الدولة الفلسطينية ستضطر الي الانتظار ولم يعد هناك أمل معلق علي محمود عباس
السلطة علي حافة الانهيار والامريكيون يئسوا الدولة الفلسطينية ستضطر الي الانتظار ولم يعد هناك أمل معلق علي محمود عباس قيادة السلطة الفلسطينية ايضا كانت في هذا الاسبوع في غيبوبة. وهذا ليس اسبوعها الاول في هذه الحالة. الاطباء الامريكيون الذين استُدعوا علي عجل الي سريرها حاولوا إيلام اليد اليمني قليلا، ومن ثم اليسري ـ إلا أن المؤشرات الايجابية لم تظهر باستثناء بعض ردود الفعل الارتكاسية من الذراع التي تطلق صواريخ القسام. الطلبات والصلوات والصرخات لم تُسعف شيئا في هذا المضمار. الاطباء يئسوا في الواقع، إلا أنهم واصلوا أداء واجبهم المنوط بهم. ربما تحدث معجزة، وربما يتطلب الأمر مزيدا من الوقت. فهم لا يملكون أصلا وصفة لدواء آخر. هذه الحكاية الكبري التي لم تُروَ بصورة كافية الوضوح في الاسابيع الأخيرة.الدراما الملموسة جدا والانسانية الهزازة التي تجري بين أروقة مستشفي هداسا وبين غرفة ايهود اولمرت في وزارة المالية ظللت علي كل حدث آخر وطمست أهميته وحجمه، إلا أن احتضار السلطة الفلسطينية ـ والأكثر من ذلك بداية التنازل الأكبر عن احتمالية إبقائها حية تُرزق ـ قد يؤثر علي المدي المتوسط والبعيد بصورة تتجاوز التأثير الذي سيترتب علي تبدل الحكم في اسرائيل.ذلك لأن الحكم ـ حاكم يأتي وآخر يذهب ـ قد انتقل من يد الي اخري بصورة نموذجية وواثقة جدا. أما هناك ـ فراغ كبير وليس هناك من يُمسك بزمام الأمور. ماذا نفعل مع محمود عباس؟ يجلس مسؤول امريكي ويلتقط نفسا طويلا ومن ثم يرفع يده الي السماء مبتهلا. ربما يحدث ذلك بعد الانتخابات، يقول المسؤول. إلا أنه لا يصدق ما يقوله. الفوضي التي حدثت في مناطق السلطة تضعف العزائم. المبعوثان الكبيران اللذان جاءا أمس لاجراء محادثات في المنطقة يعرفان عملاءهما جيدا. في حاشيتهما ايضا تتعالي اصوات عدم الثقة في الجدوي التي ستتمخض عنها القيادة الفلسطينية.هذا لم يحدث في يوم واحد، ولم يُستكمل بعد، إلا أن عملية التنازل عن خيار أبو مازن في ذروتها. الكونغرس قد قال كلمته، والادارة الامريكية تطأطيء رأسها، وحتي في الجناح اليساري من الخارطة السياسية الامريكية لا تتردد إلا اقوال انتقادية. سناتور ديمقراطي من المعارضين للحرب في العراق ومن مؤيدي عملية اوسلو البارزين همس علي مسامع أحد معارفه بأنه يمكن أن يضطر الأمر للانتظار بكل بساطة . الأمر المقصود بكلامه هو الدولة الفلسطينية. وأي حل يقترح؟ هناك حاجة الي أفكار جديدة، حسب قوله. علي هذا النحو نري أن الفلسطينيين يفقدون صديقا تلو صديق.في مراكز الابحاث يصعب أن تجد الآن خبيرا لا يلوح لك بتنبؤات سوداوية. بعضهم من الذين تواجدوا في الاسابيع الأخيرة في اللقاءات مع رئيس هيئة الاركان السابق موشيه يعلون الذي يقيم الآن في العاصمة الامريكية، أُصيبوا بجزع حقيقي. كلمة القاعدة تصنع العجائب هنا. وإن كان تنظيم القاعدة يشق طريقه نحو غزة، فيجب التحرك وبسرعة، كما يقول الخبراء. كيف العمل؟ هذه مسألة اخري. ولكن ليس هناك أي جواب تقريبا يعتمد علي حسن نوايا محمود عباس كما كان في السابق. الجميع يبحثون عن طرق التفافية للحكم الفلسطيني من اجل الوصول الي الهدف.قادة يهود ـ بما فيهم أنصار عملية السلام الكبار بتقلباتها المختلفة ـ يتحدثون عن فشل وعن خيبة أمل . بعد أن أُزيلت المستوطنات في غزة، أي بعد أن زالت ذريعة اخري ضد أخلاقيات اسرائيل، لن أعارض شن عملية عسكرية اسرائيلية هناك حتي موسعة اذا برزت حاجة أمنية لذلك ـ قال في هذا الاسبوع الحاخام اريك يوفا، رئيس الحركة الاصلاحية. هو لا يعتقد أن شريكا حقيقيا سيظهر في المستقبل القريب. المستوطنات يجب أن تُخلي، حسب رأيه، ولكن اذا كانت هناك حاجة لوجود عسكري دائم لمنع الارهاب أو لمنع اطلاق صواريخ القسام، فهذه مسألة مبررة . الاحتلال في الواقع مبرر. أحد اصدقاء السلام الآن البارزين في امريكا قال أمس الاول انه لا يُشخص في المنطقة شريكا فلسطينيا ملائما حتي اذا واصل يوسي بيلين القول له إن هناك مثل هذا الشريك. وإن كان هذا ما يعتقده اولئك الذين رغبوا في نجاح محمود عباس، فلا حاجة لبذل الجهود لتخمين كيفية تفكير اولئك الذين أملوا أن يفشل.حسن حظ السلطة الوحيد يكمن في فشل وزيرة الخارجية الامريكية في تجنب السقوط في الفخ الذي سقط فيه الكثيرون ممن سبقوها. حقيقة أنها ألقت بثقلها ومكانتها الاعتبارية من اجل إنجاح اتفاق رفح المهزوز الذي تم توقيعه بموافقة منها، تؤخر عندها عملية الصحوة التي مر بها الكثيرون من معارفها. عمليات المساعدة الاقتصادية في غزة لا تتمخض عن نتائج، كما أن القوافل من غزة الي الضفة لم تبدأ بعد، بالرغم من الشائعات المفرطة عن خضوع اسرائيل. معبر رفح بشرطته العاجزة ومراقبيه الفارين وزعران السلطة الذين يهدمون الجدران وحافري الأنفاق التي تلتف عليه من اليمين ومن اليسار، يوفر سببا آخر لحالة الارباك. لن تمر مدة طويلة مع بعض الاخلالات وبعض الاخفاقات وربما عملية كبيرة أو انهيار متوقع بعد الانتخابات، حتي يفقد الرئيس الامريكي صبره ـ هذا ما يدعيه المراقبون الذين يعرفون بوش. هو الذي يختلف عن وزيرة خارجيته، لم ينغمس في تفاصيل المفاوضات، ولكنه صرح بوجود محمود عباس أنه لن يُصر علي تجسيد حلم الدولة الفلسطينية خلال فترة رئاسته تحديدا.شموئيل روزنركاتب في الصحيفة(هآرتس) 17/1/2006