الابعاد الحقيقية وراء انشاء قناة فرنسية في المغرب
الابعاد الحقيقية وراء انشاء قناة فرنسية في المغرب قرأت بغضب ممزوج بالدهشة خبرا مفاده عزم فرنسا انشاء قناة تلفزيونية في المغرب لتحسين صورتها. الا ان الاغرب في الموضوع هو مساهمة المغرب في انشائها بالمال العام الذي هو ملك لجميع المغاربة. فبعد ان نهبت ثروات المغرب وقضت علي هويته خلال تواجدها الاستعماري، فلقد دأبت فرنسا في مرحلة ما بعد الاستعمار علي انجاز مخطط رهيب يعيق اي استقلال حقيقي للمغرب مستعينة في ذلك بعملاء وضعتهم في مراكز القرار فتم استبعاد الوطنيين المخلصين وتهميشهم والمساعدة علي اغتيالهم.فالمرحلة الاولي من هذا المخطط كانت تقضي بربط الاقتصاد المغربي بالكامل بالاقتصاد الفرنسي. ويمكن ان نجزم اليوم ان هذا المشروع قد انجز بنجاح باهر خصوصا بعد سياسة الخوصصة التي اتبعها الوزير الاول السابق الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي فهذه السياسة لم تستفد منها الا الشركات الفرنسية.فقطاع الخدمات من ماء وكهرباء واتصالات تم بيعه بالكامل الي شركات فرنسية بعد اللجوء بطريقة صورية الي نظام طلب عروض المتبع في هذه الحالات.فاتصالات المغرب التي يفتخر البعض بحيويتها وديناميتها ليست في الواقع الا شركة تابعة لفرانس تليكوم الفرنسية ومعتمدة علي طريقتها في التسيير وعلي اللغة الفرنسية في تعاملها مع زبائنها.اما النظام المصرفي فهو مرتبط كليا بالمصارف الفرنسية الكبري. ولا يوجد الآن اي مصرف مغربي مستقل بذاته.اما المرحلة الثانية من هذا المخطط الاستعماري فطالت الاعلام عبر الاستعانة بالفرانكفونية كوسيلة للقضاء علي الهوية العربية للمغرب وتهميش لغته العربية باعتبارها لغة تخلف وارهاب.فهذه الهيمنة علي قطاع الاعلام انطلقت منذ اكثر من عقد عبر انشاء اذاعة البحر الابيض المتوسط بطنجة تحت اشراف مدير فرنسي مقرب من الرئيس شيراك. فهذه الاذاعة التي انشئت جزافا تحت مسمي حوار الحضارات ليست في الواقع الا اذاعة فرنسية يتم تمويلها بمال كل المغاربة من اجل نشر الثقافة الفرنسية والفرانكفونية بوصفها ثقافة حضارة وتقدم. بينما يقتصر دور اللغة العربية علي بعض نشرات الاخبار علي رأس كل ساعة.وتواصل هذا المد الفرانكفوني الاستعماري علي قطاع الاعلام ليمتد الي التلفزيون عبر انشاء القناة الثانية التي استحي من ذكر اسمها الفرنسي. فهي عبارة عن نسخة رديئة للقنوات الفرنسية. وقد اوكل اليها مهمة الدفاع عن الثقافة الفرانكفونية عن طريق استعارة كل البرامج الفرنسية وعرضها علي المشاهد المغربي دون مراعاة ثقافته ومشاعره. فهذه البرامج تبث بلغتها الفرنسية الاصلية دون ان تقوم القناة بأي مجهود لتعريبها احتراما لمشاهديها. وهكذا تظل هذه القناة الممثل الرسمي لفرنسا والناطق باسمها وباسم النخب الفرانكفونية المغربية التي اختارت لنفسها مسايرة الاستعماري وثقافته علي حساب ثقافة ومصالح الوطن.اسامة مغفورباريس6