنين من رسامي الكاريكاتير الفلسطينيين، مع الاخذ بعين الاعتبار ان تجربة الكاريكاتير الفلسطيني في الداخل، محكومة اولا برؤية الفنان لوضعيته كرهينة للاحتلال، ورؤيته للوضع القائم خاصة بعد قيام السلطة الوطنية. وتجربتهم بالتالي تختلف عن التجربة المعروفة لاشهر رسامي الكاريكاتير العرب، الشهيد ناجي العلي، الذي جسد في شخصيته حنظلة الهم الفلسطيني، والعربي عامة.يقول رسام الكاريكاتير بهاء البخاري، المعروف في صحيفة الايام الفلسطينية اليومية ان الكاريكاتير هو فن الاختزال الفني للتعبير عن فكرة ما . ويضيف قائلا ما من شك ان رسام الكاريكاتير يعبر بطبيعته عن هموم مجتمعه وشعبه. وانا شخصيا اعبر عن هموم الشعب الفلسطيني في ظل الممارسات القمعية لالة الحرب والاحتلال الاسرائيلي. وهذه هي وسيلتي التي اجيدها .علي العموم يكون الكاريكاتير السياسي ساخرا بصورة موجزة غير مصطنعة والكوميديا السوداء التي يعيشها مجتمع ما عادة ما تناقض المثل والطروحات النموذجية. يقول البخاري الكاريكاتير يطرح المفارقة بين الموجود والمرغوب وهذا الهاجس موجود منذ ان بدأ الانسان بالتعبير عن نفسه وهذه هي الرئة التي يتنفس من خلالها المجتمع .وقد اوجدت الصحافة العالمية والعربية مكانا هاما للكاريكاتير علي صفحاتها. وعبرت الهزة الشعبية في العالم الاسلامي المستاءة من الصور الكاريكاتورية عن الرسول محمد عليه السلام، التي نشرت في صحف دينماركية وانتقلت لصحف غربية اخري في الشهر الماضي، عن الاثر الكبير للكاريكاتير علي المشاهد وكيف له ان يثير عنده تفاعلات عدة.ويري البخاري ان أداء رسم الكاريكاتير في العالم العربي ناجع ولكنه بدون تنظيم. ويضيف لا توجد نقابة او تنظيم لرسامي الكاريكاتير تساعد علي انتشار هذا الفن. وللاسف الشديد نجد ان العمل النقابي في الاقطار العربية يعاني من تقييد الحريات وتخضع النقابات الموجودة للصراعات السياسية الامر الذي يفقدها المضمون .ويقول السياسة تقيد الكاريكاتير وتهيمن احيانا علي اعمال الكاريكاتير الصراعات الحزبية التي تنعكس عليه سلبيا . مشكلة اخري يعرضها البخاري هي قلة المعارض الفنية للكاريكاتير محليا وقطريا في العالم العربي. ويقول نحن نفتقد للوعي السياسي لتطوير الكاريكاتير. يشتهر رسام الكاريكاتير العربي من خلال المعارض العالمية فقط .يمكن اعتبار رسام الكاريكاتير السياسي صحافيا يعبر عن فكرة ما من خلال ريشة الرسم. وهو لا يستطيع التعبير بدون ثقافة والاطلاع علي ما يدور حوله وكلما لامس روح المجتمع كلما كان واقعيا. ويتناول البخاري كل المواضيع المحلية، القطرية والعالمية ويحركه حدس الصحافي الذي يبحث عن العنوان الرئيسي في اليوم التالي. وبذلك يصبح رسام الكاريكاتير مركز استطلاع محلي متنقل. يري البخاري مشكلة في عدم تناوله القضايا الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني ويراه نوعا من الترف ويقول لا يمكنني الحديث عن قضايا الزواج والطلاق وانا اقارع الاحتلال الذي طالت ممارساته الوحشية البشر والشجر وحتي الحجر. اني اتناول الذل اليومي علي الحواجز والجدار وما يجول في رأس المواطن الفلسطيني وهو يواجه واقعه المرير .بهاء البخاري، من مواليد 1940. بدأ عمله في رسم الكاريكاتير في الصحافة الكويتية عام 1964 حتي عام 1989 ثم انتقل الي تونس وليبيا وصحافة المهجر. بين السنوات 1994 حتي 1999 حيث عمل في صحيفة القدس اليومية الصادرة في القدس المحتلة عند عودته الي فلسطين. الفنانة الثانية، هي امية جحا رسامة كاريكاتير فلسطينية من مواليد غزة عام 1972، زوجها الاول شهيد وهي ام لطفلة عمرها ثلاث سنوات. وتعمل اليوم في صحيفتي الرسالة (التابعة لحماس) و الحياة الجديدة (التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية). وعملت جحا في صحيفة القدس بين السنوات 1999 حتي 2002. وكان احد اسباب تركها للصحيفة الصادرة في القدس المحتلة هي خضوع الجريدة للرقابة العسكرية الاسرائيلية التي منعت في كثير من الاحيان نشر كاريكاتيراتها. تقول جحا كنت اشعر بقيود جمة من جانب الرقابة العسكرية الاسرائيلية واضطررت لترك العمل هناك . اما في صحيفة الحياة الجديدة تقول جحا رغم انتقادي اللاذع للسلطة الفلسطينية الذي طال الرئيس محمود عباس والفلتان الامني والفساد وغيرها فلم يوجه لي اي مسؤول اي انتقاد ولم امنع من نشر اي كاريكاتير .ولا تري جحا مانعا من عملها في صحيفتين باتجاهين سياسيين مختلفين تماما، وتقول لست حزبية. اتناول الهم الوطني بشكل عام. وهذا السبب في محبة كل التنظيمات لي . وتضيف اذا تحزبت سأزيد القيود علي عملي الصحفي. انتقد الجميع من خلال طرحي موضوعات عدة المقاومة، محاربة الفساد، الوحدة الوطنية وغيرها .وتري جحا ان الكاريكاتير اقوي من الكلمة والصورة لانه يمس الحياة اليومية للمواطن لو كانت الرسومات عادية ومتملقة لما حاز رسام الكاريكاتير علي شعبية. وتضيف استلهم الفكرة بخروجي من البيت في الشارع وانا في السيارة. وبين الناس تنبع الاخبار. وهناك اهمية ايضا لمتابعة الاخبار في وسائل الاعلام المختلفة . تقول جحا احيانا لا استطيع ان ارسم يوميا للجرائد. وهذا ليس عيبا لانه اذا اصبح هم الرسام ان يعبئ مساحة من الورق فانه سيخسر مضمونه وجمهوره لاحقا .تري جحا ان هناك عدة معوقات علي عمل رسام الكاريكاتير الفلسطيني واهمها الاحتلال، وتقول في هذا الصدد الاحتلال الاسرائيلي يمنع حرية التنقل بين اطراف البلاد ويساعد هذا علي كبت الفنان ويصبح تفكيره محدودا بينما لو انطلقت لطرحت موضوعات اوسع .وتعاني جحا من انتقادات تعتبرها سلبية وليست من اجل البناء الذاتي واحيانا بسبب كونها امراة ترسم الكاريكاتير. تقول جحا تصلني رسائل فيها الكثير من الغيرة. وللاسف المنتقدون من ابناء الوطن وهم غير معنيين بنجاحي. هذا يزيدني اصرارا علي التقدم مع ان ذلك احيانا قد يثبط العزيمة .0