الحلم الجميل لنشر الديمقراطية في العالم آخذ بالانهيار وخاصة بالشرق الاوسط
يبدو أن الأحلام كانت متعجلةالحلم الجميل لنشر الديمقراطية في العالم آخذ بالانهيار وخاصة بالشرق الاوسط قبل سنة فقط كانت الامور تبدو علي وجه مخالف. رفع سكان العراق اصبعهم الوسطي مُبللة بالحبر البنفسجي في عودتهم من الانتخابات الحرة التاريخية في العالم العربي.وفي بلد الأرز ابتدأ السوريون يحزمون متاعهم. وكانت ايران ما يزال يقودها الرئيس المعتدل خاتمي، والذي وإن لم يكن صهيونيا كبيرا كان علي الأقل سوي العقل. أما ثورة البرتقال فقد نجحت في تحرير اوكرانيا من الحبل السري الروسي، الذي خنقها دائما. وهنا قريبا، انقضي عصر الرئيس وبث انتخاب أبو مازن آمالا جديدة. كان التفاؤل سائدا الي حد بعيد، حتي إن بيل كريستول، من قادة المحافظين الجدد، لم يتردد في الاعلان آنذاك، في مقابلة مع معاريف بأن بوش كان علي حق ـ الديمقراطية تنتصر . إن نظرة قصيرة مؤلمة حولنا، تبرهن علي أننا ربما كنا تعجلنا الفرح.قبل كثير من كتابته صدام الحضارات ، ابتدع صموئيل هنتنغتون فكرة ليست أقل أهمية. فقد قدر أن طبيعة الديمقراطية أن تسلك مثل المد والجزر، في عام 1991 قدر ايضا أننا كنا في أوج الموجة الثالثة للدمقرطة التاريخية. يبدو الآن أن الجزر قد عاد.الوضع في الشرق الاوسط، كما اعترف أمامي هذا الاسبوع بألم ريتشارد بيرل، من آباء الصقور، آخذ في التدهور . العنف في العراق ليس قريبا من الانقضاء، ومع كل واحدة من الجثث التي يؤتي بها هناك لتُدفن كل يوم، يُدفن ايضا الايمان بأنه سيكون في الامكان تأسيس ديمقراطية.إن ولاية رئيس غالٍ عنصري السلطة في ايران، وهو الذي يعتقد أن الله قد بعثه ليغير التاريخ، تهدد، في أحسن الحالات بإرجاء الديمقراطية هناك لعشرات السنين، وفي أسوئها، بالإتيان بخراب اقليمي. في مصر ايضا زاد الاخوان المسلمون قوتهم في البرلمان في الانتخابات الأخيرة، بل وفي لبنان ذي المناظر الطبيعية الجذابة شهدنا إحراق سفارات، علي خلفية تطرف ديني مخيف. أما في السلطة الفلسطينية فالتغيير معروف.والوضع ليس أفضل خارج المنطقة ايضا. ففي روسيا، كما قرر مؤخرا باحث الديمقراطية توماس كروثريز، الاوتوقراط يحضرون حضورا قويا مرة ثانية . مثل بوتين، رعاياه ايضا في روسيا البيضاء، واوزباكستان وكازاخستان وتركمانستان يمضون وراءه مأسورين. حتي في غروزيا، أصبح ميخائيل سكاشفيلي، الذي قاد قبل سنتين ونصف فقط ثورة الورد المجيدة، يبرهن منذ ذلك الحين، بحسب اقوال خبير امريكي بالمنطقة، علي بوتينية مذهلة من جمع الصلاحيات الخطر في يديه. كان فرانسيسكو كياما، قبل 14 سنة هو الذي قرر أننا قد وصلنا الي نهاية التاريخ . من جهته، نصر الرأسمالية والديمقراطية كان مضمونا، وكان الحديث عن مسألة وقت حتي تحققه العالمي. اذا ما أردنا استعمال منطق تشرتشل، فان صورة الوضع الحديثة تشهد بأننا لم نصل الي نهاية التاريخ يقينا، ولا حتي لبداية نهايته. في أفضل الحالات وصلنا الي نهاية البداية.يوآف فرومر ـ نيويورككاتب في الصحيفة(معاريف) 9/3/2006