الرضا بالهزيمة.. وإلا حرب استنزاف: إسرائيل بين المتاهة الاستراتيجية والتهديد الوجودي

حجم الخط
0

بصدق وبقول مباشر إلى الأمة، قال رئيس الأركان في خطابه أمام “المبكى” [حائط البراق] في مستهل يوم الذكرى: “أطأطئ الرأس لذكرى المواطنين الذين لم ننجح في إنقاذهم. أتحمل المسؤولية عن فشل الجيش في 7 أكتوبر، وأفهم معناها جيداً”. إن ذكرى الفظائع من ذاك اليوم الرهيب الذي بدأ صباح العيد بهجمة حماس من قطاع غزة، سيحملها شعب إسرائيل إلى الأجيال. مسؤولية المستوى العسكري والسياسي عن الفشل في ذاك اليوم ليس موضع شك، لكن دولة إسرائيل اليوم عالقة في كل الساحات في حرب إقليمية متواصلة. يجب أن تركز نظرة القيادة والجمهور في النظر للمستقبل، والتطلع لإنهاء الحرب بشروط تضمن عظمة ونصراً.

يقول مثل عربي: “نحن مع الحائط الواقف”. هذا هو مفتاح المنطق الاستراتيجي في خلق التحالفات والحفاظ عليها، لأن الاستناد إلى حائط متهالك ليس مرغوباً فيه. وبالفعل، في عالم المصالح، يفحص الحلفاء متانة الحلف الذي يعتمدون عليه. بهذه النظرة، أهداف الحرب التي صاغها كابنت الحرب في 14 أكتوبر بحاجة ماسة إلى إطار موجه عام، إطار يتجه إلى إعادة تأسيس صورة “الحائط الصامد” لدولة إسرائيل.

لقد أحدثت الحرب واقعاً كبيراً يجيد زعماء العدو وصفه. في خطاب ألقاه زعيم حزب الله ليلة الاستقلال، وصف نصر الله خطوطاً أساسية للميول التي نشأت عقب الحرب تحث تجسد رؤية لانهيار إسرائيل. فقد بين كيف أعيدت المسألة الفلسطينية إلى مركز جدول الأعمال العالمي بفضل الهزة الكبيرة التي أحدثتها حماس في بداية الحرب. الخطاب الدولي على واجب الاعتراف بدولة فلسطينية هو على حد قوله، نصر جلي للحرب. كما أن الطريق المسدود الذي تقف أمامه إسرائيل في مسألة “اليوم التالي” في غزة، عرضه نصر الله كتعبير عن الورطة الإسرائيلية. من جهة، لا توجد دولة عربية مستعدة للدخول إلى إدارة قطاع غزة، ومن جهة أخرى تواصل إسرائيل رفض استمرار حكم حماس. في مفترق الطرق هذا، يعرض على إسرائيل مقترح حماس الأخير الذي يعتبر من زاوية نظرها هزيمة لإسرائيل. الطريق الثاني يؤدي بإسرائيل إلى مواصلة الحرب، في الجنوب والشمال كحرب استنزاف متواصلة ستؤدي إلى اندثار إسرائيل، حسب رؤياه.

إن انتظار مخرج إبداعي من فخ مفترق الطرق هذا هو اختبار استراتيجي غير مسبوق للقيادة الإسرائيلية يحدث هذه الأيام. رون بن يشاي، في مقاله، شخص سلة البدائل المحتملة وأوصى بـ “حكم فلسطيني مشترك مع قوة عربية، لكن شرط هذا هو موافقة رئيس الوزراء على إخراج كلمتي دولة فلسطينية” من فمه. غير أن هذا الشرط يؤدي في ميله النهائي إلى تقسيم القدس، والانسحاب من غور الأردن، وترسيم حدود إسرائيل الشرقية في “كفار سابا”، وبنظرة أمنية واعية: الطريق إلى كارثة أمنية وقومية. وفي فخ الرعب هذا، مطالبة من القيادة الأمنية والسياسية باختراق طريق يؤدي إلى الخلاص من المتاهة الاستراتيجية الآخذة في التطور في الأسابيع القادمة، إلى تهديد وجودي شامل على دولة إسرائيل.

غيرشون هكوهن

 إسرائيل اليوم 15/5/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية