الأحادية الشارونية بعبارتها الشهيرة!
جواد البشيتيالأحادية الشارونية بعبارتها الشهيرة! علي أن.. ولن.. . هذا هو القالب اللغوي الذي فيه تُسكب السياسة الشارونية لحزب كاديما ، ورئيسه، خليفة شارون، ايهود اولمرت، في جانبها الخاص بالشريك الفلسطيني، الذي تقضي المصالح والأهداف الإسرائيلية الكامنة في نهج الحل الأحادي الجانب بأن يظل معدوما، غير موجود، إلي أن يستوفي شروط إسرائيل لخروجه من العدم إلي الوجود.اولمرت لبس لبوس الاعتدال والمرونة، ولكنه كان لبوسا رقيقا شفافا، لا يقوي علي ستر عورته، وهي إصراره علي أن لا شريك فلسطينيا لإسرائيل في مفاوضات السلام، التي لا وجود لها حتي الآن، فقال إن مسار الجدار لن يكون هو ذاته الحدود السياسية لإسرائيل، التي، بحسب زعمه أيضا، تريد حلا عبر التفاوض السياسي لمشكلات عديدة مع الفلسطينيين لم تُحل بعد، وتريد أن تكون للفلسطينيين دولة متصلة إقليميا.. علي أن يلبي الفلسطينيون، وحماس علي وجه الخصوص، شروطا ومطالب إسرائيلية، لا بد لهم من تلبيتها إذا ما أرادوا إقناع إسرائيل بأنهم باتوا مستعدين للسلام، وناضجين سياسيا بما يكفي للاعتراف، ثانية، بقيادتهم علي أنها شريك.. ولكنهم، في النصف الآخر من قوله الذي لم يقله، لن يتمكنوا أبدا من تلبية تلك الشروط والمطالب!إنها الجملة الشارونية ذاتها، فإسرائيل، في اعتدالها ومرونتها، تريد السلام، والحل عبر التفاوض السياسي، والدولة الفلسطينية المتصلة إقليميا، علي أن يلبي الفلسطينيون هذا الشرط وذاك، هذا المطلب وذاك، ولن يلبوا، فالشروط والمطالب التي تدعو الفلسطينيين إلي تلبيتها إنما هي، دائما، من النمط الذي يسمح لإسرائيل بإظهار نفسها للعالم علي أنها محبة للسلام، ساعية إليه، تبذل في سبيله الغالي والنفيس، ولكنه يُعجز الفلسطينيين، ولو كانوا في منتهي الاعتدال والمرونة، عن تلبيته بما يكفي لإعجاز الإسرائيليين عن الاستمرار في الادعاء بأن لا وجود للشريك الفلسطيني.قديما، كانت إسرائيل تعارض تعيين حدودها من جانب واحد، بدعوي أنها تريد لمفاوضات واتفاقات السلام مع جيرانها أن تكون الطريق المؤدية إلي تعيين حدودها الدائمة حتي تكون حدودا آمنة معترفا بها عربيا. أما الآن فيعتزم اولمرت، بصفة كونه رئيس الحكومة الإسرائيلية التي ستنبثق من الانتخابات العامة المقبلة، إقناع إدارة الرئيس بوش، وقوي دولية أخري، بتأييد إسرائيل في سعيها إلي تعيين حدودها الدائمة من جانب واحد في الضفة الغربية، وبما يتفق مع مصالحها، إذا لم تغير حماس مواقفها، وإذا لم يتأكد وجود شريك فلسطيني تفاوضه حكومة اولمرت المقبلة. وينظر اولمرت إلي حل كهذا لمشكلة الحدود، وإلي احتفاظ إسرائيل بغالبية يهودية، علي أنهما جوهر خطة فك الارتباط الثاني التي بموجبها، أيضا، يُجمَّع المستوطنون في الكتل الاستيطانية الكبري، ويظل الجيش الإسرائيلي محتفظا بسيطرته في المناطق الفلسطينية التي أُخرِج منها المستوطنون إلي أن يظهر شريك فلسطيني تثق به إسرائيل. وبحسب الحجج الإسرائيلية ذاتها، يحق لإسرائيل أن تعيِّن حدودها من جانب واحد في مرتفعات الجولان السورية، فالأسباب التي تجعل إسرائيل ترفض الاعتراف بوجود شريك فلسطيني هي ذاتها تقريبا التي قد تحملها علي رفض الاعتراف بوجود شريك سوري. علي أن تعتدل حماس، ولن تعتدل . وعملا بهذا القول الشاروني الذي خرج من فم اولمرت، ستُنفذ خطة فك الارتباط الثاني التي بمقتضي منطقها ينبغي لحماس أن تعرف من التغيير والاعتدال والمرونة ما يؤدي إلي ظهور شريك فلسطيني ليس في مفاوضات السلام التي لن تقوم لها قائمة قبل استنفاد الأحادية الشارونية، وإنما في جعل التهدئة الممدَّدة هدنة طويلة الأجل، هي الأحادية الشارونية في امتدادها الفلسطيني الذي طالما حذَّرنا من مغبته. 9