الدخول إلي القاهرة من بوابة الفخامة ــ مدينة العشرين مليوناً تفيض بالتاريخ والأسرار:
الملك فاروق أكثر حاكم مصري اهتم بالسلاح… ودليل سياحي ترجم اسم أبو الهول لسياح إنكليز بـ أبو الإرهاب في قصور الملوك السابقين.. قنابل تحمي مجوهرات الأميرات.. وأقلام رصاص بشكل مسدسات وعكاز ينقلب لبندقيةالدخول إلي القاهرة من بوابة الفخامة ــ مدينة العشرين مليوناً تفيض بالتاريخ والأسرار:يحيي القيسي لست صاحب خبرات أثيرة في القاهرة، ولا من الذين تعودوا زيارتها، وكنت كلما حدثني الأصحاب عنها أشعر بنقص ما يعـــتريني لأنه لم تتح لي الفرصة لمعرفتها، حتي جاءت أخيرا من خلال دعوة لرحلة سياحية لمجموعة من الصحفيين العرب، ولم تكن الرحلة موجهة من وزارة السياحة المصرية مثلا، ولا من وزارة الثقافة بل جاءت من القطاع الخاص فندق الفور سيزن ، وهذا أمر يحسب لهم، ووجدتني ألبي دعوة جاءت أساسا لـ القدس العربي في لندن، ثم حولت إلي لرغبتي الجامحة في زيارة القاهرة، ولا سيما حيـــنما علمت بأن برنامجها قصير ومكثف، يحاول أن يقدم إطلالة بانورامية علي أبرز معالم المدينة، ومآثرها العمرانية والأثرية.ولقد حرت وأنا أسعي لتدبيج هذا المقال أن أقع في مدح ما يبدو ناشزا عند أهل البلاد من الضخامة والغني الذي لا ينقضي للمعالم الفندقية فلست مثل زملائي الصحافيين الذين رافقوني في الرحلة وجاؤوا من مجلات في الكويت والسعودية ودبي تصدر بالعربية والإنكليزية، وتتخصص في جانب منها بهذا النوع من الأمكنة، تفصيلا، وصورا، بل ويمكن أن تشير إلي أصحاب العمل ومدراء التسويق، دون حرج، ولكني في القدس العربي سأجتهد أن أنقل إطلالتي السريعة علي القاهرة وأهلها، حتي لو كان الولوج إليها من بوابة الفخامة التي يحلم بها كل زائر، حيث كان ينتظرني في المطار سائق وليموزين، ويستقبلني في الفندق الفصول الأربعة في بلازا النيل احتفاء باذخ، كضيف علي مصر من خلالهم، لكني سرعان ما اندمجت مع المكان وشعرت بأنني بين أناس أعرفهم من قبل، يغمرون القادم بالابتسامات، وبالغ الترحيب. ولقد أطللت من شرفتي في الطابق الواحد والعشرين علي منظر بهي، لم أستطع أن أتشربه دفعة واحدة، كان النيل ينساب رقراقا، والقوارب تموج علي صفحته، وبدت لي القاهرة باتساعها الذي لا ينتهي، وأبراج فنادقها، وعماراتها التي تنغرس في الزمالك والضفة الغربية للنيل مثل عالم خرافي..التقيت برفاقي من الصحافيين والصحافيات علي الغداء (معن وسنثيا ومعالي ومحمد ونيفين) حيث احتفي بنا مدير الفندق لوكا اليرغي الإيطالي دائم الابتسام، ومديرة العلاقات العامة هبة بلال القريبة إلي القلب، وهي شابة ليبية متزوجة من مصري عاشت في النمسا ودرست في لندن، حتي تبلبل لسانها باللغات بكل مهارة، وهناك لي سبنكس اللندني اللطيف المعشر الذي نظمت مؤسسته الرحلة، ورافقنا بدأب في تفاصيلها، وبدا مثلي مبهورا بتلك اللوحات التي لا تقدر بثمن في متحف محمود خليل لمونيه وفان غوخ وديلاكروا..! ورود ولوحات تملأ البصرأول ما يصادف الداخل للفندق تلك الآنية الزجاجية المتعددة الأشكال، والبالغة الضخامة، وهي تحتوي علي أضاميم من الورد والأزهار بشتي الألوان، بدا أن تأثير الفالنتاين لم يغادر قاعة الدخول بعد حيث ورد العشاق الأحمر، ولعل من الطبيعي أن يصادف المرء في كل ركن أو علي كل طاولة في مطعم أو مشرب ورودا فاتنة تجلو البصر مما علق به من العاديات، ولعله من التقاليد التي يتميز بها الفصول الأربعة ذلك الاهتمام غير العادي بالورد وجمالياته، وعرفت حين سألت أن امرأة تدعي ملك طاهر هي التي تتولي مثل هذا التنسيق البالغ الأناقة، أما اللوحات التشكيلية والمنحوتات والصور الفوتوغرافية الأصلية، فهي تملأ الجدران، وتظهر في الزوايا والأركان وقرب الأدراج وفي الغرف، وهي لفنانين مشهورين ومعظمهم من المصريين، مثل فاروق حسني وزير الثقافة، فرغلي عبدالحفيظ، جاذبية سري، اسلام النجدي، محمد رزق، رنا شلبي، صلاح طاهر، محمد عبلة، حسين الجبالي، عفت ناجي وغيرهم. وقد صدر أخيرا مجلد في مئتي صفحة يضم الأعمال التي يحتويها الفندق ومعلومات عن الفنانين. وسيكون له وقفة منفصلة في مكان آخر قريبا. وبحسب تعبير أوليفيه ماسون المديرالعام من النادر أن يستخدم الفن كأحد الوسائل التسويقية للفندق،إن معايير الاختيار بسيطة وواضحة فأنا أريد أن يكون العمل الفني انتقائيا ويحمل فكرة ومنهجا .إذن في نزل يرتفع ثلاثين طابقا، ويضم 365 غرفة فاخرة، و77 جناحا، ينشغل العاملون بإرضاء زبائنهم بالطعام والشراب، والمسابح والمساجات، وكل وسائل الترفيه يبدو التشكيل هنا فعلا فنيا يقود المقيم والزائر إلي تذوق الأعمال والتفاعل معها في معرض مفتوح ليل نهار، كواحد من المقترحات الجمالية التي تعطي الجانب الثقافي دوره،وأثره ولو بعد حين.قصر عابدين ونياشين الملك فاروقمنذ صباح اليوم الثاني بدأنا جولة لا تنسي في متاحف قصر عابدين، هناك يمكن للزائر أن يري تاريخ مصر القديم والحديث، ولا سيما في الجانب الحربي منه، صحيح أن قاعات القصر و ردهاته قد تحولت كلها إلي خزائن عرض محفوفة برجال الأمن وكاميرات المراقبة، إذ تضم تحفا وكنوزا وهدايا لا تقدر بثمن جمعت من أماكن متفرقة، ومن عهود وأزمان متفرقة. فهنا يتجاور عهد محمد علي الأكبر مع من جاء بعده من أحفاده أو قواده مثل الخديوي وفاروق مع الهدايا التي قدمت للرئيس حسني مبارك وجيهان من العصر الحالي، علي أن ما أذهلني تلك العناية الخاصة بالحرب وأدواته، فالملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء يحرصون في أغلب هداياهم علي تقديم أسلحة، فهذه سيوف من تركيا وإيران، وخناجر من البحرين واليمن، ورشاش كلاشينكوف من الذهب الخالص من صدام حسين. ولعل أكثر الملوك ولعا بالأسلحة علي اختلاف أشكالها ومصادرها كان الملك فاروق، فهناك قاعات متكاملة تضم مسدساته وبنادق صيده، بل رؤوس الأيائل والظباء التي صادها في مجاهل العالم. كان يبدو منذ طفولته متخذا الأسلحة وسائل لعب وترفيه. ولهذا فإن دراسة تلك الأسلحة النادرة التي تضمها مجموعاته الخاصة تحتاج إلي الكثير من الوقت، فمن بلجيكا وألمانيا واليابان وفرنسا بنادق ومسدسات لا مثيل لها، بل إن بعض الأميرات كما يبدو طلبن تصميما خاصا لصندوق مجوهراتهن، لضمان عدم سرقتها، إذ سرعان ما تندفع أربعة فوهات لمدافع صغيرة لمن تسول له نفسه العبث بالجوارير، وهكذا يندفع الموت الزؤام علي شكل طلقات من زوايا مختلفة لمن يرغب الذهب أو يسعي إليه سبـــيلا، فما بالك بمن يقترب من الأمير ة نفسها..!ولقد عجبت من فنون الموت وهي تأتي علي شكل محبب، فهذا قلم حبر بطلقة واحدة أو لنقل مسدساً مموهاً علي شكل قلم، وثمة عكاز ينقلب إلي بندقية أيضا في الحالات الطارئة.أما الملاحظة الثانية التي أثارت انتباهي فهي النياشين والأوسمة والإشارات التي كانت تخص فرق الجيش وأوسمة التبجيل وإشارات التمييز بين العاملين في المراتب المختلفة، وهي تدل علي رفاهية مبالغ فيها في الاهتمام بالشكليات دون القصد بالتوغل بالعمل الجدي، ولعل من يري تلك الأواني الزجاجية والبلور، والفضـــيات والبورسلان الصيني يكتشف أي بذخ كان يعيش فيه فاروق وأمراؤه وأتباعه وجواريه،هـــــنا يري الزائر مئات القطع من الصحون والكؤوس والشمعدانات والثريات، والملاعق والســــكاكين، والجفنات والقصاع، من شتي الأشكال والأجناس، شهدت ذات زمان غابر ليالي الأنس في قصور القاهرة،وليس في فيينّا..!إن المؤرخ وعالم الاجتماع والموثق والفنان والصانع يجدون مادة خصبة في كل المعروضات التي ترصد حالة اجتماعية وتطوراً حضارياً وصل درجة لا يمكن تجاهلها، هذا عدا عن العمارة نفسها وتشكيلات الحدائق وتلك المدافع الرابضة الصامتة التي تدل علي عهود غابرة..! قصر محمد علي للاحتفالات كان من ضمن رحلتنا زيارة قصر محمد علي الصيفي المخصص للاحتفالات أساسا، وهو لم يفتح بعد للعموم، ولكن جهود هبة بلال بدت واضحة مع وزارة الثقافة التي تشرف عليه لفتحه لنا، وهو عبارة عن مبني علي شكل أربعة أروقة ضخمة تحيط ببركة واسعة، جعلت في منتصفها دكة لجلوس الموسيقيين والمغنين والراقصين، ولعل محمد علي باشا قد رغب في تخصيص القصر لضيوفه، للتسامر في ليالي الصيف خصوصا، والتمتع بالغناء، أو ركوب قارب صغير ليجوب فيه تلك البركة أو البحيرة المعتدلة، الأروقة الأربعة مزينة سقوفها بالرسومات ذات الطابع الإغريقي تحديدا، وربما هذا يعود لاستقدامه فنانين من اليونان وإيطاليا لينجزوا الرسومات والتزويقات التي بأشكال نباتية أو إنسانية، وذات ألوان ما تزال تحتفظ ببهائها حتي اليوم.في زوايا الأروقة تقبع غرف أو قاعات مغلقة ذات طباع خاص،فهذه قاعة الجوز المغلفة جدرانها وأرضيتها بخشب الجوز الثمين، والمزينة بالتكوينات ذات الطباع الأندلسي أو المغربي، وهي قاعة علي ما يبدو كان يستقبل فيها محمد علي ضيوفه قبل أن ينطلقوا إلي الأسرة والنمارق تحت الأروقة لمشاهدة الاحتفالات أو التمتع بالمياه والوجه الحسن، فيما الخضرة خلفهم حيث الشجر الكثيف الذي زحفت عليه المباني اليوم ولم تبق منه غير القليل.ثمة قاعة أخري اسمها قاعة الأسماء مزين سقفها بأسماء الباشوات من الشخصيات التي تولت الحكم، وقد رصعت بالخط العربي الجميل، ويبدو أن الأسماء قد تغيرت مرارا نتيجة تغير الحكام، وثمة قاعة البلياردو التي كانت تضم علي ما يبدو طاولة بلياردو، وهي لعبة الباشا الأثيرة، وهناك قاعة الطعام التي تزينها لوحة زيتية لإحدي الأميرات وكأنها رسمت للتو، تكاد تنبض بالحياة وتنطق. فسبحان مقلب الأحوال، وجاعل مثل هذه القصور التي كانت عامرة أثرا بعد عين.علي أنه من الجميل اهتمام الدولة بمثل هذه المعالم، وترميمها وفتحها للسياح، ولكن يبدو من الضروري الاهتمام بالجانب الترويجي الحداثي لمثل هذه الأماكن، فليس من المعقول أن لا يكون هناك سي دي مثلا لمعروضات قـــــصر عابدين، ولا أيضا موقع علي الانترنت للتعرف عليه والاســــــتزادة مما فيه، وهذا أمر بدا في أغلب الأماكن التي زرتها،فكم فيها من الكنوز التي تحتاج إلي التــــعريف فيها بشكل مشوق. ولعل مما أثار انتباهي ذلك الاهتمام الخاص الذي أولاه محمد علي لنهضة مصر مع أنه ألباني الأصل، لقد بدا الرجل رغم ما بدا من انهماك ظاهري بالملذات والترفيه، رجل دولة وتأسيس رغب في أن يجاري الأمم الكبيرة ليصنع من مصر نموذجا يحتذي، ولقد شجعتني تلك المعالم التي تركها أو أنشأها أن أحرص علي قراءة سيرة الرجل كما يليق به، وعرفت جزءا من هذه الشذرات: … ابتهج المصريون بخروج الفرنسيين من مصر، ولكنهم رأوا البلاد تموج بالقوات العثمانية التي كانت تضم أخلاطا من الجنود الأكراد والألبان و الأتراك وغيرهم. وسرعان ما أصبحوا عوامل فوضي واضطراب. حتي قرر زعماء الشعب وعلي رأسهم عمر مكرم عزل الوالي العثماني واختيار الألباني محمد علي بدلا منه. صحت عزيمة محمد علي علي البقاء في مصر و التمسك بها وهذا هو الطابع الذي طبع تصرفاته سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية. فقام بإصلاحات عديدة إدارية وزراعية من أجل تقوية مصر. فتقدمت الزراعة في عهده تقدما سريعا مما مهد الطريق لإصلاح الجيش حيث أدرك محمد علي أهمية تكوين جيش نظامي قوي. وقد تطلب تكوين الجيش وجهاز الدولة الجديد مجموعة من المثقفين والمتعلمين فأوفد العشرات من الشبان المصريين الي أوروبا لدراسة العلوم الحربية والفنية والهندسية والزراعية والطب واللغات والحقوق. كما فتحت للمرة الأولي في مصر المدارس العلمانية بجانب الأزهر والكتاتيب. وفي عام 1812 م فتح محمد علي لأول مرة في مصر دارا للطباعة، وصدرت أول جريدة مصرية هي الوقائع المصرية. وهكذا استطاع محمد علي بهذه الإصلاحات القضاء علي مخلفات القرون الوسطي الأكثر رجعية وأنشأ جيشا وأسطولا قويا وجهازاً للدولة لتساير مصر بموجب هذه الإصلاحات التقدم الأوروبي الحديث… .القاهرة القبطية والمساجد المملوكية خصص لنا المنظمون وقتا لزيارة المعالم الدينية القبطية القديمة، وهي تجربة مثيرة إلي الدخول في كنائس ذات طابع تاريخي وأثري وما تزال إلي اليوم تعج بالمصلين، فحين وصلنا كنيسة القديس سيرجيوس كانت صلاة الأحد قد انتهت للتو، والقس في أحد الزوايا يخط عقد الزواج لأحد الشباب وخطيبته، فيما الزغاريد تنطلق من الأهل، كانت الكنيسة بأعمدتها التي ما تزال صامدة، وخشبها المعتق موئلا سريا علي ما يبدو لبعض القديسين والمتدينين. وكانت روائح البخور تضفي غموضا علي تلك الأيقونات والصور القديمة، ولمن ظل يسكنها من أرواح المصلين، وفيما كانت تعج بالسياح انتقلنا إلي التجول في الحي القبطي القديم وبعض معالمه قليلا قبل أن نخرج إلي منطقة القلعة، ومسجد السلطان حسن بن قلاوون المملوكي، كان والمسجد الذي يجاوره معالم إسلامية ضخمة قلما يجد المرء مثلها في العواصم العربية والإسلامية. وقد بدا أن المسجد كان مؤسسة كاملة وليس للصلاة فقط، فهناك مدرسة داخله يتلقي فيها التلاميذ العلوم الدينية، وهناك أربعة زوايا أو تجمعات تمثل المذاهب الإسلامية المعروفة (الحنبلية، الشافعية، المالكية، الحنفية)، وقد بدا واضحا أن أســــاتذة تلك المذاهــــب كانوا يلتقون بأبناء المذاهب التي تجاورت دون أي خلاف، ومن المؤكد أن عصورا من التسامح بلغت ذروتها في القاهرة وبغداد والأندلس حيــــث يتجاور المعتزلة مع غيرهم، ويكون للـــمسيحي واليــــهودي نصيب أيضا من المساواة، وحرية التـــــدين، وهذا أمر صرنا نفتــــقده اليوم، حيث التعصب والانغــــلاق علي الاجتــهاد والرأي الأوحد هو الذي يعصف بالبقية.لم نتمكن من الصعود إلي القلعة ورؤية معالمها فلا بد لها من زيارة متخصصة في مرات قادمة، وحتي القاهرة ذات العشرين مليونا من السكان، أثناء النهار، كما أشاع بعض الأصدقاء تحتاج إلي أسابيع من التوغل في مجاهلها وأحيائها التي تنام فوق كنوز تاريخية لا تنقضي.الأهرامات الخالدة وبرديات الفراعنة قبل وصولنا إلي الجيزة حيث الأهرامات، ولجنا إلي معهد مخصص للبرديات، وهو يصنع هذه الأوراق التي كان الفراعنة يكتبون عليها علومهم وأخبارهم، وأسرارهم وما تزال باقية الكثير منها بألوانها الأصلية رغم مرور نحو سبعة آلاف سنة عليها، وشرح لنا مسؤول المعهد عمليا كيف يتم صنع بردية من ورق نبات البردي الذي ينمو علي ضفاف النيل، وله أضلاع ثلاثية عجيبة هرمية، كانت الرسومات التي يقلدون بها المخطوطات الأصلية زاهية الألوان، وتشبه إلي حد كبير تلك الأصلية، وراح الرجل يشرح لنا بعض رموز الفراعنة التي اشتهروا بها، وقد ازداد عجبي بعد مشاهدتي للأهرامات، وهي المرة الثانية التي أزورها من الخارج طبعا، ولكثرة ما قرأت عنها من نظريات في بنائها صرت أميل إلي تلك النظرية القائلة بأن تطورا علميا هائلا كان متوفرا للفراعنة وخصوصا لبعض ملوكهم الكبار، وربما أخذوه من عوالم غير أرضية، وهذا ما أتاح لهم أن ينقلوا بعض الحجارة الضخمة من مسافة 900 كلم متر إلي الجيزة، وأن يبنوا الهرم دون مواد اسمنتية تربط الحجارة مثلا ببعضها، وعلي كل حال ليس المجال هنا لشرح رؤيتي الخاصة لهذا الأمر، وأكتفي بأن أورد بعض التفاصيل عن هذه الأهرامات كما وجدتها في المراجع المتخصصة ونشرات الآثار حتي يدرك القاريء معي مدي ضخامتها: .. الهرم الأكبر أو هرم الملك خوفو هو أحد عجائب الدنيا السبع، شيد سنة 2650 ق.م تقريباً، ويعد أعظم بناء حجري في العالم، ينسب للملك (خوفو) من الأسرة الرابعة. قاعدة الهــــرم مربعة الــــشكل طول كل ضلع في الأصل 230 متراً، وكان ارتفاعه في الأصل 146 متراً، وأصبح الآن 137 متراً، زاوية بنائه 5،51 درجة، عدد الأحجار التي استخدمت في بنائه حوالي 2300000 كتلة حجريّة ووزنها في المتوسّط 5،2 طن. ويعتبر خوفو ثاني ملوك الأسرة الرابعة، تولي الحكم بعد وفاة والده (سنفرو)، اسمه الكامل (خنم خواف لي ) أي (المعبود خنوم الذي يحميني)، يعتقد العلماء أنه أصلا من قرية (بني حسن) (منعت خوفو) أي (مرضعة خوفو)، ولا يعرف الكثير عن الأحداث الهامة في فترة حكمه، إلا أنه أرسل البعثات إلي وادي المغارة، حيث وجد اسمه وصورة تمثله، وهو يهوي علي رأس شخص بدبوس قاتل؛ وذلك لإحضار الفيروز، وله تمـثال وحيد عثر عليه في (أبيدوس) من العاج، نقش اسمه علي كرسي العرش، وطول التمثال خمسة سنتيمترات، وهو الآن بالمتحف المصري حكم طبقا لبردية (تورين) حوالي ثلاث وعشرين سنة.أما الهرم الثاني فهو هرم الملك خفرع وقد بناه جنوب غرب هرم أبيه خوفو، و ما زال محتفظاً بجزء من كسائه في قمته حتي الآن، يبلغ ارتفاعه 143,5 متراً وطول كل ضلع 215,5 متراً، وزاوية ميله 53,10ْ، يقع في مستوي سطح الأرض، والمدخل يؤدي إلي ممر هابط، سقفه من الجرانيت وزاوية انحداره 22، ينتهي عند متراس ندخل منه إلي ممر أفقي، ثم ممر منحدر يؤدي إلي حجيرة يطلق عليها خطأ حجيرة الدفن وهي فارغة منحوتة في الصخر، ويستمر الدهليز إلي متراس آخر نجده يرتفع إلي أعلي بممر أفقي ينتهي بحجيرة الدفن، وهذه الحجرة سقفها جمالوني مشيد بالحجر الجيري، وتكاد تكون منتصف الهرم، أطلق خفرع علي هرمه اسم (العظيم). وخفرع هو الملك الرابع في الأسرة الرابعة تزوج من الأميرة (مراس عنخ) الثالثة يذكر المؤرخ مانيتون أنه حكم ستاً وعشرين سنة.الهرم الثالث هو هرم منكاورع أو منقرع وهو ابن الملك خفرع، طول كل ضلع من أضلاعه 5،108 متراً وارتفاعه في الأصل 5،66 متراً وزاوية ميله 51 درجة، أمّا مدخله في الناحية الشمالية فيرتفع نحو أربعة أمتار فوق مستوي الأرض، ويؤدي إلي ممر هابط طوله31 متراً، وزاوية انحداره بسيطة، سقفه من الجرانيت ثم بعد ذلك نجد دهليزاً مبطناً بالأحجار، ويؤدي إلي ممر أفقي فيه ثلاثة متاريس، وبعد ذلك نصل إلي حجرة الدفن، وعثر علي تابوت خشبي عليه اسمه وبه مومياؤه محفوظة بالمتحف البريطاني أطلق (منكاورع) علي هرمه اسم (المقدّس). أخيرا نصل إلي تمثال (ابو الهول )، يقال ان الملك خفرع قام بنحت هذا التمثال الضخم بوجه انسان وجسم أسد رابض بقرب الأهرام منذ نحو 4500 عام وكان معظم الوقت مدفونا حتي رقبته في الرمال التي حمته غوائل الزمن. ومنذ اكتشافه في العصور الحديثة تحول ابو الهول الي فريسة للريح والماء والانسان لأن الأحجار الجيرية المنحوت منها التمثال تآكلت بفعل المياه الجوفية والرياح الرملية. وقد خضع الأثر الفرعوني الذي يبلغ طوله 48 مترا لعمليات ترميم عدة… .