الاسلاميون الموريتانيون يطالبون بلجنة مصارحة ومصالحة لالقاء الضوء علي انتهاكات حقوق الانسان في الماضي
وزعوا برنامج عمل سياسي يقترح اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعيةالاسلاميون الموريتانيون يطالبون بلجنة مصارحة ومصالحة لالقاء الضوء علي انتهاكات حقوق الانسان في الماضينواكشوط ـ القدس العربي :خرج التيار الاسلامي الموريتاني من اعتكافه الطويل أو مما وصفه البعض سكرته الناتجة عن رفض التشريع لتحزبه في عهد ما بعد ولد الطايع.بعد أشهر من التشاور والتمحيص والاستماع لآراء المرجعيات وقواعد الحركة وزع التيار الاسلامي أمس الاحد وثيقة سياسية بعنوان الرؤية السياسية للاصلاحيين الوسطيين ضمنها قراءة تحليلية مركزة للمشهد السياسي الموريتاني واقتراحات باصلاحات يراها التيار جوهرية وبالغة الأهمية. وأكد التيار أن هذه الاصلاحات تعتبر أساسيات عليها يؤسس الاسلاميون وفي اطارها يفصلون البرامج والمواقف وهي مع ذلك تشكل عهدا به يلتزمون، وعليه يحاسبون .وبدأ التيار اقتراحاته التي لاقت اهتماما كبيرا في الساحة السياسية الموريتانية بالتشديد علي قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب التي يعتبرها التيار قد أضرت بالمصلحة الوطنية وبسمعة البلد ودوره تجاه أمته وأهله .وأكد التيار الاسلامي الموريتاني بوجه خاص علي دعم الشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع ومساعدته علي نيل حقوقه الكاملة ورفض الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق ودعم مقاومة الشعب العراقي المشروعة لجيوش الغزاة. وأشار التيار في وثيقته التي تلقت القدس العربي نسخة منها الي أن موريتانيا عانت في الفترات الأخيرة من تراجع صارخ في المكانة الخارجية والدور الدبلوماسي معا، مما يجعل تنشيط هذا المجال وتصحيحه من أولويات المرحلة الحاسمة التي تمر بها موريتانيا حاليا .وكي تستعيد موريتانيا مكانتها العربية والافريقية والدولية ، اقترح التيار تعزيز وجود موريتانيا وتأثيرها في المحيط العربي والافريقي والاسلامي والعمل علي احياء وتنشيط اتحاد المغرب العربي وتفعيل دور موريتانيا في جامعة الدول العربية والعودة للمنظمة الاقتصادية لدول غرب افريقيا . واقترح كذلك تنشيط دور موريتانيا في الاتحاد الافريقي وتطوير العلاقات مع أوروبا باعتبارها الشريك الرئيسي للبلاد وتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة دون المساس بالسيادة وبما يضمن المصالح المشتركة وتنشيط العلاقة مع مختلف شركاء التنمية ودول العالم .اصلاحات قانونية وسياسيةوعلي الصعيد الداخلي اقترح التيار الاسلامي اصلاحات في المجال القانوني والسياسي منها حماية استقلال القضاء بانتخاب رئيس وأعضاء المجلس الأعلي للقضاء وقضاة المحكمة العليا ومراجعة قانون الأحزاب وتسريع أعمال اللجنة الوطنية لاصلاح قطاع الصحافة وتعديل قانونها في اتجاه مزيد من الحرية وتعديل قوانين الانتخابات والقوانين ذات الصلة في اتجاه ضمان تمثيل متوازن علي المستوي النسبي والجغرافي.وطالب الاسلاميون من ناحية أخري بتأسيس لجنة وطنية للمصارحة والمصالحة تتولي القاء الضوء علي ماضي انتهاكات حقوق الانسان، و تنطلق من قواعد العفو والتفاهم وتؤسس لوضع جديد تسود فيه العدالة وتوضع آلية تجبر المظالم وتمنع من تكرار الظلم .وألح الاسلاميون علي وضع ميثاق شرف وطني لحماية التحول الديمقراطي وتأكيد آليات التداول السلمي للسلطة وضمان الحريات لكل التوجهات يوقعه الجميع ويكون ملزما للجميع .وفي المجال الاقتصادي طالب الاسلاميون بتحقيق تنمية متوازنة راسخة ومستديمة خالية من التشوهات والاختلالات قائمة علي مبدأ الحرية الاقتصادية المقيدة بالضوابط الشرعية والقيم الخلقية والمصلحة العامة بما يجنب المجتمع مخاطر الجشع ويضمن ترشيد موارده مع تحقيق العدالة في التوزيع لصالح الفقراء والمحرومين وذوي الدخول المحدودة .ولبلوغ تلك المقاصد أكد الاسلاميون علي ضرورة السعي للاستفادة من ايجابيات الاقتصاد الحر وتجنب سلبياته من خلال التدخل الفعال للدولة في الحالات الضرورية لضمان تنظيم الحياة الاقتصادية وتحقيق المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص بين الجميع.وركزت الوثيقة الاسلامية في الجانب الأقتصادي علي وضع سياسات نقدية ترفع من قيمة العملة الوطنية مع تطوير وتوسيع نطاق المعاملات المصرفية الاسلامية.وطالبت الوثيقة كذلك بتعزيز الرقابة علي ثروات البلاد والحرص علي اتفاقيات عادلة مع الشركاء والمستثمرين والأجانب وبالحد من الفوضي السائدة في البحث والتنقيب عن الثروات ووضع آليات تحول دون الغبن في الاتفاقيات المتعلقة بها.وشدد الاسلاميون الموريتانيون علي تشجيع التعاون الاقتصادي الاقليمي ودعم الجهود الرامية الي اقامة تكتلات اقتصادية في الفضاءات العربية والافريقية والاسلامية.وفي اقتراحات اصلاحية أخري تخص المجال الاجتماعي طالب الاسلاميون بالقضاء علي مظاهر الرق وآثاره وتوظيف كافة الوسائل لتحقيق ذلك. كما طالبوا بوضع سياسات للنهضة بالمرأة وتمكينها من المشاركة في مختلف مرافق المجتمع والدولة واعانتها علي أداء دورها الأسري والتأهيلي بنجاح علي نحو يحقق التكامل في المجتمع.وفي المجال التعليمي والثقافي ألحت وثيقة الاسلاميين علي مراجعة واقع وبرامج التعليم في اتجاه يجمع بين المحافظة علي الهوية والثوابت الاسلامية وتعزيز مكانة اللغة العربية واللغات الوطنية الأخري وهي البولارية والسونكية والولفية مع الانفتاح علي اللغات العالمية وتعزيز مكانة العلوم والتقنيات الحديثة.وفي الميدان العسكري والأمني طالب التيار الاسلامي الموريتاني بوقف تسييس الجيش واعتباره مؤسسة وطنية جمهورية تتبع للقرار السياسي ولا تتحكم فيه، مع ضرورة ابقاء الجيش رمزا للوحدة الوطنية. انتقاداتهذا وانتقد الاسلاميون الموريتانيون بشدة عدم السماح لهم بتأسيس حزب سياسي ضمن الاصلاحات التي تلت تغيير الثالث اب/أغسطس 2005. وأكدوا أنهم وان فُوت لهم حق الاطار القانوني المتاح للجميع، فان صيغ المشاركة في الحياة العامة لم تتوقف لديهم علي شكل المؤسسة الحزبية واحتفظوا بحقهم فيها ونددوا باستثناء طالهم، لا تقبله قواعد العدل ولا أساسيات الديمقراطية، ورفضوا أن يجعلوه مبررا يحجب المشاركة ويوقف المسير .وكان التيار الاسلامي الموريتاني قد أسس للاقتراحات التي تضمنتها وثيقته بقراءة شاملة للوضعين الداخلي والخارجي منتقدا ما ميز موريتانيا في عهد الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع من جور وظلم وقهر وفساد ولافتا النظر لخطورة السيطرة الأمريكية الصهيونية علي العالم وتسلطها علي العرب والمسلمين خاصة وسعيها بالحروب وبشتي الوسائل لنهب ثروات المنطقـــة العربية. وأكد الاسلاميون في ثنايا الوثيقة التي تعتبر مرجعا سياسيا وفكريا لاحدي أهم الفرق السياسية في موريتانيا،علي اعتدالهم وانفتاحهم مبرزين أن اصلاحيتهم تنفي التعجل في الخطوات وحرق المراحل والمحطات وتنفي التشدد في المنهج أو الغلو في الأسلوب وتؤكد اعتدال الرؤية وتوازن النظرة وتوسط الممارسة مع نبذ كل أساليب العنف والتطرف والتشدد.وأكد الاسلاميون أنهم مع ما سبق ينطلقون في عملهم السياسي من الاصول الاسلامية الملزمة كما يؤسسون علي تراث الامة و علمائها مع الايمان بأن الاجتهاد المؤسس علي الوحي المستوعب للواقع القاصد للمصلحة هو آلية التجديد في الدين و مسايرته لكل زمــــان ومكان. وشدد التيار الاسلامي الموريتاني علي تبنيه للديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة خيارا استراتيجيا لا تردد فيه مع رفض الأحاديــــة ومسوغاتها. يذكر أن وثيقة التيار الاسلامي قد لاقت اهتماما كبيرا في الساحة السياسية الموريتانية لكونها تضمنت لأول مرة تفصيلات واضحة للرؤية السياسية لهذا التيار المؤلف أساسا من معتدلي نشطاء حركة الاخوان المسلمين.