التقارب بين الطوائف اليهودية في اسرائيل قد يزيد التوترات علي نحو مؤقت
التقارب بين الطوائف اليهودية في اسرائيل قد يزيد التوترات علي نحو مؤقت الجدل بين ياعيل باز ملماد ( النقد ليس عنصرية ، 23/2) ورد بن درور يميني ( يهود غربيون مضطهدون ، 24/2 يمس جذور وجودنا السياسي وثقافتنا القومية. لأن التفسير لكلمة عنصري الذي مُنحه نقد عمير بيرتس، في زعم باز ملماد، قد يضر بحرية التعبير، التي هي روح الديمقراطية، أما النقد الساخر الهازيء من بيرتس، الذي يميزه تمييزا سيئا عن ساسة آخرين، أبناء الطائفة اليهودية الغربية، الذي يُعرفه يميني كـ عنصري ، فيضر بأسس وجودنا القومي.رغم أنه يوجد من الحق في أقوالهما كليهما، فانني أريد أن أزعم أن نقطة انطلاقهما، وهي مفهوم العنصرية مخطوءة وتضر بجوهر توضيح المشكلة التي أثارها كلاهما.مفهوم العنصر ، بحسب معجم اكسفورد، يصف جماعات ذات مميزات جسمانية مشتركة، هي جماعات عِرقية في أصلها أو كتلك التي هي ذات تراث ثقافي مشترك.ولكن في السنين الأخيرة، يضيف القاموس، ونتيجة لمماهاة مفهوم العنصر للايديولوجيات البيولوجية في القرن التاسع عشر، أصبح استعماله مشكلا، وذلك بسبب توسيع مفهوم العنصرية واجراؤه علي جميع أنواع التمييز الجماعي علي أساس الاختلاف الانثروبولوجي، أو الديني، أو الجنسي. هذا التوسيع ليس يُخرج العنصرية فقط عن سياقها التاريخي، بل يضر بضحاياها الحقيقيين ايضا ـ وهم السود الذين استُعبدوا في الحقول في جنوبي الولايات المتحدة، واولئك الذين طوردوا بسبب ألوان جلودهم في اماكن اخري في العالم، والغجر الذين قتلهم النازيون بمئات آلافهم، واليهود بالطبع، الذين اقتيدوا الي المحارق بالملايين.علي ذلك ينبغي أن نحترس لكرامة ضحايا العنصرية الحقيقيين، وألا نضم اليهم أنواع المضطهدين اجتماعيا، ولتكن احساساتهم وضائقتهم ما كانت من الحق والعدل.بإزاء العنصرية ، أقترح العودة الي المفهوم التقليدي والصحيح، رأي سابق . هنا، لمزيد أسانا، نحن كيهود، بفعل مصيرنا التاريخي، نخطو فوق ارض صلبة. الآراء السابقة ميزت جماعات اليهود الغربيين واليهود الشرقيين في غرب اوروبا ـ في فرنسا وهولندا وبريطانيا بعضها عن بعض.في نفس الفترة، قبل 200 عام عاشت الطوائف اليهودية بعضها بجانب بعض، لكن لم تعش بعضها مع بعض. والنخبة الشرقية نظرت باحتقار الي عامة الطائفة الغربية. بل لقد طلبت التمييز بينها وبين اولئك اليهود الغربيين الفقراء أو المهاجرين الجدد، في كل مكان وصلوا اليه في تنقلهم في الغرب. لقي هذا الرأي السابق يهود اوروبا الشرقية الذين هاجروا الي المانيا، وعزلهم اليهود الالمان الأصليون عزلا مترفعا.في ارض اسرائيل ايضا، الاستيطان القديم الديني كان مقسوما في طائفتين، لم يكن اتصال بينهما تقريبا، وكان يفصل بينهما سور من الآراء السابقة. وكذلك لم تستقبل الطوائف الشرقية في القدس المهاجرين من اليمن. وهكذا كانت علاقة العمال من أبناء الهجرة الثانية بالعمال ذوي الأصول اليمنية؛ وعلاقة الحركة الطليعية بالهجرة البرجوازية، والسخرية التي لقيها يهود المانيا في سنوات الثلاثين من أبناء الاستيطان القديم، والذي كان في أكثره من ذوي الأصول الروسية والبولندية، وهكذا دواليك حتي ايامنا هذه. التناقض هو أن هذه الآراء السابقة نتاج مسيرة عيش هذا مع هذا التي بادرت اليها الصهيونية، لا عيش هذا بجانب هذا، كما كان الأمر وما يزال في اماكن شتات اسرائيل. وعلي هذا، كلما توسعت عملية التقارب بين الطوائف قد يزداد، ازديادا مؤقتا ايضا التوتر بينها. وانتخاب بيرتس لرئاسة حزب العمل دليل واضح علي الظاهرتين اللتين يتصل بعضهما ببعض: التقارب والتوتر.وعلي ذلك، ينبغي أن يكون المثقفون الذين تُفتح أمامهم وسائل الاعلام علي اختلافها، والذين لا يُحسبون في اولئك الذين يريدون نقض المجتمع اليهودي من الأساس، أن يكونوا علي عِلم بهاتين الظاهرتين، وألا يتجاهلوا حساسيات مُحقة، وألا يزيدوا بألسنتهم الحادة الوقود علي الشعلة الملتهبة أصلا.البروفيسور يوسف غورنيمؤرخ اسرائيلي(معاريف) 5/3/2006