الخوف من النساء!

حجم الخط
0

الخوف من النساء!

أمجد ناصرالخوف من النساء!رغم ان سلمان رشدي ينتمي، بالاسم والولادة وبعض النشأة والثقافة، الي العالم الاسلامي ، الا انه، كما يبدو، لم يفهم هذا العالم تماما، او علي الاقل، لم يفهم إشكالاته مع ذاته وإشكالاته مع الآخرين.ليس هذا بسبب روايته الآيات الشيطانية التي صنعت له شهرة مدمرة تتعلق بمحتواها المثير أكثر مما تتعلق بتفردها الاسلوبي، ولكن عدم معرفته بـ العالم الاسلامي تكشف عنه، بجهل فاضح، تصريحاته الاخيرة التي تقول ان احد اهم اسباب التطرف في العالم الاسلامي اساسه الحرية الجنسية للمرأة وخوف الرجال المسلمين منها!والغريب ان سلمان رشدي الذي يدلي بهذه التصريحات المتهورة هو احد ابرز ضحايا التطرف الديني الذي تركز علي موضوع الاساءة الي الاسلام في روايته او النبش في ما يعتبره، هو، مسكوتا عنه في التراث الاسلامي.. وليس هناك ما يشير، البتة، الي ان الفتوي الخمينية الشهيرة بهدر دمه لها علاقة بموضوع المرأة او التحرر الجنسي.الذين ناصروا سلمان رشدي ورفضوا فتوي الخميني، والصيحات الهستيرية التي اطلقها حارقو كتابه الآيات الشيطانية في بريطانيا، اعتبروا الفتوي تدخلا دينيا في نص أدبي قائم، اساسا، علي الخيال، ومساً بحرية التعبير.اما الذين عارضوه، وكفّروه وطالبوا بتطبيق الحد عليه، فانطلقوا من كون روايته الآيات الشيطانية تمس بالدين الاسلامي وتسيء الي نبيه. وفي كلا الحالتين، لم يتطرق نقاش المؤيدين، وهم قلة، والمعارضين، وهم الكثرة الكاثرة، الي موضوع المرأة او الحرية الجنسية.فلو كان سلمان رشدي كاتب روايات جنسية فاضحة لربما ما صدرت في حقه هذه الفتوي، ولما أثار اهتمام النخبة.. ولكن مشكلة رشدي تكمن في تجرؤه علي منطقة من التراث الاسلامي لم تُطرق، علي هذا النحو، من قبل في نص روائي لكاتب يتحدر من اصول مسلمة.ہ ہ ہثمة خفة وجهالة تفصح عنها مقابلة سلمان رشدي مع مجلة شتيرن الالمانية حول اسباب التطرف في العالم الاسلامي والعلاقة المشحونة بالغضب بين المسلمين والغرب.صحيح ان موضوع المرأة مهم جدا في السجالات الدائرة بين الحداثيين والتقليديين (سواء كانوا اسلاميين ام قبليين) في العالمين العربي والاسلامي، وقد يكون موضوع حرية المرأة احد اقدم هذه السجالات مذ قامت هدي شعراوي بخلع حجابها وسط شوارع القاهرة، ولكنه ليس الموضوع الاساسي الذي تدور حوله سجالات اللحظة العربية الراهنة.للتطرف الديني في العالمين العربي والاسلامي اسباب اخري غير الخوف من حرية المرأة، وغير التحرر الجنسي ، فقبل ان نصل الي هذين السببين، هناك اسباب تضرب جذورها في الواقع السياسي والاقتصادي الذي يستبد به التسلط وينخر فيه الفساد.هذان منبعان اساسيان للتطرف الديني والاحتقان اللذين تشهدهما الحياة العربية عموما، وهما، معطوفان، كذلك، علي التفريط بالأوطان والشعوب والانبطاح التام امام الامبريالية الامريكية. فأي مرتبة تحتل قضايا الاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي والتناحر الطائفي، وقمع الاقليات.. وقبل كل ذلك، الاحتلال الاسرائيلي الوالغ في دم الفلسطينيين، في لائحة سلمان رشدي حول التطرف الديني؟واضح ان سلمان رشدي لا يري هذه الاشكالات البنيوية عندما ينظر الي العالم الاسلامي ، ويكتفي باختصار كل اسباب التطرف وعلله والعلاقة المأزومة مع الغرب في موضوع الحرية الجنسية .ہ ہ ہقبل ان يفكر الانسان بالجنس، فانه يفكر في الرغيف والكرامة الانسانية، وقبل ان يتحرر جنسيا عليه، اولا، ان يتحرر سياسيا واقتصاديا وفكريا.. وهذا لن يتم في عالم يسوده الاستبداد ويعيث الفساد في جنباته.مشكلتنا مع انفسنا، ومع سوانا، كعالم عربي، او اسلامي، يا سلمان رشدي ليست في موضوع التحرر الجنسي ، فنحن لم نصل الي هذه المرحلة بعد.. وانما تكمن مشكلتنا (وتطرفنا) في هذا الواقع السياسي المستبد والفاسد الذي يؤبده الغرب علينا.وهنا نصل الي نصيحتك الذهبية الي الغرب: فتشوا عن التطرف في الخوف الكبير الذي يشعر به العديد من الرجال المسلمين تجاه الحرية الجنسية للمرأة وفقدان الشرف !فهل هذا ما ينبغي للغرب ان يعرفه عن اسباب الغضب في العالم الاسلامي تجاهه؟أشك في ذلك. الغرب (وهو ليس سلة واحدة علي كل حال) يعرف مشكلته مع العالم الاسلامي اكثر مما تعرف، ولكنه، لنفاق متأصل في سياساته، لا يعمل علي حلها.فهم العالم الاسلامي يكمن، وببساطة واختزال شديدين، في فهم انظمته الحاكمة.فهنا الوردة وهنا نرقص!0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية