الاردن: استقالات جماعية في مجلس ادارة التلفزيون وجدل عاصف في البرلمان والصحافة بسبب مظاهر الانفتاح وبرامج المنوعات علي الشاشة الوحيدة
الاردن: استقالات جماعية في مجلس ادارة التلفزيون وجدل عاصف في البرلمان والصحافة بسبب مظاهر الانفتاح وبرامج المنوعات علي الشاشة الوحيدةعمان ـ القدس العربي من بسام البدراين: دخل التلفزيون الرسمي الاردني مجدداً في حالة ازمة متراكمة منذ اكثر من عام، بعد ان قدم رئيس مجلس الادارة الدكتور مصطفي الحمارنة استقالته عبر بلاغ شفهي لرئيس الوزراء وللصحف دون ابداء الاسباب، وسط حالة خلاف ممتدة وصلت حدودها للبرلمان والصحافة حول مظاهر الانفتاح والاصلاح وما يجري داخل مؤسسة التلفزيون.وقالت مصادر خاصة لـ القدس العربي ان الدكتور الحمارنة استقال من منصبه كرئيس لمجلس الادارة احتجاجاً فيما يبدو علي اصرار رئاسة الوزراء علي تأجيل حسم تسمية مدير عام جديد للمؤسسة خلفاً للمدير القديم الدكتور محمد الصرايرة الذي غادر موقعه اثر خلافات علنية عاصفة تبادل خلالها الاتهامات مع الحمارنة العام الماضي.وحتي الان ترجئ الحكومة حسم تعيين رئيس لجهاز التلفزيون بسبب الجدل المتراكم حول مسألة الانفتاح ودخول اكثر من خط وحالة التغيير الهائلة التي اجتاحت برامج المحطة التلفزيونية الوحيدة في المملكة، فيما استقال ايضاً من مجلس الادارة حلفاء الحمارنة الاقرب وهم حمدي مراد وسمير الحياري ومحمد كعوش.الامر الذي يبقي مؤسسة التلفزيون بلا ادارة عملياً بالرغم من اعلان رئيس الوزراء معروف البخيت عدة مرات بان حكومته ستطبق خطط اعادة الهيكلة، ويبدو ان الاستقالة الجماعية لاعضاء مجلس الادارة ورئاسته في التلفزيون لها علاقة باجواء برلمانية معادية لمظاهر الانفتاح التي اسس لها الحمارنة خلال عام متكامل، فقد قام بتغيير شعار المحطة واسس لبرامج حوارية صريحة جديدة ووسع من هوامش النقد للحكومة والسلطة ووسع كذلك من البرامج الترفيهية وبرامج المنوعات التي تناسب الشباب والتي يخطب ضدها يومياً خطباء المساجد وقادة جبهة العمل الاسلامي في البرلمان.ولا زالت بعض الصحف الاسبوعية الهامشية مثل صحيفة الشاهد تصر علي نشر ملفات اتهام تتعلق بأحد اعضاء البرلمان وهو النائب حاتم الصرايرة الذي يتهم ادارة الحمارنة بالفساد المالي والاداري، وينتقد نواب اسلاميون تعيين الحمارنة لخبير تجميل في مؤسسة التلفزيون براتب مجز، كما تقول بعض الخطابات البرلمانية بان الحمارنة عين خبراء لبنانيون وقام بتغييرات كبيرة في اطار التعيينات وطبيعة البرامج الحوارية علماً بان ادارة التلفزيون المستقيلة اشركت جميع القطاعات في الحوار وفردت مساحة واسعة للرأي الآخر.وفي حوار ساخن سابق مع الحمارنة نظمته لجنة التوجيه الوطني في البرلمان تحدي الرجل علناً اثبات اي من تهم الخلل الاداري والمالي في عهد ادارته، وقال ان التلفزيون اصبح يمثل الان جميع الاردنيين، مشيراً لأن بعض الفئات في المجتمع الاردني كانت غائبة عن الشاشة الوحيدة في المملكة. ولم تعجب آراء الحمارنة الانفتاحية والليبرالية جداً والتي اهتمت بالمسائل الفنية، مثل المكياج والمنوعات والحوار المفتوح ومثل تخصيص ساعات من البث للمعارضين بمن فيهم ممثلو التيار الاسلامي… لم تعجب كثيرين، سواءً في التيار المحافظ داخل وخارج البرلمان او سواء في الجناح المعارض للاصلاح والانفتاح الاعلامي.ورغم وجود صداقة شخصية حميمة بين رئيس الوزراء الحالي معروف البخيت والدكتور الحمارنة الا ان الاخير انسحب في ظل اصرار الحكومة علي تقييد خططه الموضوعة في الاصلاح والتغيير، مما يبقي ملف الشاشة الوحيدة في المملكة معلقاً الي ان تحسم المرجعيات في القصر الملكي تحديداً الامر، علماً بأن الحكومة لم تحدد بعد ما تقصده بخطط اعادة هيكلة مؤسسات الاعلام الرسمي، فجميع الاوساط تترقب وتنتظر تعيينات جديدة في المواقع العليا في مؤسسات الاعلام الرسمي، فيما يقول رئيس الوزراء ان لجنة مختصة يرأسها وزير التنمية السياسية الدكتور صبري ربيحات هي المسؤولة عن التعيينات العليا.ويعتبر انسحاب الدكتور الحمارنة هو احدث انسحاب تقريباً من المشهد العام لرموز التيار الاصلاحي والليبرالي في المملكة، علماً بان الحمارنة يشرف علي مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية الذي بدأ الاسبوع الحالي باعداد استطلاع موسع للرأي العام وللنخبة السياسية حول تقييم اداء حكومة معروف البخيت بعد مئة يوم علي تشكيلها.وقبل الحمارنة كواحد من شيوخ التيار الليبرالي تقريباً انسحب من الاضواء باتجاه القطاع الخاص وزير المالية السابق والمستشار المقرب من القصر الملكي الدكتور باسم عوض الله وقبلهما كان رئيس لجنة الاجندة الوطنية الدكتور مروان المعشر قد انسحب ايضاً من مواقع القرار واصبح عضواً في مجلس الاعيان، فيما انتقل للعمل في القطاع الخاص ايضاً وزير البلاط السابق سمير الرفاعي، مما يجعل ظاهرة انسحاب الرموز المحسوبة علي الاصلاح او التي تدعي الاصلاح متكررة ومألوفة في المشهد السياسي والنخبوي الاردني.