الاستيطان تنظيم اجرامي كبير ومتنفذ في الدولة

حجم الخط
0

الاستيطان تنظيم اجرامي كبير ومتنفذ في الدولة

يجب القضاء عليه وعدم الاكتفاء ببؤرة هنا واخري هناكالاستيطان تنظيم اجرامي كبير ومتنفذ في الدولة هل توجد في اسرائيل جريمة منظمة؟ وهل يوجد فيها جهاز اجرامي يقوم بدس أياديه بصورة عميقة في قيادة الحكم والجيش والشرطة وجهاز القضاء فارضا سطوته ورهبته عليهم؟ وهل توجد مؤسسة منظمة جيدا مع قيادة عرّابين و جنود يُطيعون أوامرها؟ وهل تفرض هذه الجريمة المنظمة رهبتها علي المجتمع الاسرائيلي كله مُحدقة أمنه بالخطر؟. لشدة الأسف، الجواب علي كل هذه الاسئلة ايجابي. في اسرائيل توجد جريمة منظمة ذات قوة. لاعضاء هذه الجريمة أذرع طويلة متغلغلة في أروقة الحكم واجهزة القانون، هم أصحاب مظهر نزيه وبنية منظمة مع عرّابين ـ حاخامات وجيش جنود عنيف يخضع لرغبتهم ويفرض رهبته علي محيطه ويُحدق سلامة المجتمع كله بالخطر، يدعونهم بالمستوطنين. المواطن الذي يعيش في دولة توجد فيها جريمة منظمة، يوجه انتقاداته بالأساس الي مؤسسات القانون لعجزها عن حمايته وتأمين سلامته. الآن، عندما بدا أن نفوس الاسرائيليين قد بدأت تضيق ذرعا بما يحدث في الضفة، أصبح عليهم أن يُوجهوا جلّ ادعاءاتهم تجاه من سمحوا للتنظيم الاجرامي بالسيطرة علي مراكز القوة في الدولة، والقيام بكل ما يحلو لهم في مناطق الاحتلال الخاضعة لها. هنا ايضا، مثلما هي الحال في مناطق الاجرام، توجد مربعات خارج السيادة والقانون. مثلما حدث مع بيارة دقة في يافا، ذلك الموقع الذي خشي الشرطيون من دخوله خلال سنوات خوفا من العائلة الاجرامية التي سيطرت عليه ـ نجد الصورة تتكرر في عمونة والخليل ومزرعة سكالي والتلة 725. الصرعة الرائجة الآن هي التعبير عن الصدمة من اعمال المستوطنين في الخليل.حتي القائم بأعمال رئيس الوزراء، اهود اولمرت، يهدد المتمردين علي القانون بقبضة حديدية. وزير الدفاع شاؤول موفاز كعادته يلائم نفسه وفقا للنغمة الرائجة، وعليه دعا لطرد كل المخالفين من الخليل. من الذي يقصده بالضبط؟ فقط اولئك الذين رفعوا أياديهم علي جنود الجيش. وأين كان حتي الآن؟ هناك درجة كبيرة من التملق والنفاق في الصدمة الشعبية الظاهرة: طوال سنين كان مستوطنو الخليل يعتدون علي جيرانهم الي أن اضطر هؤلاء الي ترك منازلهم وحوانيتهم والهرب منها. كل من زار الخليل وجد هناك مدينة أشباح، ولكن قلة قليلة هي التي رغبت في معرفة ذلك في اسرائيل. فقط عندما تجرأ المستوطنون علي المس بالجنود والشرطيين ثارت صرخة. ولكن هذه الصرخة يجب أن تكون موجهة ضد من سمحوا للجريمة بأن تزدهر عبر السنين.لا يتعلق الأمر بالجنود والشرطيين ورجال الشاباك فقط الذين عرفوا، التزموا الصمت، بل ودعموا تلك الاعمال. مثلما يحدث في كل جريمة منظمة ـ المسألة تتعلق بأجهزة حكم أوسع نطاقا. وزارة الاسكان والجيش والادارة المدنية الذين زودوا كل البؤر الاستيطانية غير القانونية بالبني التحتية والمياه والكهرباء وشقوا الشوارع وقدموا الحماية والمساعدة ـ كلهم مشاركون في الاجرام. السلطة التنفيذية ساعدت في توسيع سيطرة عائلات الاجرام في الضفة، والسلطة القضائية كانت شريكة في هذا العمل الشائن، كما هي الحال مع الجريمة المنظمة عادة.محكمة العدل العليا التي ترفض الآن اتخاذ قرار بشأن الالتماسات المقدمة ضد عدد من البؤر الاستيطانية لا تستطيع أن تتفاخر بالبقاء. حكاية بناء عمونة مثلا مسألة مثيرة حقا: هذه المستوطنة وُضعت علي ارض فلسطينية خاصة منذ عام 1995. وزارة الاسكان بدورها موّلت البني التحتية بقيمة 2.1 مليون شيكل من دون وجود تراخيص بناء، وعليه، لماذا يتوجب أن نوجه الاتهامات لسكان عمونة بينما تقوم الدولة بتمويل بناء مستوطنتهم؟ وحتي عندما أصدرت الادارة المدنية أوامر هدم في تشرين الاول (اكتوبر) 2004 ضد تسع فيلات فاخرة في الموقع، لم يخطر ببال أحد أن يُحرك ساكنا من اجل التنفيذ. الأمر تطلب تدخل حركة السلام الآن من اجل قيام محكمة العدل العليا بالبحث في هدم المباني غير القانونية.إلا أن محكمة العدل تصرفت كعادتها مع مثل هذه الدعاوي: في الاسبوع الماضي مثلا منحت تمديدا للمستوطنين من دون معرفة السبب من وراء ذلك. ايضا فيما يتعلق بالمعتدين علي سوق الجملة في الخليل، لم تُبدِ المحكمة حماسة بارزة في تحركها. منذ أن صدر قرار الاخلاء الاول في تموز (يوليو) 2001 علي يد الادارة المدنية، استطاع أولاد المستوطنين البصق في وجه العجائز الفلسطينيين. الدولة تعهدت في 2003 أمام المحكمة العليا بالاخلاء، إلا أن شيئا لم يحدث. محكمة العدل العليا لا تتصرف علي هذا النحو دائما. عندما قدم تسعة مواطنين من رفح التماسا في أيار (مايو) 2004 ضد هدم منازلهم، أصدر القاضي الياهو ماتسا أمرا احترازيا في منتصف الليل ضد الهدم، إلا أن المحكمة احتاجت 48 ساعة فقط لتقوم بالغاء قراره هذا. كلما كان الفلسطينيون يلتمسون ضد هدم منازلهم تحركت محكمة العدل العليا بسرعة وحزم لرفض طلباتهم، أما عندما يكون الأمر مريحا للمحكمة العليا فانها تُبدي السرعة والخفة في الحركة. لا جدوي من التأثر المفرط باخلاء المُعتدين في عمونة، فالمهمة الوطنية الحقيقية تتمثل في اخلاء بؤر الاجرام المنظمة كلها. اولمرت الذي سجل في بداية سيرته السياسية حملة معلنة ضد الاجرام المنظم، ملزم بمعرفة ذلك. المنظمة الاجرامية التي يواجهها الآن أقوي بعشرات الأضعاف من الأخوة سيسكوني في مبسيرت تسيون الذين تصدي لهم قبل 30 سنة بالضبط. في حينه وقف مثل الطود ضد من فرضوا رهبتهم علي بلدة صغيرة، والآن، ها هو يقف أمام من يرتهنون دولة بأكملها في الأسر.جدعون ليفيكاتب رئيسي(هآرتس) 22/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية