الانتخابات الفلسطينية: من أجل فتح طريق جديد

حجم الخط
0

الانتخابات الفلسطينية: من أجل فتح طريق جديد

زكريا محمدالانتخابات الفلسطينية: من أجل فتح طريق جديد قبل شهر من الانتخابات تقريبا قلت، في مقال لي في جريد الأيام، أن جذر نمو حماس يكمن في أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، مشروع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وأضفت أن تأزم المشروع وفشله سوف يؤدي إلي تفكك أدواته، أي أحزاب م.ت.ف، التي بنت نفسها علي أساس هذا المشروع منذ عام 1974، وأن علينا أن نري في الانتخابات مناسبة لإعادة نقاش خياراتنا، ومحاولة فتح خيارات جديدة.وقد رأي بعض الأصدقاء أن علي أن أركز علي تأزمه لا علي فشله. فالمشروع ما زال بعد ممكنا ولو إلي حين، ربما، وما فشل إنما هو الطريق الذي سرنا فيه للوصول إلي هذا المشروع. وقد قبلت هذا التعديل حقا. فلعله ما زال بالإمكان قيام دولة فلسطينية مستقلة علي الضفة والقطاع والقدس، رغم صعوبة ذلك. لكن الطريق الذي سرنا فيه لتحقيق هذا المشروع، أي طريق أوسلو، قد فشل، فشل تماما. بل إنه قد ساعد علي إضعاف احتمال تحقيق المشروع في الواقع.لكنني ما زلت علي قناعة بأن الانتخابات هي فرصة ثمينة للتدقيق في خياراتنا، والبحث عن خيارات جديدة. بل إنني أعتقد أن نجاح حماس في الانتخابات يعكس إرادة الناخب الفلسطيني في البحث عن هذه الخيارات. أي أن تصويته لحماس بدلا من فتح هو انحياز ضد الخيار الذي فشل، وصار من العبث الاستمرار فيه: خيار أوسلو وطريقه، ما تبعه من اتفاقات مثل اتفاقات شرم الشيخ وخارطة الطريق وغيرها من السميات. لقد تبع الرئيس الراحل ياسر عرفات هذا الخيار، ومشي طريقه بشجاعة حتي نهايته. مشي فيه عشر سنوات فوجده مسدودا. وقد التقط الشعب الفلسطيني هذه الحقيقة في أعمق أعماقها فحين انتخب حماس، واضعا بعين الاعتبار أن حماس كانت خارج هذا الطريق، أي أنه انتخبها لأنها ظلت خارج هذا الطريق، ولعلها تكون أداة لفتح خيار جديد وطريق جديد. أكيد أن الناخب كان غاضبا علي بعض فتح والسلطة، وكان يريد أن يعاقب هذا أو ذاك بسبب الفساد وغيره. لكنني أعتقد أن الأمر أعمق من ذلك بكثير. فقد كان قصده أن يبحث عن خيارات أخري. أي أنه لم يريد أن يعاقب فتح ويتنصر لحماس عند النهاية القصوي، وعند الجذور.من هنا، تصبح كل محاولة لإقناع حماس بأن عليها، بعد أن صارت القوة الرئيسية، أن تشكل نفسها علي أساس أوسلو وما تبعه محاولة، أي تجرب الطريق المجرب، محاولة ضارة ولا تلتقط الإشارة الأعمق للناس. فهناك في فتح من يعتقد أن حل الأزمة يقوم علي أساس توريط حماس في اللعبة ذاتها، لعبة السلطة في السنوات العشر الأخيرة، مؤمنا أن حماس ستتورط فيها قريبا وستتخلي عن مواقفها. أنا أري أن هذا أسوأ سيناريو ممكن، وأنه سيناريو من لا يفهم أن الشعب قرر البحث عن خيارات جديدة.لذا، أقترح أن تكون الانتخابات مناسبة لسياسة فلسطينية جديدة تقوم علي أساس إعطاء فرصة أخيرة لمشروع الدولة الفلسطينية، لكن ليس انطلاقا من اتفاق أوسلو وما تبعه، بل من انطلاقا من أساس جديد. الأساس الجديد يقوم علي أن تقر إسرائيل والولايات المتحدة معا بقيام دولة فلسطينية مستقلة علي حدود الرابع من حزيران، أي في الضفة والقطاع والقدس، وأن أي مفاوضات لن تتم إلا بناء علي هذا الإقرار. ومن دون هذا الإقرار فلن يكون هناك اعتراف بإسرائيل لا من قبل حماس ولا غيرها. وهذا يعني رفض من يطالبون حماس بتقديم اعتراف مجاني بإسرائيل. بل إنه يجب أن يعني اختــــيار سياسة جديدة تلغي، عمليا، اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل. فقد اعترفت إسرائيل في اتفاق أوسلو بمنظمة التحرير بينما اعترفت منظمة التحرير بدولة. وقد آن الأوان أن ينتهي هذا الأمر الأخرق. فالاعتراف يجب أن يتم بين دولة ودولة، وإلا سوف نستمر في الحماقة إياها.بهذا المقترح نكون قد قدمنا نقدا عمليا لاتفاق أوسلو وطريقه المغلق، وأبقينا الطريق مفتوحا لفترة ما أمام احتمال استعادة مشروع الدولة الفلسطينية.لست من مؤيدي حماس، بل أنا من الخائفين علي حرياتهم من ممارساتها. لكن المسألة لا تتعلق بالخصام بيني وبين حماس علي الحريات العامة- وهذا ما سأواجهها حوله- لكنها تتعلق بالبحث عن الخيارات الوطنية الممكنة والمتوفرة. ربما نكتشف أن خيار الدولة لن يكون ممكنا بعد عام أو عامين أو ثلاثة، بسب إجراءات إسرائيل علي الأرض. وحينها سوف نكون مجبرين علي البحث عن خيارات أخري. وربما نتوصل إلي أنه انتهي وأصبح غير ممكن منذ الآن، عليه فإن ما أطرحه سيكون مشروعا اعتراضيا فقط ينفعنا في الرد علي محاولة إغراقنا في طريق أوسلو المغلق لأعوام أخري.نعم، يجب أن يكون خيار أوسلو قد انتهي بالنسبة لنا. أنا أتفق في هذا مع حماس. لا يجب أن يكون أوسلو سقفنا. لقد انتخب الناخب الفلسطيني حماس احتجاجا علي هذا السقف، ورفضا له.لم تهزم فتح، ولم تنتصر حماس. لقد أغلق طريق، أغلقه بوش وشارون وباراك ونتنياهو، وقد قرر الناس بأصواتهم أن يفتحوا طريقا جديدا. هذا هو كل شيء. أما الذين يريدون أن يساووا بين فتح وأوسلو فهم الذين يظنون أن فتح قد هزمت.المشكلة أن حركة حماس، الضائعة بين شعاراتها العامة وبين ضرورات السياسة، لا تجد الوسيلة لطرح مشروع واضح ومقنع ويأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي الدولي والإقليمي، في حين أن فتح غرقت في طريق أوسلو. ولعل من المناسب أن تمد حماس يدها لإخراج فتح من الطريق المسدود، وأن تعمل فتح بخبرتها، وبعناصرها الأشد تمسكا بالمشروع الوطني، علي وضع مشروع وطني متماسك تخرج حماس من ترددها وضبابية مواقفها. أي أن يؤدي كل طرف خدمة للآخر. فتح لم تهزم. لقد فشل أوسلو.فتح وحماس والجميع يمكنهم أن يفتحوا طريقا آخر أمام الشعب وهدفه الوطني. ہ شاعر وكاتب من فلسطين8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية