الأفكار والاقتراحات القديمة الجديدة الداعية الي ترحيل المواطنين العرب عنصرية ولا تخدم مصلحة اسرائيل
تُقوي فرص الذين لا يريدون السلام من الطرفينالأفكار والاقتراحات القديمة الجديدة الداعية الي ترحيل المواطنين العرب عنصرية ولا تخدم مصلحة اسرائيل مؤتمر هرتسليا الأخير عاد ليضع بعض المواضيع بالغة الأهمية علي رأس جدول الأهميات في النقاش الدائر بين اوساط الجمهور في اسرائيل. وأحد هذه المواضيع المهمة والجادة هو العودة الي طرح الاقتراح القديم الذي يُعني بمسألة دراسة اقتراح تبادل المناطق والسكان بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية في اطار التسوية السياسية النهائية لهذا النزاع. وعلي سبيل المثال نقل قري وتجمعات سكنية عربية في منطقة وادي عارة، مثل مدينة أم الفحم والطيبة، الي مناطق حكم السلطة الفلسطينية، وذلك مقابل اجراء تعديلات حدودية في منطقة اريئيل. هذا ليس اقتراحا شاذا واستثنائيا، بل لقد سبق وأن طرحه البعض وتمت دراسته والنقاش حوله في أكثر من هيئة واطار اكاديمي وجماهيري، بل لقد تمت مناقشته ايضا في أطر حكومية رسمية.هناك أساس لمثل هذا الاقتراح الذي يسلب الألباب ، والداعي الي نقل مناطق مأهولة بالمواطنين العرب الي داخل منطقة سيادة السلطة الفلسطينية، وهذا الاقتراح يحظي بتأييد أوساط غير هامشية من بين الجمهور الاسرائيلي علي مختلف فصائله من الذين يخشون من احتمال فقدان طابع الاغلبية اليهودية في الدولة، وكذلك بتأييد أقلية عنصرية من التي لا تحب ولا تقبل بدولة اخري غير وطنها، وكذلك غير هؤلاء من الذين لا يؤيدون إلا شعب الوطن الأم الذي يحارب دولة اسرائيل ولا يرغب في استمراريتها. مثل هذه العملية (تبادل المناطق) تسمح بإبقاء اغلبية يهودية، وفي نفس الوقت تعني عدم تفكيك هذه المستوطنات اليهودية. وعلي عكس الاتفاقية الموقعة مع الاردن، والتي أقرت مسألة تبادل مناطق بينه وبين اسرائيل حيث كانت هذه المناطق غير مأهولة ، فان ما يتحدثون عنه الآن يعني (عكس النموذج الاردني) نقل مواطنين اسرائيليين بصورة الإملاء والإجبار القسري ودون موافقتهم، فهل مثل هذا الاقتراح جائز وممكن من الناحية القانونية علي الأقل؟.القانون الدولي لا يسمح بنقل مواطنين سكان دولة أ الي دولة ب دون موافقتهم، خصوصا اذا كان هذا النقل الإجباري بقصد وبنوايا سيئة ومعروفة سلفا وتصطدم مع حقوق الانسان وحق المواطن بالعيش في بلده ، ولا سيما اذا كان ما نتحدث عنه يمكن وضعه في قالب واضح آخر يقول نقل هؤلاء المواطنين الإجباري من دولة ديمقراطية متطورة الي دول نامية من العالم الثالث . هناك نص واضح في القانون الدولي ينص علي حق الانسان بالبقاء ، ليس فقط من الناحية الجغرافية، بل من الناحية الحياتية الوظيفية التي تحافظ علي مستواه المعيشي والتطوري وحقوق مواطنته والحفاظ عليها.لقد سبق وأن تم حظر اللجوء الي مثل هذه الأفكار الخاصة بنقل السكان بين الدول دون موافقتهم ، وذلك ما ورد في البند السادس عشر من وثيقة اعلان حقوق الانسان الذي يحفظ حق الشعب المولود في دول مستقلة منذ عام 1989، وكذلك تم تأكيد مثل هذا البند في القرار الذي جري التصويت عليه في الجمعية العامة للامم المتحدة في عام 1967، حيث ورد فيه نص صريح يقول: إن القيام بعملية نقل، تهجير، للسكان من دولة الي اخري دون موافقتهم تعتبر غير قانونية ، ولكي يتم الحفاظ الأكيد علي مثل هذا الحق بالمواطنة، وردت في صياغة البند السابع عبارة تقول: لا يجوز عدم تفعيل هذا البند (أي جعله غير ملزم قانونيا) عن طريق الاتفاق بين دولتين والتهرب من تنفيذه. ما هو الحل الممكن والمطلوب؟ يمكن السماح لمجموع السكان المنوي نقلهم من دولة الي اخري التمتع بحقهم في الاختيار وتقرير المصير، وذلك بأن يختاروا هم انفسهم الدولة التي يريدون العيش فيها، سواء البقاء حيث هم أو الانتقال الي الدولة الثانية، وسواء كان ذلك الاختيار بالطريقة الفردية لكل مواطن أن يتخذ القرار المناسب له، أو عن طريق اجراء تصويت علي مثل هذا الاقتراح واختيار الإجابة المناسبة. هذا الاقتراح سيبدو غير واقعي، بطبيعة الحال، لأن الغالبية العظمي من الذين سيُوجه اليهم السؤال سوف يختارون البقاء والعيش داخل وتحت سيادة دولة اسرائيل. وفي مثل هذه الحالة، فان السوابق القديمة التي حدثت في اوروبا تسمح بايجاد دوافع نفسية واقتصادية يمكن لها أن تشجع هذا الانتقال وتُرغّب السكان فيه. وهناك اقتراح آخر يمكن دراسته في هذا السياق، وهو أن تسمح اسرائيل لهؤلاء المواطنين بحق الاحتفاظ بالجنسية الاسرائيلية، أي أن لا تسحب منهم حق المواطنة، وبذلك يحتفظون بها الي جانب الجنسية الثانية التي يتم نقلهم اليها. لكن، مثل هذا الاقتراح سيكون سببا في يوم من الايام ببروز مشكلة الاخلاص والولاء للدولة اذا ما ثارت خلافات، أو لدي وقوع نزاع بين دولتي الجنسيتين، الي جانب مشكلة حقوق الانسان. فحسب بنود القانون الدولي، فان المواطنة تنتقل وتستمر علي مدي جيل واحد فقط، أي أن أحفاد هؤلاء الذين نتحدث عن انتقالهم، سوف يفقدون مع مرور الوقت حقهم في الجنسية الاسرائيلية الاولي. وفي مثل هذه الظروف قد يكون من الأسلم ترك النقاش في مثل هذه الاقتراحات الخاصة بنقل السكان، والاهتمام بدلا من ذلك الي ما يُطور ويحافظ علي الاغلبية اليهودية في الدولة.ليئور أورغادمحلل ومدرس للقانون في المركز الاقليمي ـ هرتسليا(معاريف) 26/1/2006