الاسباب التاريخية لنقمة جنبلاط والحريري علي سورية

حجم الخط
0

الاسباب التاريخية لنقمة جنبلاط والحريري علي سورية

د. محمد عجلانيالاسباب التاريخية لنقمة جنبلاط والحريري علي سورية عندما دخلت القوات السورية الي لبنان عام 1976 اصطدمت بقوات الحلف التقدمي الاشتراكي والحركة الوطنية التي كان يقودها في ذلك الوقت الشهيد الراحل كمال جنبلاط والد الزعيم الحالي وليد جنبلاط، وحرمت القوات السورية قوات الحركة الوطنية من نصر حقيقي في لبنان وحرمتها من اجراء تغيير حقيقي للمعادلة السياسية اللبنانية، مما ترك مرارة كبيرة في نفس الزعيم الراحل كمال جنبلاط، وبعدها بسنة اي في آذار (مارس) 1977 اغتيل كمال جنبلاط مع اثنين من مرافقيه وهو في طريقه الي منزله في المختارة، وحادثة الاغتيال كما صورها البعض لم تكن بعيدة عن حاجز ردع عسكري سوري تابعة لقوات العميد الحويج، والغريب ان عملية الاغتيال التي تمت للشهيد جنبلاط قضت علي آخر خطوط المصالحة بينه وبين النظام السوري، حيث كان من المتوقع ان تؤدي جهود المصالحة الي زيارة يقوم بها الشهيد كمال جنبلاط الي دمشق وعندما تسلم ابنه اي وليد جنبلاط زعامة الحزب التقدمي وما بقي من الحركة الوطنية ساير ولاية دمشق رغم ان الرئيس الراحل هواري بومدين الذي يكن صداقة حقيقية لجنبلاط الاب سأل وليد في العديد من اللقاءات عن الجهة التي لها مصلحة في قتل والده، وكان رد وليد جنبلاط سأقول ذلك في الوقت المناسب. لم تكن اذن العلاقة بين المختارة وقصر المهاجرين ودية وسلمية عبر فترة وليد جنبلاط، كما كان الاب الراحل الشهيد كمال جنبلاط في اول لقاء جمعه بالرئيس الراحل حافظ الاسد في بداية السبعينات عندما خاطبه قائلا، انا احب يا سيادة الرئيس سورية كثيرا، واحترمك كثيرا وارغب بالتعاون معك، ولكن لدي تحفظات كبيرة ونفور من زملائك البعثيين.وهاجم جنبلاط الاب كثيرا الحكم السوري من الانفصاليين الذين فصلوا الوحدة مع مصر الي حكم الاطفال البعثيين الماركسيين ولم تكن اذن علاقة الاب ودية بالحكم في دمشق عبر المراحل المختلفة، لكنه وللامانة كان الاب يكن احتراما خالصا للرئيس الراحل حافظ الاسد رغم الخلافات الاخيرة بينهما بشأن تدخل القوات السورية في لبنان.اذن تابع الابن سيرة الاب واثبت في عدة مرات اختلافه مع المخطط السوري في لبنان عندما رفض المشاركة مع القوات الحليفة لسورية في طرد الزعيم عرفات من طرابلس في عام 1983، الي رفض كامل للمطالب السورية بدعم قوات ابو موسي المنشقة عن فتح ضد جماعة الشهيد ابو عمار في حرب المخيمات التي جرت في بيروت في عام 1985، بل علي العكس من ذلك، قاتلت جماعات من الحزب التقدمي الاشتراكي مع جماعة فتح ضد جماعة ابو موسي المنشق عن فتح. اذن رغم المجاملات واللقاءات الودية بين جنبلاط والرئيس السوري الراحل الا ان القلوب لم تكن صافية وكان يسودها دائما خلافات الماضي وزعامة آل جنبلاط للحزب وللدور الذي كانوا يرغبون ان يقوموا به، ومما باعد التقارب بين المختارة ودمشق هو موقف جنبلاط الداعي دائما الي فتح جبهة الجولان لتخفيف العبء عن لبنان وحتي لا يتحمل لبنان وحده وزر وتبعات الصراع العربي ـ الاسرائيلي.وقد منع وليد جنبلاط عدة مرات من الدخول لسورية بسبب تصريحات مناوئة لدمشق، ولم تكن عملية محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة واغتيال الشهيد رفيق الحريري الا بمثابة القطرات التي فاضت من الكيل ووجدها وليد بك فرصة سانحة لتصفية خلافات قديمة مع سورية. وللامانة كان رحمه الله غازي كنعان هو الذي يقوم بدور التهدئة بين المختارة وقصر المهاجرين في دمشق.نأتي الان الي سعد الحريري وقصة خلافاته مع سورية، وبالطبع هناك قضية والده ومعرفة القاتل، والوالد في الفترة الاخيرة لم تكن علاقاته طيبة بدمشق، ولكن لا يمكن فهم هذا الخلاف بدون الخلاف التاريخي او عدم الفهم الحقيقي لسورية ولدورها في لبنان من طرف الطائفة السنية، ومن المعروف ان هذه الاخيرة رفضت حمل السلاح والدخول في مطبات الحرب الاهلية اللبنانية، والعناصر الوحيدة التي حملت السلاح من هذه الطائفة كانت جماعة المرابطين الناصرية التي قضت عليها سورية بمساعدة من حركة امل، واما في طرابلس فقد اقحمت سورية نفسها في حرب طائفية قذرة بين سنة طرابلس والعلويين في ودخلت في معارك ليست هي معاركها ان كان في باب التبانة او بعل محسن واشتبكت مع قوات التوحيد الاسلامي التابعة للشيخ سعيد شعبان المدعومة من ايران. بالاضافة الي ان القوات السورية قصفت احياء مهمة في مدينة طرابلس وذلك من اجل اخراج قوات الزعيم عرفات من هذه المدينة مما اثار نقمة سكان المدينة علي الجيش السوري والنظام السوري. بالاضافة الي ان البعض من الفئات المعادية لسورية يحملون سورية دم الشهيد رشيد كرامي رغم انه قتل في منطقة كتائبية.بالاضافة الي كل هذا وذاك، لم تكن علاقة السلطات السورية ودية وطيبة مع رؤساء ووزراء سابقين للبنان كالمرحوم شفيق الوزان والمرحوم تقي الدين الصلح الذي دخل مرة في مشادة كلامية مع الرئيس الراحل حافظ الاسد حول اهمية لبنان وديمقراطيته وعدم انتهاجه للانقلابات العسكرية كما حدث ذلك في سورية.سورية اليوم مطالبة بان لا تكون محابية لفئة من الفئات علي حساب الفئات الاخري. بل هي علي العكس من ذلك مطالبة بان تكون صديقة وودية مع الجميع، لبنان متعدد الطوائف والفئات، والسياسة السورية اذا رغبت مستقبلا بان تكون ناجحة في لبنان عليها ان تكون متعددة ومتفهمة للجميع، بدون مراعاة لاحد علي حساب فئة اخري. لقد فشلت سورية اجتماعيا وفكريا في لبنان واخفقت امنيا وجلبت كوارث اقتصادية علي العلاقات بين البلدين لان بنية العلاقات لم تكن قائمة علي اسس سليمة.كاتب من سورية يقيم في باريس8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية