الحكومة المغربية تسعى لاعادة التوازن المالي والاقتصادي لتجنب ازمة قد تعصف بالبلاد

حجم الخط
0

الرباط ـ ‘القدس العربي’: تسعى الحكومة المغربية لاعادة التوازن المالي والاقتصادي لتجنب ازمة قد تعصف بالبلاد.
وقال نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، إن قرار الحكومة القاضي بوقف تنفيذ 15 مليار درهم من اعتمادات الاستثمار جاء أساسا من أجل إعادة التوازن الاقتصادي والمالي بالبلاد حتى لا يؤثر على وضع التشغيل وعلى الوضع الاجتماعي بالبلاد، وهو ما يعني أن قرار الحكومة جاء بهدف إنقاذ البلاد من الأزمة التي عصفت بأقوى الاقتصاديات.
وأوضح الوزير المغربي في اجتماع برلماني أن الحكومة لن تقلص من أي منصب من مناصب الشغل رغم الأزمة، وانها قامت بتوظيف 28 ألف منصب شغل لحد الآن، ولا يزال أمام الحكومة 22 ألف منصب شغل لتعلن عنها جميعا.
وأضاف أن الحكومة إذا لم تتخذ إجراءات جريئة كالتي اتخذتها حاليا لوقف هذا النزيف الذي تعانيه الدولة، فإن هذه الأخيرة ستكون عاجزة في المستقبل عن اللجوء إلى الاستيراد، مشيرا إلى أن الرصيد العادي للدولة من العجز وصل 17 مليار درهم، أي بنسبة 2 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي، ما يعني أن المغرب أصبح يعيش فوق وضعه العادي ووصل إلى وضع لا يحتمل بسبب السياسات المتبعة في الماضي، بالنظر إلى أن الدولة ظلت تلجأ في كل سنة إلى الدين من أجل التغطية على العجز، أو ما يسمى تغطية العجز بالعجز، وهو ما انعكس سلبا على التوازن الداخلي للدولة.
واعتبر بركة أن وقف تنفيذ الـــ15 مليار درهم من الاعتمادات المخصصة للاستثمار جاء من أجل تقليص والتحكم في العجز الذي التزمت به الحكومة في البرنامج الحكومي، حتى لا تسقط فيما سقطت فيه الدول الأخرى.
وأشار إلى ان الحكومة لم توقف الاستثمارات الجارية والتي تحظى بالأولوية، ولا أحد يستطيع إيقافها وأن الحكومة في نفس الوقت تعمل على تسريع استثمارات المؤسسات العمومية التي تقدر بــ122 مليار درهم.
واوضح بركة أن هذا الإجراء ‘تدخل استعجالي لوقف نزيف تدهور المالية العمومية، بحيث سيمكن من تقليص عجز الميزانية بما يناهز نقطة من الناتج الداخلي الخام، وتقليص الدين بحوالي نقطة كذلك’، وأن تفاقم العجز المالي يؤدي إلى ارتفاع الدين مما يكون له انعكاس سلبي على النمو’.
واكد المسؤول المغربي إن هذا الإجراء ‘لن يمس الاستثمارات والمشاريع التي انطلقت، والتي يجرِي تنفيذُها، بقدر ما سيساهم في تسريع وتيرة إنجازِها’، وأن المشاريع المبرمجة في إطار الاعتمادات المفتوحة، التي تكتسي طابع الأولوية ولا تقبل التأجيل، والمتعلقة أساسا بمواصلة السياسات والبرامج الرامية إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية غير معنية بقرار الحكومة.
وأشارَ بركة إلى أن الحكومة ستعمل على ضبط نفقات التسيير، فضلا عن العمل على تعبئة الموارد الجبائية، داعيا المواطنين والمقاولات من أجل المساهمة في هذه التعبئة من خلال الإسراع بأداء ما في ذمتهم لخزينة الدولة من مستحقات ضريبة والاستفادة من الإعفاءات من غرامات وزيادات وفوائد.
وكشف أن الحكومة ستفعل جملة من الاصلاحات الهيكلية، ستنصب أساسا على إصلاح صندوق المقاصة وفق مقاربة تشاركية، وكذا إصلاح أنظمة التقاعد من أجل ضمان ديمومتها وتوازنها وتوسيع قاعدة المستفيدين من خدماتها، وإصلاح النظام الجبائي وفق مقاربة تقوم أساسا على الإنصاف الضريبي.
من جهته قال إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المكلف بالميزانية، إن قرار وقف تنفيذ 15 مليار درهم من نفقات الاستثمار ‘قرار سيادي مئة بالمئة واتخذته الحكومة وفق إطار قانوني واضح جدا، يضفي عليه طابع الأمان القانوني، ويعطي للحكومة الحق في وقف تنفيذ بعض نفقات الاستثمار وفق المادة 45 المعدلة سنة 1998’.
من جهته قال أحمد الزيدي، رئيس الفريق الاشتراكي بالبرلمان إن قرار الحكومة الأخير القاضي بتجميد 15 مليار درهم من نفقات الاستثمار يهدد استقلالية المغرب، وسيضع سيادته تحت وصاية جديدة لصندوق النقد الدولي، وهو ما لن نسمح به أبدا اليوم، مشيرا إلى أن هذه الوصاية هي التي جلبت على المغرب في الثمانينات الويلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح الزيدي أن مشكلة الحكومة الكبيرة اليوم هو أنها غير مسؤولة أمام تحدياتها، حيث بدل أن تعتكف عن إيجاد حلول لأزمات المغرب الاجتماعية والاقتصادية تنشغل بـ’صراعاتها الداخلية’، مضيفا أن ‘السياسات العمومية في المغرب أصبحت ضحية هذه الصراعات، والقيل والقال، والتصريح المضاد، في مشهد يطرح سؤال النضج السياسي، أطراف الحكومة تريد ممارسة الحكم وممارسة المعارضة في ان واحد وهما أمران لا يستقيمان في الديمقراطية’.
واعتبر الزيدي قرار تجميد تنفيذ 15 مليار درهم من الاستثمارات، قرار من شأنه أن يهز الثقة في المغرب ونظامه الاقتصادي والمالي، ثقة الداخل وثقة المجموعة الدولية، مشيرا إلى أن الهروب إلى الأمام والاستقواء بأغلبية عددية وتفسير أزمات البلاد ومشاكلها بنظرية المؤامرة وتحميل المسؤولية لمن سبقوكم في تدبير الشأن العام أمر غير لائق في السياسة وهو عناد لا يسعف.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية