الانتماء للوطن حينما يغيبه من في الوطن

حجم الخط
0

الانتماء للوطن حينما يغيبه من في الوطن

الانتماء للوطن حينما يغيبه من في الوطن الانتماء للوطن، ابتداءً، هو ليس مجرد شعار نرفع أصواتنا بترديده، أو أنشودة نتغني بها، أو صورة نعلقها علي جدران أمكنتنا، إنه أكثر من ذلك وأعمق، إنه الالتزام العملي المسؤول تجاه الوطن وأهله، وهو التفاني لخدمته ورفعة اسمه، وهو الحرص علي ثرواته ومقدراته، وهو الغيرة علي عزة مواطنيه وكرامتهم..الخ. وبما أن فكرة الوطن هي في جوهرها مثالية رمزية لا يتبلور معناها الحقيقي إلا بوجود المواطنين؛ فإن الانتماء الفعلي للوطن لا يتحقق، في واقع الأمر، إلا عن طريق المواطنين أنفسهم؛ ما يعني أن انتماء المواطن يقاس، بالدرجة الأولي، بما يبذله من جهود مخلصة في خدمة مواطنيه ومساعدتهم علي تحسين حياتهم، وما يعني أيضا أن كرامة الوطن وعزته تستمد، في المقام الأول، من كرامة مواطنيه وعزتهم، وإن كان ذلك لا ينفي القول بأن العلاقة بين الوطن ومواطنيه قد باتت تتخذ صيغة علاقة جدلية تبادلية التأثير؛ بحيث تتأثر كرامة الوطن، كأرض ورموز وهوية، بما يتعرض له مواطنوه سلبا وإيجابا، وتتأثر كرامة هؤلاء بما يطال وطنهم علي النحو ذاته؛ فالوطن المنيع المتمتع بحريته واستقلال قراره ينحو، في العادة، إلي الحفاظ علي كرامة مواطنيه وتغذيتهم بمشاعر الحرية والعزة والاستقلال، والوطن المكبل بسلاسل التبعية يميل، علي الأرجح، إلي تجريع أبنائه كؤوس الذل والهوان وتلقينهم دروس الانكسار والخنوع.والانتماء للوطن ليس سمة فطرية تولد مع المرء كلون عينيه، بل هو سمة مكتسبة يستدخلها وفقا للتجارب التي يختبرها تحت مظلة وطنه، ومن ثم فإن المثل الشائع القائل لا تسل عمّا يقدمه لك وطنك، بل سل عمّا تقدمه لوطنك ، يغدو مثلاً مثالياً ساذجاً يتعارض مع طبائع الأمور وحقائقها؛ فالبشر ليسوا ملائكة بكل تأكيد، بل هم كائنات تسيّرهم حاجاتهم ومصالحهم في كثير من الأحيان، ومن المستبعد تماماً أن يشعروا بالانتماء الفعلي لوطنهم إلا إذا بادر هذا الأخير، ممثلا بأولي الأمر وصنّاع القرار يتحكمون بمقدرات هذا الوطن وخيراته إلي مراعاة حاجاتهم ومصالحهم، وإشعارهم أن هناك حرصا جدياً علي صون كرامتهم من الخدش والامتهان.فيا وطني العربي المعذب، متي تتوقف فيك مهزلة العبث والعابثين، ومتي يعود لمواطنيك، كل مواطنيك، الإيمان بك والانتماء إليك؟متي ستعود لأبنائك يا وطني كرامتهم وحقوقهم المشروعة المنهوبة؟متي سيتوقف أبناؤك عن التزاحم علي أبوةالب سفارات الغرب متطلعين إلي هجرك من دون رجعة؟متي ستنقلب الطاولة علي كل الكذابين والأفاقين واللصوص الذين احترفوا سرقتك وتشويه صورتك؟ متي ستثبت لنا أنك الوطن الأجمل والأصدق والأبهي؟ فكم أعيت عيوننا وقلوبنا صور البشاعة والكذب!خالد سليمان[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية