الإسلام والمسلمون

حجم الخط
0

الإسلام والمسلمون

د. محمد صالح المسفرالإسلام والمسلمونفي برنامج سياسي بثه تلفزيون الجزيرة الاتجاه المعاكس ، تعرض احد المشاركين بالنقد والتحليل السياسي للمواقف السياسية التي مارسها آية الله السيستاني منذ احتلال العراق من قبل الجيوش الأمريكية والبريطانية عام 2003 ومواقفه من مقاومة الاحتلال والانتخابات والمشاركة في العملية السياسية. ولما كان الشيخ السيستاني رمزا من الرموز الدينية في الفقه الجعفري وله أتباع ومقلدون في الشأنين السياسي والديني، فمن حق الآخرين تناول فكره السياسي بالنقد والتحليل، خاصة إذا كانت تلك المواقف تمس الوطن وسيادته واستقلاله.لست هنا بصدد تحليل ما جاء في ذلك البرنامج أو نقد الفكر السياسي لآية الله السيستاني وإنما سأحاول إلماع النظر في ردود الفعل التي حدثت نتيجة لما قيل في ذلك البرنامج. في هذا السياق خرجت مسيرات جماهيرية إلي الشوارع في بعض مدن العراق تنادي بالويل والثبور للمفكر السياسي العربي الذي ينتمي إلي المدرسة الفقهية التي يعتنقها السيستاني لمجرد نقده لأفكار ذلك الفقيه، بل تعدي التهديد شخص صاحب الرأي ليشمل مقدم البرنامج والمحطة بكاملها، واستدعي السفراء وقدمت مذكرات احتجاج وكأن أزمة عالمية وقعت. الحكومة العراقية المؤقتة وغير الشرعية من الناحية السياسية تدعي أنها ديمقراطية وأنها تقبل بالرأي الآخر، وأنها جاءت علي أنقاض نظام لم يكن ديمقراطيا في عرفها، فلماذا تسير المسيرات في الشوارع وتفتح كل وسائل إعلامها للنيل من محطة الجزيرة ومن كل صاحب رأي يخالف رأي أو آراء تلك الحكومة المؤقتة. إنها الديمقراطية الانتقائية الجورج بوشية .السؤال الذي يطرح الآن هو، هل تمثل هذه المواقف حرصا علي الدين ورموز الطوائف الدينية أم حرصا علي الوطن وسيادته ووحدة أراضيه؟ إذا كان الأمر الثاني فكلنا شركاء في الوطن ويجب أن لا يستأثر احدنا بالوطن دون الآخر، كما انه ليس من المقبول بأي حال من الأحوال أن يروض الدين ويسيس لصالح فئة داخلية أو خارجية، أما إذا كان الأمر الأول ـ الدين والرموز الفقهية ـ فتعالوا لحوار بناء، قرأنا وسمعنا تطاولا علي اقرب الناس لرسول الله محمد عليه السلام، وقرأنا وسمعنا وما برحنا نقرأ ونسمع ما يقال في بعض خلفاء رسول العدل والحرية والمساواة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وقرأنا وسمعنا ما يقال عن بعض المحدثين عن رسول الله مثل عبد الله بن مسعود وأبي هريرة الدوسي وغيرهم، قرأنا وما زلنا نقرأ ما يكتب عن الإمام محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية، ولم تهتز أركان دنيا الإسلام والمسلمين، لا لان أتباع هذه المدارس الفقهية يؤمنون بشرعية وعلم ورجاحة عقل أهل رسول الله وخلفائه وصحابته وإنما لأنهم امنوا بالحوار الفكري البناء كحوار المراجعات الذي قاده الأزهر.كنا قدّرنا وآزرنا ايه الله روح الله الخميني ـ رحمه الله ـ عندما تصدي بفقهه ونفوذه للكاتب سلمان رشدي الذي تطاول علي ديننا وشوّه سمعة زوجات رسول الله وشخص الرسول العربي محمد عليه السلام، لكن أين آية الله السيستاني من الهجمة الشرسة وغير المبررة التي تقودها صحافة الدانمرك، ومن بعدها صحافة النرويج التي راحت تحط من مكانة النبي المصطفي محمد بن عبد الله عليه السلام؟ لقد امتدت الهجمة علي المسلمين إلي استراليا حيث يتعرضون لأبشع أنواع الاضطهاد بسبب دينهم ولا يصدر موقف واحد من المرجعيات الدينية التي أخرجت الجماهير في بعض العواصم وأصدرت بيانات التنديد لنقد فكر سياسي لأحدهم، كنت أتوقع كغيري من المسلمين الصادقين أن يصدر الفقيه السيستاني وآية الله خامنئي فتوي دينية بتحريم التعامل مع الشركات الدانمركية والنرويجية والاسترالية لكونهم أذنوا بشن حرب إعلامية تثقيفية في بلادهم ضد الإسلام والمسلمين وعلي قمتهم رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام.آخر القول: ما برح الموقف ضد ديننا ونبينا يتصاعد فهل من موقف قوي يواجه ما يلاقيه الإسلام والمسلمون من تشويه ودعايات مغرضة؟ موقف يحسب له ألف حساب في عالم اليوم؟ آمل في أن نسمع مثل هذا الموقف رغم أن واقع الحال لدي الدول العربية والإسلامية لا ينبئ ولا يبشر بذلك. لقد وقف العالم كله يدين تصريحات الرئيس الإيراني حول تاريخ الهلوكوست، وقامت الحكومات والمنظمات والجمعيات المؤيدة للصهيونية بحملات شرسة ضد تلك التصريحات، وما زالت تثير الضجة تلو الضجة ضد إيران ورئيسها الجديد. فهل نري موقفا عربيا أو إسلاميا يدافع عن قضايانا العادلة؟ هل نسمع عن فتوي من شيوخنا ومرجعياتنا الدينية يقفون في وجه كل من يتطاول علي ديننا ونبينا الكريم؟ ما زلت آمل في ذلك، وان غدا لناظره قريب! 9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية