الأردن: البخيت أطاح بأقدم قيادات الرئاسة وجدل حول التعيينات
توقعات بوقف عطايا الوظائف لبعض الإعلاميين والتخلص من الحمولة الزائدة الأردن: البخيت أطاح بأقدم قيادات الرئاسة وجدل حول التعييناتعمان ـ القدس العربي ـ من بسام البدارين: لا أحد يذكر بالتحديد في عمان عدد رؤساء الوزارات الذين عمل معهم إداري من الطراز الرفيع إسمه سليم خير، فالرجل إحتفظ لسنوات بمنصبه كأمين عام لمجلس الوزراء وهو منصب حساس ومهم بكل الأحوال. وكثيرون ممن حملوا لقب دولة دخلوا مقر الرئاسة وغادروه فيما بقي خير في مكانه إلي ان قرر الرئيس معروف البخيت لسبب غامض حتي الآن تغيير قواعد اللعبة في الرئاسة. وخير معتاد علي اللعب في الكواليس وهو من وجوه العاصمة عمان البارزة. وتغيير من يعمل في موقعه لا يتطلب أكثر من قرار شخصي لأي رئيس حكومة وبالرغم من ذلك قررت سلسلة من الرؤساء تغيير كل شيء بإستثناء الأمين العام خير الذي كان يبقي في موقعه لأسباب مجهولة والذي أخرج من اللعبة قبل أيام فقط لأسباب مجهولة ايضا. لكن خروج خير لا يشكل الخبر الأهم هنا. فالأدسم هو التكنيك الذي يستخدمه الرئيس البخيت في الأحوال المماثلة، فلا يوجد في مجلس الوزراء تقريبا أكثر من إثنين فقط كانا يعلمان بان الأمين العام التاريخي بصدد الترجل عن مكتبه الاول علم من قناة قريبة جدا من الرئيس والثاني علم بالصدفة بعد إستخدام بعض ذكائه. وعموما شعر بعض الوزراء الذين يعتقدون بأنهم مهمون جدا او انهم اعمدة الحكومة بان الرئيس البخيت ما كان له بان يفاجئهم كغيرهم من موظفي الرئاسة بقرار مهم من طراز تنحية رجل كان بمثابة الأرشيف الإداري لمقر الرئاسة، لكن أيا من هؤلاء لم يعبر عن مشاعره علنا لإن المسألة إدارية بحتة وتخص صلاحيات الرئيس مباشرة ولإن البخيت في الواقع أثبت بانه رجل قادر علي إتخاذ القرار ولا يوجد محسوبون عليه او مقربون منه أكثر من غيرهم. وعليه من الواضح ان البخيت إحتفظ في جيبه ولأكثر من عشرة ايام بورقة تنحية سليم خير القوي دائما في الماضي ثم أخرجها ـ أي الورقة ـ في اللحظة المناسبة وبطريقة لائقة، معبرا عن إمتنانه وثنائه للخدمات الجليلة التي قدمها خير لسنوات طويلة. والأهم ان البخيت يخفي الآن في جيبه ايضا ورقة كتب عليها إسم البديل في موقع الامين العام للرئاسة وعندما يسأله بعض الوزراء بنية الحرص علي المصلحة الوطنية او بنية الفضول او بنية ترشيح بديل يبلغ الرجل بانه لم يقرر بعد وان المسألة تتعلق باللجنة المختصة بالمناصب العليا وهي لجنة شكلت في الواقع في عهد وزارات علي أبو الراغب وفيصل الفايز وعدنان بدران وإجتمعت عدة مرات لكن قرارات التعيين لم تكن تتخذ بواسطتها او من خلالها.وبعض الحشريون يقولون بان البخيت حدد هوية من يريد إجلاسه إلي جانبه كأمين عام للرئاسة لكنه يريد ان يستخدم نفس التكتيك في العمل الصامت الذي يعفيه من الضغوط والتداخلات والنصائح الوطنية لكن في النهاية اثبت الرئيس مسألتين انه يتشبث جيدا بصلاحياته القانونية والعملية وانه مصر علي قاعدة جديدة في عالم الرؤساء وهي العمل مع مجلسه الوزاري منفردا بمعزل عن الأفران الأخري في الدولة ومؤسساتها وتلك بحد ذاتها وصفة إصلاحية كان يطالب بها أشد المعارضون للحكومات وأكثر الليبراليون ليبرالية. وبنفس الطريقة اطاح البخيت بمجموعة كبيرة من موظفي الحمولة الزائدة العاملين كمستشارين لا يستشارون في مقر الرئاسة وأسس لتجربة مديريات جديدة في مقر الحكومة ويقال علي ذمة الرواة ان الرجل ساهم عندما كان في الديوان الملكي في إعادة إنتاج المشهد الوظيفي هناك عبر إقالة أحد عشر مستشارا دفعة واحدة. والمفاجأة التي شعر بها الرأي العام في الواقع هي ان إبعاد نخبة مستشارين تصل لعشرين علي الأقل من مقر رئاسة الحكومة لم يكن قرارا ضارا او سلبيا بل اصبح العمل أكثر سلاسة والإجراء أسرع وأكثر شفافية ولم يشعر اي مواطن أردني علي الإطلاق بغياب الجهاز الإستشاري الضخم الذي لم يكن يستشار في الواقع والذي كان من بين أعضائه من لا يحمل شهادات الحد الأدني. ومن الثابت ان الرئيس البخيت خلق الإيحاء الذي يريده للآخرين بالطريقة التي أبعد فيها الأمين العام لرئاسته بدون ضجيج وبدون مقدمات وبدون اي تكلفة وعلي نحو مفاجيء، وهذا الأمر يمكن إسقاطه علي مواقع عليا اخري في الدولة قريبا وحتي نبتعد عن الإستنتاجات القابلة للتحوير والتأويل نشير لمواقع تحديدا في المؤسسات الإعلامية الرسمية وغيرها.وفي الواقع لم يكتف البخيت بالإطاحات التي قام بها، فالرجل طلب من وزرائه أيضا ان يحذو حذو الديوان الملكي والرئاسة في ترتيب بيوتهم الداخلية والتخلص من الحمولة الزائدة تخفيفا للواسطة والمحسوبية وتحسينا للإنتاج الإداري ولذلك يتوقع قريبا سلسلة إحالات علي التقاعد وإنهاء عقود مستشارين وقد يشمل الأمرـ إذا إقتنع الرئيس ـ نخبة من الصحافيين والإعلاميين الذين حصلوا علي وظائف إستشارية لا يعملون بها ولا تناسبهم ولأسباب إنسانية فبعض هؤلاء خصصوا مواقعهم وعقودهم لخدمة مسؤوليهم ووزرائهم وليس لخدمة الدولة او حتي الحكومة. والقاعدة الغالبة في التعيينات العليا في الأردن تشير الي ان احدا لا يعرف لماذا يعين ولماذا يخرج في الواقع ولا أحد يعرف ايضا لماذا يحتفظ البعض بوظائفهم العليا رغم أخطائهم الكثيرة والمتكررة، والقاعدة نفسها تقول ان بعض الذين يظهر تماما انهم أبدعوا في مواقعهم العليا ينسحبون فجأة من الموقع الرسمي ويتخطفهم القطاع الخاص كما حصل مع مدير عام مؤسسة الضمان الإجتماعي الدكتور خالد الوزني الذي كان من إعلام الجهاز الإستشاري الإقتصادي في الديوان الملكي قبل ان يخرج من وظيفته إثر خلاف مع وزير العمل باسم السالم حاول خلاله الوزني الحفاظ علي الآلية المستقرة منذ عقود فيما يخص إستثمارات مؤسسة الضمان الإجتماعي التي تعتبر المؤسسة الأكثر نجاحا في القطاع العام منذ نصف قرن. لكن الوزني الذي رفض منصبا وزاريا في الماضي أخلي موقعه المهم قياسا بالمناصب العليا وإتجه لإدارة شركة إستثمارية ضخمة في مدينة العقبة وبإمتيازات مالية أكبر كثيرا من إمتيازات الموقع الرسمي، لكنه فعل ذلك تاركا وراءه الكثير من الأسئلة حول آلية التعيينات في المواقع العليا والعمل الحقيقي للجان وزارية يفترض أنها معنية.لكن المقربين من البخيت يقولون انه سيضطر لتغيير هذه القواعد إذا كان جادا في تطبيق إصلاحات إدارية تتواءم مع الإيجابية التي ظهرت منه حتي الآن خصوصا وان صحف المعارضة مثل السبيل تصر علي نشر تقارير موسعة عن تكلفة موظفي الفئة العليا والعقود في بلاد تعاني من ضائقة إقتصادية وستواجه في عام 2007 معضلة يجري البحث عن حل لها إسمها خدمة الدين الخارجي .