وقد عجبت من مرافقنا السياحي أحمد وهو يشرح للسياح الأجانب بأن كلمة ( أبو الهول ) معناها بالإنجليزية (father of terror) أي ( أبو الإرهاب ) وهذا ما دفعني وبعض الزملاء في الرحلة إلي تنبيهه إلي خطئه في الترجمة، ثم مدي دلالات ذلك السياسية علي الأمر، وكأن للمصريين جذورا في الإرهاب منذ سبعة آلاف سنة أو يزيد، وهذه مغالطة لا ينبغي أن تمر، وعلي كل حال يبدو أنه من النادر أن تتم مراقبة الأدلاء السياحيين ومدي معلوماتهم السياحية وصحتها، وهم وجه البلد أمام السياح الأجانب، وقولهم مصدق، وموثوق، ولهذا أقترح أن تعمد دائرة الآثار إلي فحص قدراتهم الآثارية والتاريخية، وتصحيح معلوماتهم سواء في مصر أو باقي الدول العربية. المتحف المصري وكنوزه الهائلة في ميدان التحرير وسط القاهرة يقع المتحف المصري الذي خصصنا له زيارة وهو يزدحم بالسياح القادمين من شتي أنحاء العالم، ويغصّ بالقطع الثمينة من عهود الفراعنة التي كانت كما أشرت من قبل علي قدر عال من الحضارة والتطور العلمي، ويبدو أن معظم أسرارهم المعمارية والطبية والعلمية ما تزال مجهولة، ولقد دهشت وأنا أري العربات المذهبة، والتماثيل المنتشرة علي شتي الأشكال وهي تحرس القبور، وتلك التفاصيل الدقيقة من الألوان الزاهية والرسومات، والأثواب، وحتي ضمة الورد المهداة من أحد الملوك لحبيبته، بل ورأيت أسنان بعض الفراعنة وشعر رؤوسهم ما يزال موجودا منذ أكثر من سبعة آلاف عام، في غرفة المومياءات، وكذلك الفرعون الذي ورد ذكره في القرآن الكريم من زمن النبي موسي عليه السلام. ويقال بأنه رمسيس الثاني، فسبحان الله علي معجزته اليوم ننجيك ببدنك لتكون آية للعالمين . وعلي كل حال فإن تفاصيل المتحف تحتاج إلي مقالات تفصيلية متخصصة لبيان أهميتها، ودلالاتها التاريخية والحضارية، ولكني أود أن أمر قليلا علي تاريخ هذا المتحف الذي شيد في عام 1906 لحفظ الآثار الثمينة من النهب والضياع، بعد أن اجتهد الأجانب وبعض المتواطئين معهم في تهريب الكثير منها، ويروي التاريخ أن محمد علي كان قد أمر بمنع خروج الآثار القديمة من مصر، وبالمحافظة عليها، وأنشأ داراً للآثار بجهة الازبكية بمنزل الدفتردار، ولكن هذا لم يمنع يد السرقة والنهب من أن تمتد إلي الآثار والعاديات القديمة وهذا ما تدلل عليه متاحف أوروبا وأمريكا اليوم. بل إن الحكومة ذاتها، وخاصةً في عهد عباس الأول، كانت تهب من هذه الآثار إلي الأمراء والشخصيات المهمة من الأجانب بغير حساب، حتي تضاءلت مجموعة العاديات التي جمعت في دار الآثار، فأمر عباس بنقلها إلي القلعة، فنقلت إليها. وحدث سنة 1855 أن جاء مصر الأرشيدوق ماكسمليان النمساوي زائراً، فأعجبته تلك الآثار، فطلب إلي عباس باشا أن يهبه شيء منها، وكان عباس لا يقدر قيمتها الفنية أو التاريخية، ولا يشعر بواجب المحافظة عليها، فوهبها إياه كلها. وفي غضون هذه المآسي جاء مصر عالم من علماء الآثار كان له الفضل الكبير في الاحتفاظ بآثار مصر، ذلك وهو العالم الفرنسي مارييت الذي اشتهر ذكره وعرف فيما بعد بمارييت باشا. وقد وصل مصر سنة 1850، موفداً من قبل الحكومة الفرنسية للبحث عن بعض الآثار والمخطوطات، فعكف علي التنقيب عن آثار سقارة، وأجري حفائر عظيمة حتي كشف مدفن العجول (السرابيوم)، وكان يعمل في التنقيب منفرداً، دون أن تكون له بالحكومة صلة رسمية، وقد نقل إلي فرنسا كثيراً مما عثر عليه من العاديات واللوحات الأثرية، وظل يعمل علي هذا النحو حتي جعله سعيد باشا سنة 1858 مأموراً لأعمال العاديات بمصر، وقد بذل مارييت جهوداً في التنقيب عن الآثار ونقلت إلي خازن أعدت لها ببولاق. ولما مات سعيد لقي مارييت من إسماعيل تعضيداً كبيراً، فأمره الخديوي بإصلاح مخازن بولاق وتوسيعها، وافتتحها في حفلة رسمية حافلة يوم 18 تشرين الاول (أكتوبر) سنة 1863، وظلت دار العاديات في تقدم مستمر بفضـــــل مثابرة مارييت ومؤازرة إسماعيل اياه طوال مدة حكمــــه. وبقي مارييت مثابراً علي تعــــهد متحف الآثار حتي توفي سنة 1881، وقد نــــــقل المتحف إلي الجيزة سنة 1891، ثم إلي مكانه الحالي بجوار قصر النيل سنة 1902.متحف محمود خليل ولوحاته العالمية هذا المكان اكتشاف ثمين بالنسبة لي فقد كنت قد سمعت عنه من بعض الأصدقاء التشكيليين الأردنيين، ووجدت في برنامج الرحلة الفندقية فرصة هائلة لزيارته والتمتع بالمجموعة المتميزة من اللوحات التي يضمها والتي لا تقدر بثمن، فهنا يمكن للمرء أن يشاهد أعمالا لمونيه وفان غوخ وديلاكروا، ولعشرات الفنانين المشهورين، ويبدو أن صاحب المجموعة كما قرأت عنه كان فنانا وعاشقا للفنون وهاويا لجمع نفائسها،إضافة إلي كونه رجل سياسة ووزيراً ورئيساً لمجلس الشيوخ في مصر وراعياً للحركة الفنية التشكيلية.تقول سيرته الذاتية بأنه من مواليد القاهرة عام 1877 م وتوفي بباريس في 31 كانون الاول (ديسمبر) 1953 وقد سافر إلي فرنسا لدراسة القانون عام 1897 وهناك تزوج من الفرنسية اميلين هيكتور لوس وقد عاد وزوجته إلي القاهرة، وأقام بقصره بالجيزة اعتبارا من 1918، وساهم مع الأمير يوسف كمال في تأسيس جمعية محبي الفنون الجميلة عام 1924، وتولي وزارة الزراعة في حكومة الوفد عام 1937، كما أسهم في إقامة معرض فرنسي للفنون الجميلة وفن الديكور بالقاهرة عام 1938، وتولي رئاسة مجلس الشيوخ في الفترة 1939 ـ 1940، كما انتخب مراسلاً للأكاديمية الفرنسية للفنون الجميلة في 1948.أما تاريخ المتحف الذي ضم المعروضات فهو في الأصل قصر محمد محمود خليل وحرمه الذي بناه في عام 1915، وقد شيدت واجهته الشرقية المطلة علي نهر النيل علي طراز آرنوفو ويتجلي هذا الطراز بروعته في الهيكل المعدني والزجاجي الذي يعلو مدخل القصر من تلك الواجهة، أما الواجهة الغربية فيغلب عليها طراز الكلاسيكية الجديدة الذي يتيح الجمع بين زخارف من طرز مختلفة في صياغة فنية تتسم بالبهاء والثراء، والواجهة الشمالية للقصر تتصدرها نافذة كبيرة من الزجاج الملون المعشق بالرصاص وتمثل منظراً طبيعياً خلاباً وتبدو للزائر وهي تعلو السلم الداخلي بحيث يمكن رؤيتها من الطابقين الأول والثاني وهي موقعة باسم الفنان الفرنسي لوسيان ميتي في عام 1907 وتستغل الأدوار الأرضي والأول والثاني في عرض مقتنيات المتحف أما الدور تحت الأرضي فتشغله الإدارة والمكتبة ومركز المعلومات وقاعة كبيرة لمناقشة البحوث، ولقد ظل القصر منذ إنشائه حتي عام 1960 مسكناً لأسرة خليل ومقراً لمجموعته الفنية الثمينة إلا انه بناءاً علي رغبته وتنفيذاً لوصية زوجته تحول هذا القصر في عام 1962 إلي متحف يحمل اسمه واسم زوجته.علي كل حال يبدو أن المتحف هذا أيضا بحاجة إلي زيارة منفصلة مستفيضة للتعرف بشكل هاديء علي كنوزه التشكيلية، وما يزخر به من أعمال عالمية لفنانين كبار تقدر بالملايين من الدولارات، وحسنا فعل خليل حينما أتي بكنوز الغرب إلي حصنه فيما ينشغل أبناء الغرب في العادة بأخذ كنوزنا وضمها لمتاحفهم.وللثقافة وأهلها نصيب كنت أرغب في العودة لعمان بعد ليلتين من الإقامة في الفندق وثلاثة أيام تقريبا من الزيارات المتواصلة للمعالم التاريخية والحضارية، لولا إصرار الصديق الشاعر أحمد الشهاوي علي إبقائي لثلاث ليال أخر، ورغم انشغالاته في مجلة نصف الدنيا التي يعمل فيها نائبا لرئيس التحرير فقد استطعت وإياه، أو لوحدي أحيانا زيارة معالم أخري ثقافية والالتقاء بمجموعة من الأصدقاء والكتاب، وأدين له بواجب الضيافة، ولقائي بأحمد الصغير الفنان التشكيلي القادم، وكذلك بالروائية ميرال الطحاوي القادمة من الهند بعد مشاركة في أحد المؤتمرات الأدبية، وهي استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية أن ترسخ اسمها في مجال الكتابة الروائية عربيا وعالميا لا سيما مع الترجمات المتواصلة وأن تنشط في مجال المؤتمرات المتخصصة الأكاديمية والإبداعية، وأدين له تعريفي علي المشروع القومي للترجمة المتميز ذي الألف كتاب، وعلي مكتبات صغيرة في حي الحسين وقرب خان الخليلي تضم نخبة من أعمال المتصوفة الكبار، بعضها صدر حديثا. وهي بالنسبة لي ثروة لا تقدر بثمن، ورغم إصابته في كسر بساقه لم يبرأ منه بعد إلا أنه رافقني في أغلب جولاتي، كما سعدت بزيارة نصف الدنيا بدار الأهرام ومكتبه المزدحم بالنشرات والكتب وقصاصات الجرائد،ويكاد المرء لا يستطيع الدخول إليه،أو الخروج منه،ومن هناك مررت قليلا علي الصديق الأديب عزت القمحاوي، والروائي المعروف جمال الغيطاني، في دار الأخبار، وبالذات في أخبار الأدب ، والتقيت أيضا في مجلة أدب ونقد بالشاعر حلمي سالم، ولا أنسي لقائي المباغت بالصديقة الشاعرة والتشكيلية ميسون القاسمي في ردهات الفندق، حيث اعتدنا علي مشاركاتها في مهرجان جرش الشعري، أما محمود قرني الشاعر والزميل في القدس العربي فقد تبادلنا الهموم معا، كان يبدو بقبة طبية علي عنقه اثر العمل المتواصل، وتذكرت وضعي أيضا حيث بليت مثله خلال الأشهر الماضية…. وقد تجولنا قليلا في سور الأزبكية الذي لم يعد سورا تنشر عليه الكتب بل مجرد أكشاك كثيرة، يمكن للراغب في البحث عن كتب نادرة أو رخيصة أن يجد بغيته شرط أن يتحلي بالجلد وطول البال والوقت وقد التقيت مع محمود بصديقنا وزميلنا أيضا في القدس العربي خيري منصور الشاعر والكاتب إذ كان هناك أيضا زائرا وشبه مقيم، حيث نشاطه المتواصل في النشر والكتابة في وجهات نظر والالتقاطات المبتكرة في هجاء المثقفين، والحال السياسي بالكثير من التورية، وإصدار الدواوين الشعرية الجديدة عن دور النشر المصرية، كان يبدو مبتهجا من تجربته في القاهرة، وسعة أفقها الحضاري، وبدت مقارنته إياها بعمان غير عادلة، ولا أنسي جلستنا العجلي في مقهي ريش، ومقهي زهر البستان، مع بعض المثقفين والكتاب، وذلك اللقاء الخاص في غروبي مع الروائي محمد ناجي الذي حملت له نسخا من روايته مقامات عربية الصادرة حديثا عن دار نارة الأردنية للنشر والتوزيع، والحوار المعمق بيننا الذي ينتظر التواصل.من الواضح أن القاهرة تحتاج في جانبها الثقافي إلي زيارة متخصصة، فما بالكم بالجوانب الأخري، علي أن من يعرف القاهرة لم يعرف مصر بعد، فماذا عن الإسكندرية، والأقـــصر، والنوبة، والمدن الأخري؟تلك كانت مجرد تحية ولقاء تجريبي أولي أسعي من خلاله إلي التوجه في قادم الأيام إلي جعل مصر محجتنا التي نصلها،كما نصل بيوتنا، وقد ودعتها، كما دخلتها، متذكرا جماليات أرضها، وطيب أناسها، وذلك الوصف القرآني الخالد لها: أدخلوا مصر إن شاء الله خالدين 7